- الاحتلال يتبع سياسة الترهيب الصامت لدفع الفلسطينيين للرحيل من خلال حرق المزارع وتدمير مصادر المياه
- نطالب بحظر منتجات المستوطنات وربط العلاقات مع إسرائيل بوقف التوسع الاستيطانى
- هناك توسع استيطانى غير مسبوق فى الأغوار وشرق رام الله ونابلس ومحيط «أرئيل» وبيت لحم
قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، إن القدس الشرقية تشهد تغييرات واسعة وخطيرة تستدعى تحركا عربيا وإسلاميا يتجاوز حدود البيانات التقليدية إلى استخدام أدوات اقتصادية وقانونية وسياسية لحماية الوجود الفلسطينى وخدماته فى مجالات التعليم والإسكان والصحة والوقف، مشيرا إلى أن عام 2024 سجّل أخطر تصعيد استيطانى منذ اتفاق أوسلو مع إقامة نحو 300 بؤرة جديدة ومصادرة مساحات واسعة من الأراضى.
وأضاف شعبان، فى حواره مع «الشروق»، أن هدف الهيئة الدائم هو ملاحقة قادة الاحتلال ومسئوليه عن جرائمهم أمام المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المحافل القانونية، ودعم صمود الفلسطينيين على أرضهم فى مواجهة محاولات الترهيب والتهجير والسرقة الممنهجة التى يمارسها الاحتلال. وإلى نص الحوار..
< كيف تصف لنا المشهد الاستيطانى منذ 7 أكتوبر 2023م؟
ــــ المشهد شهد تصعيدا ممنهجا، إذ بلغ الترويج لوحدات استيطانية عام 2023 أرقاما قياسية، وارتفعت فى 2024، مع قفز كبير بإعلانات «أراضى دولة» وشرعنة بؤر وبنى تحتية تفصل التجمعات الفلسطينية وتكسر التواصل الجغرافى، خاصة حول القدس والغور وشرق رام الله ونابلس.
تصاعدت كل المؤشرات المرتبطة بانتهاكات دولة الاحتلال فى الأعوام الماضية لا سيما بعيد السابع من أكتوبر إلى مستويات غير مسبوقة، سواء تلك المرتبطة بالدفع بالمخططات الهيكلية لتوسعة المستعمرات أو تلك المرتبطة بإقامة البؤر الاستعمارية التى بلغ عددها اليوم 300 بؤرة بين رعوية وسكنية، وكذلك تصاعدت المساحات المصادرة تحت مسمى إعلانات «أراضى دولة» ففى 2024 بلغت قرابة 24,258 دونما – ذروة غير مسبوقة منذ أوسلو.
واستمرت الإعلانات الكبيرة فى 2025، وكان هناك توسعات فى الأغوار ومناطق وسط وشمال الضفة، وبالتوازى مع ذلك سجّلت الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية نزوح آلاف الفلسطينيين بسبب عنف المستوطنين والقيود المفروضة على المواطنين.
< ما الدور الأساسى الذى تضطلع به الهيئة؟
ــــــ نقود الجهد الوطنى لحماية الأرض والإنسان؛ عبر رصد ومتابعة مخططات الاستيطان والمصادرة، والتحرك القانونى أمام المحاكم الإسرائيلية والدولية، وتنظيم وحماية الفعل الشعبى السلمى على الأرض، وتنسيق الخدمات الطارئة للعائلات المهددة بالترحيل، إلى جانب التوثيق والإسناد الإعلامى والدبلوماسى.
وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤسسة وطنية فلسطينية تعمل على مواجهة الاستيطان الاستعمارى من خلال استراتيجية شاملة، لا تقتصر على محور واحد، بل تتضمن محاور متعددة تعمل بشكل متكامل لتحقيق هدفنا الأساسى، منها إفشال المخططات الاستعمارية وإنهاء الاحتلالـ، والمقاومة الشعبية السلمية، وهذا هو حجر الزاوية فى استراتيجيتنا.
كما نؤمن بأن صمود الشعب الفلسطينى على أرضه هو أقوى سلاح فى وجه الاستيطان الاستعمارى، فننظم الفعاليات الأسبوعية والمسيرات السلمية فى المناطق المهددة بالمصادرة، مثل: قرى بيت دجن، وكفر قدوم، وقرى شرق رام الله، وجنوب الخليل وغيرها، هذه الفعاليات تهدف إلى تعزيز صمود السكان، وإرسال رسالة واضحة للاحتلال بأن شعبنا لن يستسلم.
وفى الجهود التوثيقية والقانونية نعمل على توثيق جميع انتهاكات الاحتلال والمستعمرين ومتابعتها قانونيا، وتقديمها للمؤسسات القانونية الدولية. وهدفنا هو ملاحقة قادة الاحتلال ومسئوليه على جرائمهم فى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المحافل القانونية، كما نعمل على حشد الدعم الدبلوماسى من الدول الصديقة والمنظمات الدولية لفضح سياسات الاحتلال ومطالبة المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته.
وندعم صمود المواطنين بتقديم الخدمات للعائلات الفلسطينية التى تتعرض للتهجير أو هدم المنازل لتثبيتهم ومساعدتهم فى إعادة بناء منازلهم وجبر أضرارهم حيثما أمكن، وبالإضافة لما سبق نركز على التوعية والإعلام وذلك من خلال إبراز قضية الاستعمار فى وسائل الإعلام المحلية والدولية. ونهدف إلى كشف جرائم الاحتلال أمام الرأى العام العالمى، وتغيير السردية التى يحاول الاحتلال فرضها.
< ما تقييمك لقدرة الهيئة على مجابهة الاستيطان خصوصًا فى ظل التصعيد الأخير؟
ـــــ بالرغم من اتساع الهجمة، نجحنا فى تجميد وإبطاء مشاريع ومناقصات و«إعلانات أراضى دولة» فى مواقع متعددة عبر اعتراضات قانونية وتحرك مجتمعى منظم، لكن وتيرة القرارات الحكومية والتصعيد الاستيطانى بعد أكتوبر تفرض سباقا مع الزمن وتستلزم توسيع طاقتنا القانونية والميدانية والشراكات الدولية.
< ما الجهات التى يتم التنسيق والعمل معها؟
ــــ ننسق مع المؤسسات الفلسطينية والمجتمع المحلى، ونشتغل بمنظومة واحدة مع المحافظات والبلديات ووزارتى الزراعة والحكم المحلى، ومع لجان الحماية الشعبية فى القرى، نوحّد الخرائط والملفات ونوزّع الأدوار (قانونى/ ميدانى/إعلامى)، ونجهّز خطط طوارئ للإيواء والمياه والرعى، وننشّط آليات إنذار مبكر لأى مسوحات أو أوامر عسكرية جديدة.
< كيف تُستخدم المستوطنات لفرض واقع سياسى؟
ــــ تُستخدم كأداة ضمّ زاحف، من خلال مصادرة وإعلانات «أراضى دولة»، شقّ طرق فصل («طرق التفافية» و«طريق السيادة» قرب E1)، شرعنة بؤر، وتمكين كتل تحيط بالبلدات الفلسطينية وتقطع أوصالها، خصوصا فى محيط القدس ورابط الغور— لخلق تواصل استيطانى يقابله تفتيت فلسطينى، بما يجهض حلّ الدولتين على الأرض .
< ما أبرز المناطق المستهدفة حاليا بالاستيطان؟
ــــ حزام القدس الشرقى (مشروع E1 – معاليه أدوميم) وممرات ربط الغور (شمالا وجنوبا)، وشرقى رام الله ونابلس وصولا للأغوار، ومحيط «الكتل» الكبرى كـ«أرئيل» و«معاليه أدوميم» وامتدادات بيت لحم – القدس.
< كيف أثرت حرب 7 أكتوبر على سياسات الاستيطان فى الضفة؟
ـــــ شهدنا تسارعا فى العنف الاستيطانى ووتيرة الإجراءات منها إخطارات، وإنشاء حواجز واعتداءات على مصادر المياه، ونزوح عائلات ريفية ورعوية كاملة. كذلك توثيق الأمم المتحدة ومنظمات دولية بيّن تصاعدا منهجيا بعد ذلك التاريخ.
< هل استغلت إسرائيل انشغال العالم بغزة لتكثيف مشاريعها بالضفة؟
ـــــ الوقائع الميدانية والمؤشرات الرسمية والدولية تشير إلى ذلك، وأن التوسّع ملحوظ فى الإعلانات والتخطيط والبنى التحتية خلال 2024–2025 بالتوازى مع حرب غزة، وصولا إلى نقاشات علنية حول الضمّ.
< ما المطلوب عربيا ودوليا لمواجهة التصاعد؟
ــــ نطالب بحزمة أدوات عملية، منها: حظر التعامل مع منتجات المستوطنات والشركات المتورطة، والدعم المالى والقانونى المباشر لبرامج الحماية والصمود كإسكان طارئ، ومياه، ورعى، وزراعة، وإرسال وجود دولى للحماية والرصد الميدانى فى بؤر التهديد، وربط العلاقات مع إسرائيل بوقف الاستيطان وإلغاء أوامر المصادرة، ودعم مسار المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية؛ فمجمل ذلك تؤيده تقارير أممية وأوروبية حديثة تُظهر الطابع غير القانونى للاستيطان وآثاره.
< هل نراهن على التحرك القانونى الدولى أم المقاومة الشعبية؟
ـــــ نراهن على «مقاربة مزدوجة»، من خلال مسار قانونى دولى متواصل لتجريم السياسات الاستيطانية، ومسار مقاومة شعبية سلمية منظّمة تُبقى الأرض حيّة ومزروعة ومأهولة وتفرض كلفة سياسية على الاستيطان، وكلاهما يحتاج لإسناد عربى ودولى مُلزم.
< ما الغطاء الحامى للبدو فى الأغوار وغيرها؟
ـــــ نعمل على منظومات حماية اجتماعية وقانونية تتمثل فى فرق استجابة سريعة، وتوثيق فورى، وتمثيل قانونى، وإعادة تأهيل مرافق المياه والرعى، وتنسيق مع وكالات أممية لردع الاعتداءات.
ونطالب ببعثات مراقبة دائمة فى نقاط الاحتكاك، مع ضغط دولى لفرض المساءلة، وهناك تقارير إنسانية أخيرة وثّقت استهدافا للبنية المائية والرعوية تحديدا.
< ما قيمة معاليه أدوميم ولماذا الإصرار على توسيعها؟
ــــ هى العقدة الاستيطانية الأهم شرق القدس، يجرى توسيعها عبر ممر E1 الذى يربطها بالقدس ويخلق تواصلا استيطانيا يطوّق المدينة ويفصل شمال الضفة عن جنوبها، ما يحوّل القرى الفلسطينية إلى جيوب معزولة ويقوّض إمكانية عاصمة فلسطينية متصلة. لهذا تُدفَع طرق وبنى تحتية مخصّصة لخدمة هذا الربط.
< ماذا عن القدس وعطاءات التوسّع فيها؟ وهل تنال دعما عربيا / إسلاميا خاصا؟
ـــــ القدس الشرقية تشهد تغييرا كبيرا وهو ما يستدعى تحركا عربيا وإسلاميا يتجاوز البيانات إلى أدوات اقتصادية وقانونية وسياسية لحماية الوجود الفلسطينى وخدماته فى التعليم والإسكان والصحة والوقف.
< كيف نفسّر حرق المزارع واقتلاع الأشجار بينما يريدون «الاستيلاء» على المنطقة بما فيها؟
ــــ هذه أداة ترهيب واقتلاع صامت، وتدمير الماء والشجر يدفع العائلات قسرا للرحيل، فيتحقق «الاستيلاء» بأقل كلفة رسمية، إنه جزء من سياسة تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين عبر عنف أهلى محمى بالإفلات من العقاب، كما توثّق تقارير أممية ودولية.
ونحن رسالتنا واضحة سنبقى حيثُ توجد شجرة زيتون وخيمة بدوى ومدرسة ريفية، وسنُحبط على الأرض ما يُراد فرضه على الخرائط، ونحوّل التعاطف الدولى إلى أدوات ضغط ومساءلة، حتى تُصان حقوق شعبنا وتُحمى أرضه.