لماذا تثير زيارة ترامب للشرق الأوسط قلق نتنياهو؟ - بوابة الشروق
الإثنين 12 مايو 2025 5:54 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

لماذا تثير زيارة ترامب للشرق الأوسط قلق نتنياهو؟

محمد حسين
نشر في: الأحد 11 مايو 2025 - 9:53 ص | آخر تحديث: الأحد 11 مايو 2025 - 9:53 ص

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحليلًا مطولًا، رصدت فيه ما وصفته بـ"الفراغ السياسي"، الذي يعيشه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج.

فبينما يُنظر إلى جولة ترامب في السعودية وقطر والإمارات باعتبارها ذات طابع اقتصادي وتجاري أولًا، يُنظر إليها في إسرائيل بقلق متزايد، ليس فقط بسبب تجاهل واشنطن الظاهر لحليفتها التقليدية، بل أيضًا لأنها تكشف التراجع الكبير في مكانة نتنياهو، سواء داخل الائتلاف أو أمام المؤسسات الأمنية والعسكرية، بل وحتى في علاقته بالرئيس الأميركي الذي لطالما تفاخر بصداقته.

- محتجزو غزة.. أولوية غائبة

في خضم الحديث عن الملفات الكبرى التي تتصدر الأجندة الأميركية في المنطقة، يكاد ملف الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة يختفي من أي نقاش علني جاد لدى القيادة الإسرائيلية، على الأقل كما تعكسه مواقف نتنياهو.

ونقلت الصحيفة العبرية أن رئيس الوزراء لم يعد يُخفي عدم اكتراثه بمصير المحتجزين، بل يبدو أن المسألة باتت عبئًا سياسيًا يتهرب منه، على عكس الشهور الأولى بعد 7 أكتوبر، حين قال مرارًا:" سيُسأل الجميع أسئلة صعبة، وأنا أولهم".

وأضافت الصحيفة: "لكن بعد مرور أكثر من 7 شهور، تغيّرت لهجته، لم يعد الحديث عن المحاسبة مطروحًا، بل عن صفاء الضمير، كما قال في أحد تسجيلاته الأخيرة، بل إن عدد الرهائن الأحياء -وفق قوله- يبلغ 21 فقط، في تصريح مرّ عليه مرور الكرام، رغم خطورته السياسية والإنسانية".

-ترامب لا يكترث.. والتطبيع مؤجل

في توقيت مقلق لإسرائيل، أعلنت إدارة ترامب -عبر تقارير متقاطعة من رويترز وهآرتس- أن واشنطن لن تشترط على السعودية التطبيع مع تل أبيب مقابل توقيع اتفاق نووي مدني، وهو ما اعتبر في الصحافة الإسرائيلية تراجعًا صريحًا عن موقف سابق، كانت تل أبيب تعتبره ضمانة لعلاقتها بالبيت الأبيض.

أسوأ من ذلك، أن ترامب -الذي اختار المال هدفًا أول في زيارته- أعلن فجأة عن تفاهم غير متوقع مع الحوثيين، بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء، قائلًا: "من جهتي، انتهى دورنا في هذه الجبهة، أما عن إسرائيل، فاكتفى بقوله: سوف نناقش ذلك لاحقًا".

وتُظهر هذه التصريحات بوضوح أن إسرائيل لم تعد في قلب التحركات الأميركية، بل في هامشها، وفي وقت تُعاني فيه الحكومة الإسرائيلية من انقسامات عميقة، يزداد هذا التهميش خطورة.

-خصومة شخصية تعود إلى الواجهة

واستعاد التحليل الذي نشرته هآرتس تفاصيل العلاقة المضطربة بين ترامب ونتنياهو، مشيرًا إلى أن "شهر العسل" بين الرجلين انتهى قبل أوانه، رغم رهانات نتنياهو الكاملة على إعادة انتخاب ترامب، فقد حمل الأخير ضغينة واضحة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ مطلع ولايته الثانية، بعد أن اتهمه بالخداع والتلاعب وسرقة الإنجازات.

كما كشفت صحيفة واشنطن بوست أن مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز أُقيل بسبب محادثات خلفية مع نتنياهو حول توجيه ضربة لإيران، جرت دون علم الرئيس، وهو ما أكّد القناعة لدى ترامب بأن "نتنياهو لا يؤتمن".

واليوم، وبعد أن أعلن ترامب عزمه على فتح قنوات تواصل مباشرة مع طهران، أصبح واضحًا أن تل أبيب ليست فقط خارج غرفة القرار، بل أصبحت عبئًا سياسيًا في واشنطن.

-تصدّع الداخل.. درعي يتمرد

لا تقتصر الأزمة على واشنطن، بل تتمدد إلى الداخل الإسرائيلي. فأرييه درعي، زعيم حزب "شاس" اليميني المتشدد، والذي وُصف خلال العامين الماضيين بأنه "مدير ائتلاف نتنياهو"، قاد مؤخرًا تمردًا داخل الحكومة، على خلفية مشروع قانون إعفاء المتدينين من التجنيد العسكري.

وفشل درعي في تهدئة الجبهة الحريدية، وانضم إلى مقاطعة التصويت على مشروعات قوانين التحالف، بما فيها المشروع الأهم لنتنياهو: فصل صلاحيات المستشار القضائي، حتى وزير الخارجية جدعون ساعر لم ينجح في إقناعه بكسر المقاطعة، رغم أن القانون المذكور يُعَد "ابنه السياسي المدلل".

ويُدرك نتنياهو أن تمرير هذا القانون هو خطوته الأخيرة لإنقاذ نفسه من المحاكمة، إذ إن تقسيم المنصب قد يسمح بتعيين نائب عام جديد يعيد فتح ملف الاتهامات، أو يجمّده، لكن المشروع تعثّر، والائتلاف توقف عن التقدّم، بسبب عناد الحلفاء.

-المؤسسة الأمنية تنفض يدها

في غضون ذلك، توالت استقالات القيادات الأمنية الكبرى: يوآف جالانت أقيل من وزارة الدفاع، هرتسي هليفي استقال من رئاسة الأركان، ورونين بار غادر الشاباك بعد تقديم خطاب مؤلم، كلهم أقرّوا بأخطاء وتقصير وأوهام قادتهم، وحده نتنياهو يرفض الاعتراف، ويؤكد أن "ضميره مرتاح".

الصحافة العبرية استدعت مقارنة تاريخية لافتة مع قادة سابقين مثل جولدا مائير، التي تمزقت نفسيًا بعد إخفاق 1973، ومناحيم بيجن الذي استقال بعد مذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان، أما نتنياهو، فيواصل الحكم بـ"رأس بارد".

- ماذا بعد؟

سؤال المحتجزين لم يعد أولوية لدى نتنياهو، ولا يبدو أن زيارة ترامب ستغيّر ذلك، فالرئيس الأميركي مشغول بالاقتصاد، وصفقات الطاقة، ورسائل الردع لإيران.

وتل أبيب، التي اعتادت أن تكون شريكًا رئيسيًا، تجد نفسها الآن مراقبًا صامتًا، تتلقى الإشارات ولا تصنعها، وفي ظل تصدّع الائتلاف الحاكم، واهتزاز الثقة داخل الشارع الإسرائيلي، وتآكل العلاقة مع واشنطن، تبدو زيارة ترامب للشرق الأوسط حدثًا يثير قلق نتنياهو أكثر مما يقدّم له حلولًا، بل لعله يصبح، مع مرور الوقت، نقطة التحول التي تكشف أن لحظة "نهاية نتنياهو" قد بدأت بالفعل.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك