- جراح العظام البريطاني جرايم جروم للأناضول:
ما يجري على الأرض في غزة لا يمكن وصفه بوقف إطلاق نار
- ما زال القصف الإسرائيلي مستمرا والفلسطينيون جوعى
- ما تفعله إسرائيل بغزة ليس حربا بل مجزرة وحشية للقتل والتشويه الجماعي
- يجب فتح المعابر والسماح بدخول الغذاء والدواء لعدم كفاية الكميات الحالية
قال جرّاح العظام البريطاني جرايم جروم، إن ما يجري على الأرض في غزة لا يمكن وصفه بوقف إطلاق نار؛ لأن القصف الإسرائيلي لا يزال مستمرًا والناس يموتون يوميًا من الجوع، داعيا إلى وقفٍ كامل للهجمات الإسرائيلية كخطوة أولى لتحقيق السلام.
جاء ذلك في مقابلة مع "الأناضول"، على هامش مشاركة جروم في منتدى "تي آر تي وورلد" في إسطنبول، الذي انعقد قبل أيام تحت شعار "إعادة التشكيل العالمي: من النظام القديم إلى الحقائق الجديدة".
وأوضح جروم، الذي يشغل منصب الرئيس المشارك لمنظمة الإغاثة الطبية البريطانية، أن الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها في غزة هي وقف الهجمات الإسرائيلية فورًا، لتحقيق السلام.
وأشار إلى أن "الإغاثة الطبية البريطانية" تعمل في غزة منذ عام 2009، وأن نشاط المنظمة ازداد بشكل ملحوظ بعد عام 2014.
ورغم سريان وقف إطلاق النار بغزة منذ 10 أكتوبر المنصرم، وفقا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن إسرائيل خرقته أكثر من مرة، وقتلت وأصابت مئات الفلسطينيين.
وتتضمن المرحلة الأولى لهذا الاتفاق، وقفا للحرب وانسحابا تدريجيا للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وتبادلا للأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية، بينما تشمل مرحلته الثانية نشر قوة دولية لحفظ السلام ونزع سلاح حماس وإعادة إعمار القطاع.
وسبق هذا الاتفاق، حرب إبادة جماعية استمرت لعامين منذ 8 أكتوبر 2023، قتلت فيها إسرائيل أكثر من 68 ألف فلسطيني وأصابت ما يزيد عن 170 ألفا آخرين، معظمهم أطفال ونساء.
- مجزرة وحشية
ولفت جروم، إلى أنه زار غزة أكثر من 40 مرة قبل حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة.
وأضاف أن "ما يجري هناك اليوم ليس حربًا، بل مجزرة وحشية تهدف إلى القتل والتشويه الجماعي".
وتابع: "منذ بداية العدوان، أرسلنا فرقنا 16 مرة، ودخلتُ أنا شخصيًا إلى غزة 4 مرات، لكن في الفترة الأخيرة رفضت السلطات الإسرائيلية طلباتنا للدخول".
وأوضح أنهم عندما يتمكنون من دخول غزة، يعملون ضمن فريق من الجرّاحين وأطباء التخدير لمدة تتراوح بين 3 و4 أسابيع متواصلة دون انقطاع.
ومضى قائلا: "نقضي أيامنا بين الأجساد الممزقة والأطراف المبتورة، ونشهد بأعيننا أهوال ما يجري في غزة".
- الموت جوعا
وعن الوضع الإنساني الكارثي، تحدث الطبيب البريطاني: "لا شيء متوفر في غزة بالكميات الكافية. إذا سألتموني عن الحاجة الأولى، سأقول إنها وقف القصف".
وتابع: "نعم، يجري الحديث حاليا عن وقف لإطلاق النار، لكن القنابل ما زالت تسقط. الحديث عن وقف إطلاق نار بينما القصف مستمر أمرٌ أشبه بالسخرية".
وأضاف: "قبل وقف إطلاق النار كان يُستشهد يوميًا أكثر من مئة فلسطيني، والعدد نفسه تقريبًا يُستشهد الآن رغم الحديث عن الهدوء".
وأشار جروم، إلى أن المساعدات الغذائية لا تصل إلى مستحقيها، موضحًا: "على بُعد خطوات من أماكن توزيع المساعدات الغذائية، يموت الناس جوعًا، بعد وقف القصف، يجب أن يكون أول ما نقوم به هو تقييم حالة المنشآت الطبية المتبقية. صحيح أن حجم الدمار كبير، لكن ما زال بالإمكان تشغيلها إن توفرت الموارد والدعم".
وبرأيه، فإن دعم المستشفيات القائمة "أكثر جدوى وأقل كلفة من إرسال مستشفيات ميدانية".
وأوضح أن المستشفيات الميدانية في غزة "تفتقر إلى التجهيزات الأساسية، فلا يوجد فيها مولدات أوكسجين ولا أسرّة عناية مركزة ولا إمكانية لإجراء عمليات نقل دم. لهذا فهي لا تستطيع علاج الحالات الحرجة. الحل الحقيقي هو إعادة تشغيل المستشفيات الدائمة بأسرع وقت ممكن".
- أسلحة الحاجة
وأكد جروم، أن النقص الحاد في المعدات والأدوية أعاد طرق العلاج في غزة إلى ما كانت عليه قبل أكثر من مئة عام.
وقال: "كل شيء في غزة يُستخدم كسلاح. المرضى لا يستطيعون التعافي بسبب الجوع، وجروحهم تُصاب بالالتهابات لأن الأطباء والممرضين أنفسهم لا يجدون ما يأكلونه".
وأضاف: "بالنسبة لنا، يبدو أن الغذاء يُستخدم كسلاح، والمياه تُستخدم كسلاح، وحتى الوقود والحاجات الأساسية للحياة تُستخدم كأسلحة ضد المدنيين".
وأشار الطبيب البريطاني إلى أن أكثر من 1700 من العاملين في القطاع الصحي فقدوا حياتهم منذ بدء العدوان، مضيفًا: "هؤلاء لم يكونوا مجرد أرقام بالنسبة لنا، بل زملاء وأصدقاء عملنا معهم لسنوات طويلة".
- ضرورات عاجلة
وقال جروم، إن الأولوية القصوى اليوم هي إنهاء الهجمات الإسرائيلية بشكل كامل، مضيفًا: "من الجميل أن نتحدث عن وقف إطلاق النار، لكن وقفًا يترافق مع وقف القصف ليس وقفًا لإطلاق النار وحسب. يجب أن يتوقف كل ذلك فورًا".
وأضاف: "ثانيًا، يجب فتح المعابر والسماح بدخول الغذاء، لأن الكميات التي تدخل الآن غير كافية. ثالثًا، يجب تسهيل دخول فرق الإغاثة والأطباء القادرين على المساعدة. ورابعًا، لا بد من توفير الأدوية والمعدات الطبية".
وأوضح أن منظمة الصحة العالمية أعدّت خطة لإعادة التعافي مدتها 60 يومًا بعد وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن المنظمات الصغيرة يمكنها أن تساهم بدورها في تنفيذ أجزاء من هذه الخطة.
واختتم الطبيب البريطاني، قائلًا: "شاركت في العديد من مناطق النزاع والكوارث بالعالم، لكن حتى لو جمعنا كل تلك المآسي معًا، فلن تضاهي ما يجري في غزة اليوم. فالحجم، والقسوة، واللاإنسانية التي نشهدها هناك لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر".