شهد المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بعنوان "المفتي الرشيد في مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي" تنظيم أربع ورش عمل متخصصة على مدار يوميه؛ بواقع ورشة واحدة في اليوم الأول، وثلاث في اليوم الثاني، تناولت موضوعات متصلة بتطوير العمل الإفتائي واستيعاب التقنيات الحديثة في خدمة الفتوى.
وقال الدكتور طارق أبو هشيمة، مدير المؤشر العالمي الفتوى إن المؤشر نظم في اليوم الأول الأول للمؤتمر ورشة تدريبية بعنوان "تطوير أطر أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في دعم العمل الإفتائي"، استهدفت مناقشة وضع إطار أخلاقي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي في صناعة الإفتاء؛ دراسة هذه الظاهرة وكيفية التعامل معها في إطار الوصول للمفتي الرشيد.
وأضاف في تصريحه لـ"الشروق" أن صناعة المفتي الرشيد تتطلب أن يكون ملمًا بوسائل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ومواكبًا لأدواته، كمعين أو مساعد له دون إلغاء شخصيته كمفتي، مبينًا أن صناعة الفتوى هي عملية اجتهاد لايقوم بها إلا عقل بشري وبالتالي ينحصر دور الذكاء الاصطناعي حاليًا كمساعد للمفتي.
وتابع: "حاولنا من خلال الورشة وضع ضوابط أخلاقية تضبط أطر التعامل مع الذكاء الاصطناعي في صناعة الفتوى؛ ومن أهم الملامح التي توصلنا إليها هي أن الذكاء الاصطناعي غير الآن غير قادر على صناعة فتوى مستقلة".
ولفت إلى أن الورشة حرصت على المزج بين المتخصصين في المجالين الشرعي والإفتائي لأن الأمر يتضمن الجانبين ويحتاج وجهة النظر والتطوير من كل جانب للوصول لما يحقق خدمة المجتمع ككل.
أما الورشة التدريبية الثانية فكانت في اليوم الثاني بعنوان: "تعزيز مهارات التفكير النقدي والوعي الرقمي للمفتين الشباب"؛ قدمها مركز سلام لإدارة التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا؛ ترأسها الشيخ مصطفى يوسف سباهيش مفتي بلجراد، بحضور عدد من القيادات الدينية والفكرية.
وبدوره قال الدكتور محمود البيطار، مدير مركز الاستشراف الإفتائي بدار الإفتاء المصرية، إن المركز يُعد أول مركز استشراف إفتائي في العالم العربي والإسلامي، موضحًا أنه تم تدشينه خلال المؤتمر السابق لدار الإفتاء، وتفعيله العام الماضي، ونجح منذ إنشائه في إنتاج مخرجات علمية متخصصة.
وأضاف البيطار أن المركز نظم في اليوم الثاني للمؤتمر ورشة العمل الثالثة بعنوان "استشراف مستقبل الفتوى في عصر الذكاء الاصطناعي"، يناقش فيها أبرز القضايا الاستشرافية، وكيفية التعامل معها.
وبين أن الجلسة ترأسها الشيخ أبو بكر عبد الله جمل الليل، مفتي جمهورية جزر القمر، وشارك فيها كل من الشيخ محمد خليفة مدير مكتب الإفتاء بسلطنة عمان، والشيخ عبد الله المعروف شاه عالم الأمين العام لجمعية أهل السنة بباكستان، والأستاذ الدكتور عبد اللطيف المر أستاذ الصحة العامة بجامعة الزقازيق والأمين العام المساعد للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت، إلى جانب عدد من أساتذة الأزهر الشريف المتخصصين في الفقه المقارن والعقيدة والفلسفة.
وفي السياق ذاته، بين المهندس رضا زايد مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات في دار الإفتاء، أن الإدارة نظمت ورشة العمل الرابعة في المؤتمر جاءت بعنوان" الذكاء الاصطناعي في الإفتاء: استكشاف مستقبل الفتوى والأسئلة الإسلامية بالذكاء الاصطناعي"، استمرت لمدة ساعتين، واستهدفت العلماء والباحثين الإسلاميين وطلاب الدراسات الشرعية، إلى جانب المطورين المهتمين بالتطبيقات الدينية للذكاء الاصطناعي والمؤسسات المعنية بإصدار الفتاوى.
وأوضح للشروق أن الورشة ناقشت أربعة محاور رئيسية شملت استعراض المشهد الأخلاقي والأمني للإفتاء المدعوم بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز على حماية بيانات الفتاوى، وضمان الشفافية، وتحديد المسؤولية الشرعية عن المخرجات الآلية.
كما ناقشت دور روبوتات الدردشة الذكية في دعم الباحثين وعلماء الشريعة من خلال الاسترجاع الذكي للمعلومات، وكيفية استخدام لوحات تحليل البيانات لاستخلاص رؤى حول أنماط الأسئلة والفتاوى، وتحسين كفاءة سير العمل المؤسسي، وضمان الاستخدام الأخلاقي للبيانات.
وتابع: "تطرقت الورشة لاستشراف أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في مجال البحث الشرعي، مثل النماذج اللغوية الكبيرة، وبناء الرسوم البيانية المعرفية، وتحليل المشاعر، وترجمة النصوص، وتحليل المخطوطات، وتوظيف التحليلات التنبؤية لاستباق القضايا الفقهية المستقبلية".
وبين أن ورشة العمل تناولت سبل توظيف التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في خدمة العمل الإفتائي، مع التركيز على تطوير أنظمة إلكترونية متكاملة تضمن سرعة ودقة إصدار الفتاوى، وحماية البيانات بسرية تامة، مشيرًا إلى أنه تم خلال الورشة طرح أفكار مبتكرة لتعزيز تفاعل المستفيدين مع منصات دار الإفتاء الرقمية، بما يواكب التحول الرقمي العالمي.