• مصر وتونس والمغرب والجزائر الأقرب للاستفادة من حرب التجارة
• أكبر الخاسرين جراء تلك الحرب أمريكا.. والمنطقة العربية تأثيرها سيظهر في تراجع أسعار الطاقة
توقع رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق ومؤسس ورئيس مجموعة السارا العالمية، أن يتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن المبادرات والتعريفات التي أعلنها، مشيرا إلى أن مصر وتونس والمغرب والجزائر الأقرب للاستفادة من حرب التجارة.
وقال في مقابلة معCNN الاقتصادية، إن الحرب التجارية التي يشهدها العالم أخيراً لم يتوقعها أحد، وأنها ستصل إلى هذا المدى لأسباب كثيرة، خاصة أن الدستور الأميركي لا يمنح الحق للرئيس الأميركي في الانفراد بالاتفاقيات التجارية ولا التعديلات على التعريفات الجمركية، وأنه حق أصيل للكونجرس فقط.
وحول استفادة دول المنطقة العربية من حرب الرسوم التجارية، قال رشيد إنه على المدى القصير هذه الإجراءات ستُحدث انحساراً للاقتصاد العالمي مدفوعة بتراجع حركة التجارية العالمية، ولعل أكبر الخاسرين جراء تلك الحرب التجارية هي أميركا نفسها، أما المنطقة العربية فستواجه دول المنطقة تراجعاً في أسعار الطاقة وهذا أقرب تأثير.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد فرض رسوماً جمركية جديدة وصلت إلى 145% على الواردات الصينية، بينما ردّت بكين بفرض رسوم بلغت 125%.
وأشار إلى أن الطريقة التي تم الإعلان عنها للتعريفات الجمركية فاجأت العالم أجمع، خاصة أن طريقة حساب وتطبيق هذه التعريفة غير معلوم بالمرة، وفقاً لأداوت القياس المنصوص عليها في منظمة التجارة العالمية، خاصة أن أي تعريفة جمركية تخرج وفق بنود وسياسة صناعية معروفة لا تختلف من دولة إلى أخرى، على سبيل المثال أن أفرض رسوماً جمركية على دولة لا تنتج البن أو الموز.
كذلك أضاف رشيد أن ما حدث كشف عن مفاجأة جرت أسواق العالم إلى خلل كبير في المنظومات الصناعية والتجارية التي تتعامل مع الولايات المتحدة الأميركية، وانخفضت المعلات التجارية لأميركا بنحو 30% في أقل من أسبوع من إعلان التعريفات، حتى وصلنا إلى نقطة إرجاء تطبيق التعريفات الجمركية 90 يوماً، لذلك نحن أمام علامات استفهام كبيرة، وكمثال تفاوضت أميركا خلال فترة ولاية ترامب الأولى مع المكسيك وكندا في بعض بنود الاتفاقيات التجارية استغرقت نحو 18 شهراً، فكيف في 90 يوماً يريد ترامب الدخول في مفاوضات مع ما لا يقل عن 200 دولة.
أضاف أن أكبر ملف حالياً هو الملف الأميركي الصيني، والعالم أجمع ينتظر نتيجة تلك المواجهة، والأرقام تكشف تفوق الجانب الصيني، حيث يبلغ حجم التعاملات بين الطرفين نحو 500 مليار دولار، 450 ملياراً منها صادرات صينية إلى أميركا مقابل 150 ملياراً من أميركا إلى الصين.
ولخص رشيد المشهد بين واشنطن وبكين بأن المشهد يترجم حالة واضحة، هي أن قدرة الصين على التفاوض أكبر من قدرات أميركا، لكن لا يمكن أن نغفل أن هناك عوامل سياسية ستدخل في حسم الموقف.
وحول مزايا البروتوكولات التجارية العربية الأميركية كالمناطق الصناعية المؤهلة المعروفة بـ«الكويز» وتأثيرها على الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة، قال رشيد إن التعريفة الجمركية والاتفاقيات التجارية هي منظومات لنقل الاستثمارات والمصانع، لذلك لا بد من التوسع في الاتفاقيات لجميع دول المنطقة مع الجانب الأميركي وكذلك باقي العالم، والكويز أو غيرها من الاتفاقيات بالنسبة لمصر على سبيل المثال لن تختفي، والعامل المؤثر هو الميزان التجاري الذي يميل نحو الجانب الأميركي، وهي ميزة تنافسية تستدعي وجود مفاوضات جديدة مع أميركا.
أما ما يخص سوق السلع الفاخرة عامة ومجموعة السارا خاصة، فقال رشيد إن جميع الأسواق قد تتعرض لركود نسبي سواء فاخرة أو معمرة أو استهلاكية، ستتفاوت هذه النسبة من سلعة إلى أخرى حال حدوث ركود بالفعل، لكن سوق السلع الفاخرة تعرض بالفعل لركود نسبي قبل رسوم ترامب وذلك بعد فترة رواج كبيرة أعقبت فترة وباء كورونا.
كذلك تأثرت السلع الفاخرة بتراجع الطلب في الصين، كما كان من المتوقع بحدوث طفرة إيجابية في السوق الأميركي، لكن ما حدث هو العكس نتيجة فقدان الثقة من المستهلك الأميركي في جميع الإجراءات التي اتخذت من جانب الرئيس سترامب، كان هناك توقع بزيادة 50% لمبيعات السلع الفاخرة خلال 2025، تمت مراجعة هذا الرقم أي أنه سينخفض، بحسب رشيد.
وفي ما يخص أعمال السارا، قال رشيد إن مجموعة السارا تدير أصول في مجال السلع الفاخرة والسلع الاستهلاكية بنحو 10 مليارات دولار في عدد من الشركات، ولفت رشيد إلى أن السلع الاستهلاكية أمام فرص كبيرة للنمو خلال السنوات المقبلة، مؤكداً أن السارا تنظر بعين الاعتبار لأسواق كثيرة، خاصة الخليج، وضرب مثلاً بدولة الإمارات التي أحدثت طفرة كبيرة في مجال السلع الفاخرة، كذلك السعودية في ما يخص السلع المبتكرة، وقطر في ما يخص السلع الفاخرة والصناعية.
وحول موقف مصر قال رشيد إن لديها مقومات كبيرة للوصول لـ100 مليار دولار صادرات، خاصة ملف الطاقة وتطور البنية التحتية، ويعزز ذلك الموقع والاتفاقيات الدولية التجارية لها، متوقعاً أن تحقق مصر هذا الرقم خلال عامين على الأكثر مع الاهتمامات الموجودة حالياً لمنظومة التصدير.
وفي ما يتعلق بارتفاع سعر صرف الجنيه أمام الدولار في مصر الى نحو 50 جنيهاً، قال رشيد محمد رشيد لا أحد كان يتوقع وصول سعره إلى هذا الرقم، كذلك لا أحد كان يتوقع ما حدث في بشكل عام في 2011، لافتاً إلى أن تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار يعد حافزاً للسياحة والاستثمار، وعلينا دائماً أن ننظر للجانب الإيجابي من أي تغيير يطرأ علينا.