مع اقتراب الدراسة.. كيف تدفع الوجبات السريعة أطفال العالم نحو السمنة أكثر من نقص الوزن؟ - بوابة الشروق
الجمعة 12 سبتمبر 2025 3:36 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

مع اقتراب الدراسة.. كيف تدفع الوجبات السريعة أطفال العالم نحو السمنة أكثر من نقص الوزن؟

سلمى محمد مراد
نشر في: الخميس 11 سبتمبر 2025 - 1:18 م | آخر تحديث: الخميس 11 سبتمبر 2025 - 1:18 م

يستعد ملايين الأطفال للعودة إلى مقاعد الدراسة خلال الأيام المقبلة، فلا يقتصر قلق أولياء الأمور على شراء الزي المدرسي والكتب الجديدة، بل يزداد قلقهم من قضية أكثر خطورة، وهي صحة أبنائهم الغذائية.

البيئة الغذائية المحيطة بالأطفال في المدارس ربما تكون السبب في تعرضهم للمخاطر، إذ إنها تتيح: "مشروبات غازية، حلويات سكرية، ووجبات سريعة أكثر من الخضار والفاكهة"؛ مما يجعل الأطفال محاصرين بخيارات سريعة ورخيصة، لكنها في الوقت نفسه عالية السعرات وفقيرة الفائدة.

وأصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تقريرًا صادمًا يكشف أن السمنة بين الأطفال والمراهقين أصبحت لأول مرة أكثر شيوعًا من نقص الوزن؛ لتتحول من مشكلة فردية إلى أزمة عالمية تهدد مستقبل أجيال كاملة.

* أرقام مفزعة تكشف حجم الأزمة

وبحسب تقرير "اليونيسف"، هناك ما يقارب 188 مليون طفل ومراهق في سن المدرسة يعانون من السمنة؛ ما يعادل طفلًا واحدًا من بين كل عشرة، وفي المقابل تراجعت نسبة من يعانون من نقص الوزن إلى 9.2% فقط، بينما بلغت نسبة السمنة 9.4%.

وعند مقارنة هذه الأرقام بعام 2000، يتضح حجم التحول، فقد كان ما يقرب من 13% من الأطفال يعانون من نقص الوزن، مقابل 3% فقط من السمنة، أي أن الظاهرة تضاعفت ثلاث مرات في غضون عقدين فقط.

وتقول كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف: "عندما نتحدث اليوم عن سوء التغذية، لم نعد نعني فقط نقص الوزن أو التقزم، بل باتت السمنة هي الوجه الجديد لهذه الأزمة، تهدد الصحة والنمو العقلي للأطفال على حد سواء".

* العدو الأول في الحقيبة المدرسية

وأرجع التقرير هذه الطفرة إلى الانتشار الكبير للأطعمة فائقة المعالجة، والتي تشمل: "المشروبات الغازية، البسكويت، الكعك، الحبوب المحلاة، والوجبات الجاهزة"، وهي منتجات غنية بالسكريات والدهون والأملاح؛ لكنها رخيصة الثمن ومتاحة في كل مكان.

ويجد الطالب نفسه مع بداية العام الدراسي محاطًا بها في كل مكان: "من المقصف المدرسي إلى المتجر القريب، ومن إعلان على هاتفه المحمول إلى حملة دعائية موجهة على منصات التواصل"، وهذه البيئة الغذائية المسمومة لا تترك له فرصة للاختيار الحر، بل تدفعه لاستهلاك ما يُعرض عليه بكثرة.

* مخاطر صحية ممتدة

لا تقتصر أضرار السمنة على زيادة الوزن فقط، بل تمتد إلى مضاعفات خطيرة في المستقبل، فقد أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من السمنة أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان.

ووفق تقديرات الاتحاد العالمي للسمنة، قد تتجاوز التكلفة الاقتصادية للسمنة وزيادة الوزن عالميًا 4 تريليونات دولار سنويًا بحلول عام 2035، وهو عبء هائل على أنظمة الصحة العامة والاقتصادات الوطنية.

* عبء مزدوج سواء جوع أو سمنة

كما أن من المفارقات الواضحة أن السمنة لا تلغي صورًا أخرى من سوء التغذية، بل تتعايش معها في بعض الدول. ففي جنوب أفريقيا مثلًا، يعاني طفل من كل ثمانية من السمنة أو زيادة الوزن، بينما يعاني طفل من كل أربعة من التقزم بسبب نقص الغذاء.

وتقول الدكتورة نوماثيمبا تشانديوانا من مؤسسة ديزموند توتو الصحية: "غالبًا ما يُختزل سوء التغذية في نقص الوزن، لكن السمنة تحمل نفس العواقب طويلة الأمد. أطفالنا إما جائعون أو ممتلئون بوجبات فقيرة الجودة، وفي الحالتين النتيجة خطيرة"، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.

* المدرسة خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الأزمة

وأوصى تقرير "اليونيسف" بضرورة وضع سياسات مدرسية صارمة، مثل: حظر بيع الأطعمة غير الصحية داخل المدارس، إدراج وجبات مغذية بأسعار مناسبة في المقاصف، منع الإعلانات التجارية الموجهة للتلاميذ، وتنظيم أنشطة توعية صحية داخل الفصول وبين الأسر.

* تجربة ملهمة

ومن النماذج التي أشار إليها التقرير تجربة المكسيك، التي قررت حظر بيع الأطعمة فائقة المعالجة في المدارس، ورغم الجدل الذي أثارته هذه الخطوة، إلا أنها اعتُبرت مثالًا ناجحًا يمكن أن يُحتذى به في دول أخرى تسعى لحماية أطفالها.

* مسئولية الحكومات والأسر

وطالبت اليونيسف الحكومات بالتحرك العاجل من خلال فرض ضرائب على المنتجات غير الصحية، وإجبار الشركات على وضع ملصقات واضحة توضح المكونات والسعرات الحرارية، إضافة إلى إطلاق برامج دعم للأسر محدودة الدخل لمساعدتها على شراء الغذاء الطازج.

لكن المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومات وحدها، بل تمتد إلى الأسر أيضًا، فمع بداية العام الدراسي، على الآباء من جهة إقناع أبنائهم بالابتعاد عن الوجبات السريعة، وتوفير بدائل صحية مغرية من جهة أخرى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك