شهدت الأوساط السياسية والعسكرية بدولة الاحتلال الإسرائيلي ارتفاع صوت آخر فوق صوت المعركة الوحشية الدائرة في قطاع غزة، حيث صدرت تصريحات هجومية متبادلة بين قيادة جيش الاحتلال المتمثلة في رئيس الأركان من جهة، ومن ممثل الكابينيت وهو وزير الأمن يسرائيل كاتس من جهة أخرى، مع تبادل اتهامات بالإخفاق وتعطيل التحقيقات، في مشهد هز صورة إسرائيل التي تحاول الخروج بمظهر المنتصر رغم نزاعاتها الداخلية؛ ما دفع صحيفة الجيروزاليم بوست لمطالبة أطراف النزاع بتهدئة الحرب الإعلامية تجنبا للشماتة.
وتسرد جريدة الشروق تفاصيل الصراع الداخلي بين حكومة الاحتلال وقيادة جيشها، والتي اتخذت مظهرا إعلاميا بالأيام الأخيرة مؤثر على صورتها مع زيادة احتمالية الاقتراب من اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك وفقا لتفاصيل منقولة عن مواقع جيروزاليم بوست، ومعاريف، ويديعوت أحرنوت.
وبدأت الخلافات بين الطرفين مع قيام يسرائيل كاتس القائم بمهام وزير دفاع دولة الاحتلال، بتعطيل ترقيات قادة الجيش بحجة الاستمرار في تحقيقات هجوم 7 أكتوبر، ليرد رئيس الأركان هرتسي هاليفي معلقا على القرار بأن ذلك يضعف جيش الاحتلال الذي يحتاج ترقية قادة أكفاء لمهامهم العسكرية.
واستمر النزاع بتوجيه كاتس انتقادات لاذعة لمتحدث جيش الاحتلال دانيال هاغاري بعد تعليقه على أحد القوانين الإسرائيلية، ليعتبر عدد من المحللون تصرف كاتس بأنه نوع من الضغط على قيادة جيش الاحتلال، إذ كان يكفي مناقشة تصرف المتحدث داخل مؤسسة الجيش دون معرفة وسائل الإعلام.
وواصل كاتس ضغوطاته بإصدار تصريحات تنتقد عرقلة قيادة الجيش لتحقيقات هجوم 7 أكتوبر مطالبا بإنجاز التحقيق في 3 أسابيع؛ ما جعل رئيس الأركان هاليفي يطالب بتجنيب تلك المشكلات الظهور الإعلامي، بينما لمح من جانبه بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أيضا يعرقل التحقيقات القائمة بشأنه.
يذكر أنه بالتزامن مع ضغوطات كاتس من المستوى السياسي الأعلى، يواجه رئيس الأركان هاليفي ضغوطات من جنرالاته، وآخرها استقالة نائبه أمير برعام وتلميحه بضرورة استقالة هاليفي، في رسالة تم تسريبها للإعلام، بينما لمح برعام في رسالته بنوع من التهميش كان يمارس ضده من قبل هاليفي.
ولم تكن تصريحات برعام هي الأولى من جنرال إسرائيلي، حيث وجه كل من رئيس الفيلق الشمالي السابق، وقائد المنطقة الوسطى بجيش الاحتلال السابق، وقائد السلاح البري السابق، اتهامات متنوعة لهاليفي تضعف من موقفه، رغم إنه بادر بتحمل مسئوليته حيال هجوم 7 أكتوبر، ووعد بالاستقالة بمجرد التوصل لاتفاق تبادل أسرى.
-سبب الصراع
ورجح محلل لجيروزاليم بوست أن القيادة السياسية المتمثلة في نتنياهو وسائر أعضاء الكابينيت تود التضحية بقيادة الجيش لتظهر كأنها المسئولة الوحيدة أمام المستوطنين في التقصير حيال هجوم 7 أكتوبر، في حين تنصرف أصابع الاتهام بعيدا عن المستوى السياسي.
وأوضح عاموس هاريل محلل لصحيفة هآرتس، أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء يحاول الاستفادة من موجة انتقادات قيادات جيش الاحتلال للرئيس الأركان لتوزيع اتهامات التقصير بعيدا عنه، بينما يسعى بالتوازي لتعطيل أي جزء مرتبط به في تحقيقات هجوم 7 أكتوبر، والتنصل من المسئولية تجاهه.