تعد عادات وتقاليد وأعراف القبائل البدوية في جنوب سيناء، دستورًا ينتهجه الجميع، وتتوارث عبر الأجيال، وعلى الرغم من دخول الحياة المدنية الحديثة داخل القرى وبعض الوديان، إلا أنهم مازالوا يتمسكون بهذه العادات خاصة التي تتعلق بالضيافة والكرم.
وتعتبر "العداية" و"المغالطة" من أشهر العادات الخاصة بكرم الضيافة، واستقبال الضيوف.
وقال الشيخ خليل الحويطي، من قبيلة الحويطات في جنوب سيناء، إن المقعد الخاص باستقبال الضيوف متاح لأي إنسان في أي وقت، والمحلي "المضيف" لا يعلم متى يأتي الضيف إليه فقد يطرقه صباحًا أو مساءً، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يتفاجأ صاحب المقعد بقدوم ضيف أو ضيوف أعزاء، يستحقون أن يقدم لهم ذبيحة في هذه الحالة يطلق عليهم في العرف البدوي "ضيوف الذبيحة".
وأوضح "خليل"، أنه في حالة قدوم الضيوف الأعزاء فجأة وكانت الأغنام في مراعي بعيدة يصعب الوصول إليها، هنا جعلت الأعراف البدوية للمحلي "حق العداية"، وتعني أن يعدو على أقرب أغنام يجدها في التجمع البدوي الذي يقطن فيه أو التجمعات القريبة منه ويأخذ منها شاه ليذبحها ويؤدي حق الضيافة.
وأكد أن هذا الفعل لا يشبه صاحبه ولا يضعه تحت طائلة المسئولية، ولكن لابد أن يقوم المحلي "المضيف" بإعلام راعي الأغنام بأنه أخذ الشاة لضيوف يستحقون الذبيحة، مشيرًا إلى أن العرف البدوي يتيح له مدة أسبوعين يرد خلالها إلى صاحب الشاه مثل التي أخذها.
جدير بالذكر أن أفراد القبائل البدوية اعتادوا على توفير واجب الضيافة داخل المقعد في جميع الأوقات وليس في المناسبات فقط بالتعاون فيما بينهم، فبعضهم يقدم الحطب لإشعال "الراكية"، والبعض الآخر يقدم الماء والسكر واللبن والأغطية والمفروشات، ويناوبون في تقديم الطعام، ويطلق على هذه المناوبات في العرف البدوي "قروه"، وكل بيت يعرف الدور الخاص به لتقديم القروه إلى المقعد.
كما يتغالط أبناء القبيلة فيما بينهم عندما يفد ضيوف إلى المقعد، لكي يحظى أحدهم بإكرام الضيوف ويقدم لهم وجبة دسمة "أي يذبح شاة"، لافتًا إلى أن "المغالطة" تعني أن كل شخص يرى أن هؤلاء الضيوف من حقه في الضيافة، ويختلفون فيما بينهم على إكرام الضيف وتقديم الطعام لهم، ومع إصرار الجميع على هذا الموقف، يجري رفع قضيتهم إلى أحد كبار المقعد.
ويجري البت السريع والفوري في مثل هذه القضايا، حتى لا ينتظر الضيوف وقتا طويلا، وسرعان ما يحكم القاضي لأحد أطراف النزاع بالفوز في حق إكرام الضيوف، وبعدها يقوم الفائز بانتقاء إحدى الشاة ويذبحها وطهيها وتقديمها للضيوف في المقعد، قائلًا: "حياكم الله يا ضيوف"، ويردون عليه: "تحيا وتدوم".