سانت كاترين مدينة جبلية وعدرة داخل محافظة جنوب سيناء، ورغم من وعورتها إلا أن تربتها بكر، وصالحة لزراعة جميع المحاصيل، خاصة المحاصيل ذات العائد الاقتصادي الكبير، مثل بنجر السكر، والفسدق واللوز، والنباتات الطبيعية "الطبية والعطرية" وغيرها، لكن ندرة المياه التي تتعرض لها المدينة نتيجة للتغيرات المناخية التي يتعرض لها العام، جعلها تعاني من أزمة في المخزون الجوفي للمياه الأمطار التي يستخدمها أهالي المدينة في أغراض الزراعة، ويرون أن التوسع في إنشاء السدود هو لحل لخزين مياه السيول.
وقال الشيخ جميل عطية، من مشايخ مدينة سانت كاترين، إن لمدينة تعاني من أزمة حقيقية في المياه نتيجة لتراجع كمية الأمطار التي تتساقط عليها عامًا بعد الآخر، مما أثر بشكل ملحوظ على نمو النباتات الطبيعية "الطبية والعطرية" بها، هذه النباتات كانت تنمو على مدار العام، لكنها صبحت ندرة فقط في فصل الشتاء، وجافة على مدار العام، إضافة إلى التأثير السلبي على جميع الزراعات التي تشتهر بها المدينة.
وأوضح جميل، أن سانت كاترين إن جميع جبالها ذات انحدارات مختلفة الاتجاهات، ويوجد فيها مخرات مياه على هيئة منحدرات جرانيتية صلبة، لتنزلق منها مياه الأمطار التي تجمعت على قمم الجبال، لكن هذه المياه معظمها مهدر ودون فائدة، لذا لبد من إقامة عددًا من السدود أسفل هذه المنحدرات الجبلية لتجميع المياه وتخزينها بكميات كبيرة، قبل اندفاعها في الرمال وبين الصخور لتفقد معظمها.
وأكد أن إنشاء السدود أسفل المنحدرات يسهم بدرجة كبيرة في تحويل جبل المدينة الصفراء إلى غطاء أخضر من النباتات الطبيعية ذات العائد الاقتصادي الكبير للدولة وأبناء المدينة، إضافة إلى التوسع في الزراعات الموسمية الهامة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة أن مياه المطار التي يجري تجميعها داخل حول السدود تظل داخل البحيرات لمدة لا تقل عن عامين.
وأشار إلى أن الهدف من إقامة هذه السدود في المقام الأول هو إنهاء أزمة المياه بالمدينة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المياه التي يستخدمها بدو المدينة في أغراض الشرب والزراعة لمدة لا تقل عن 10 سنوات، مؤكدًا أن الجبال التي تنحدر منها مياه الأمطار متقاربة، مما يقلل بدرجة كبيرة من ميزانية إنشاء السدود.
ولفت إلى أن الدولة أقامت عددًا من السدود بالمدينة بالفعل، وأثبتت نجاحها وقدرتها على تخزين مئات الأمتار من المياه، لذا لابد من التوسع في إنشاء سدود داخل الظهير الجبلي لتخزين آلاف الأمتار من المياه، مما يسهم في ظهور غطاء نباتي طبيعي على الجبال، وهذا الغطاء يسهم بدرجة كبيرة في عملية ترطيب المناخ، والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، إضافة إلى الحفاظ على النباتات الطبيعية التي تشتهر بها المدينة من الاندثار نتيجة للجفاف وشح المياه.
وتابع: أن بدو المدينة لديهم القدرة على المساهمة في تحديد أماكن إقامة هذه السدود، لما لديهم من خبرة كبيرة في هذا المجال، خاصة أنهم اعتادوا منذ القدم على إقامة "هرابات" لتخزين مياه الأمطار والسيول منذ سنوات عدة قبل بدء الدولة في إنشاء مشروعات الحماية من أخطار السيول، وذلك عن طريق الحفر بين الصخور بطرق تعمل على حجز الطمي والصخور، لتصل المياه إلى الهرابات صافية تمامًا.
ومن جانبه، قال المهندس عبدالمجيد مصطفى، مدير عام إدارة المياه الجوفية بجنوب سيناء، إنه جرى تنفيذ العديد من المشروعات لحماية مدينة سانت كاترين والمناطق المحيطة بها من أخطار السيول، بهدف تخزين مياه الأمطار للاستفادة منها في تعزيز المياه الجوفية، وتوفير مياه للزراعة والشرب في المناطق التي تعتمد على الآبار، وتتضمن 3 سدود وعدد من البحيرات الصناعية، منها بحيرتان بسعة تخزينية تبلغ مليون متر مكعب بمنطقتي الواطية والزيتونة، وسد بوادي الإسباعية بسعة 100 ألف متر مكعب، إضافة إلى إنشاء 244 بحيرة جبلية في الأودية الفرعية المحيطة بالمدينة.
وأكد مدير عام إدارة المياه الجوفية، أن معهد بحوث الموارد المائية التابع للمركز القومي لبحوث المياه يقوم بتحديث الدراسة البحثية في ظل التغيرات المناخية، وما ينتج عنها من تغيرات في مواقع وكميات الأمطار والسيول بالمحافظة، لتحديث تصميمات أعمال الحماية من أخطار السيول بما يتواكب مع التطرف الهيدرولوجي، ورفع القدرة الإستيعابية للأعمال الصناعية المقترح تنفيذها من سدود وبحيرات الصناعية في بعض المواقع.