صنع الله إبراهيم.. الروائي المؤرخ لتغيرات المجتمع المصري في القرن العشرين - بوابة الشروق
السبت 17 مايو 2025 12:24 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

صنع الله إبراهيم.. الروائي المؤرخ لتغيرات المجتمع المصري في القرن العشرين

محمود عماد
نشر في: الجمعة 16 مايو 2025 - 7:27 م | آخر تحديث: الجمعة 16 مايو 2025 - 7:27 م

فى الوقت الذى يتلقى فيه الأديب الكبير صنع الله إبراهيم العلاج بمستشفى معهد ناصر، وسط اهتمام كبير من قبل المثقفين والكتاب والرأى العام، ووسط رعاية صحية يتلقاها الكاتب الكبير بمتابعة من وزارة الصحة ممثلة فى وزير الصحة نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور خالد عبد الغفار، وبالتنسيق مع وزارة الثقافة ممثلة فى وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ووسط متابعة شخصية من السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، يجب العودة إلى صنع الله إبراهيم الكاتب والأديب، والنظر بعين فاحصة لكتابته وأعماله الأدبية التى جعلته أحد أهم الكتاب المصريين والعرب، ولمواقفه التى جعلته أحد أهم مثقفى الرفض، فإن مسيرته تستحق وقفة حقيقة لتأملها.
ولد صنع الله إبراهيم عام 1937، ويعد أحد أبرز الروائيين المصريين والعرب الذين ارتبطت أسماؤهم بالثقافة والسياسة، واشتهرت رواياته بالطابع السياسى الاجتماعى، واهتمت بالتحليل الاجتماعى والاقتصادى للسلوك الإنسانى فى المجتمع المصرى والعربى بشكل عام.
تتميز أعمال صنع الله إبراهيم الأدبية بصلتها الوثيقة والتشابك مع سيرته من جهة، ومع تاريخ مصر السياسى من جهة أخرى، ونرى ذلك فى رواية «اللجنة»، والتى نشرت عام 1981، والتى هى هجاء ساخر لسياسة الانفتاح التى انتهجت فى عهد السادات.
صور صنع الله إبراهيم أيضًا الحرب الأهلية اللبنانية فى روايته «بيروت بيروت» الصادرة سنة 1984، واختيرت روايته «شرف» كثالث أفضل رواية عربية حسب تصنيف اتحاد الكتاب العرب، بالإضافة إلى سيرته الذاتية مذكرات سجن الواحات.
وبالطبع إن أحد أهم أعمال صنع الله إبراهيم فى مسيرته الإبداعية هى رواية «ذات»، والتى نشرت لأول مرة عام 1992، وأخذت شهرة الرواية فى الازدياد بعد تحويلها إلى مسلسل تليفزيونى عام 2013، يحمل اسم «بنت اسمها ذات»، ومن إخراج كاملة أبو ذكرى، وخيرى بشارة وسيناريو وحوار مريم نعوم ونجلاء الحدينى، ومن بطولة نيللى كريم، باسم سمرة، انتصار، وآخرين.
يسرد صنع الله إبراهيم فى رواية «ذات»، سيرة وطن، وسيرة ثورة، وسيرة جيل كامل خرجت منه ذات التى تمثل النموذج السائد للمرأة المصرية؛ فيتحدث عن فترة صباها وزواجها من عبد المجيد، وعملها وإنجابها وأمومتها، متخذًا من سيرة حياتها مرآة كاشفة لرصد تفاصيل الحياة اليومية التى يموج بها المجتمع المصرى خلال عصرى السادات ومبارك، كما يسلط الضوء على التحولات السياسية والاقتصادية خلال هذه الفترة، وطريقة استقبال ذات وعبد المجيد لها، وأثرها على تشكيل حياتهما.
وتناول المسلسل فترة تاريخية فاصلة فى التاريخ المصرى المعاصر، من خلال امرأة ولدت فى يوم انطلاقة ثورة 23 يوليو 1952، ويبرز تطور الحياة المصرية بكل ما فيها من خلال مسار حياة هذه الفتاة التى أطلق عليها والدها اسم «ذات الهمة» وهو اسم يعود إلى التراث وإلى السيرة الهلالية.
ورواية «شرف»، وهى أيضا واحدة من أهم ما كتب صنع الله إبراهيم، وهى رواية تنتمى إلى أدب السجون، صدرت فى 1997، وتم تصنيفها كثالث أفضل رواية فى قائمة أفضل مائة رواية عربية.
وتنقسم الرواية إلى أربعة أجزاء؛ حيث نرى فى الجزء الأول أشرف أو شرف، كما تناديه والدته، يدخل السجن بعد قتله للخواجة أو السائح الأجنبى الذى حاول انتهاك عرضه داخل السجن، ويتعرف شرف على عالم جديد وقوانين جديدة.
الجزء الثانى حكاية الدكتور رمزى المسجون فى قضية رشوة، هذا الجزء هو وثائقى أكثر منه أدبى، يكشف فيه رمزى جرائم الشركات متعددة الجنسيات وخاصة شركات الأدوية فى حق العالم الثالث وشعوبه.
الجزء الثالث مسرحية قام بتأليفها رمزى لعرضها داخل السجن فى احتفال 6 أكتوبر وفى هذه المسرحية يعرض صنع الله إبراهيم مختلف التحولات التى مرت بها مصر من الناصر مرورًا بالسادات وانتهاء بمبارك.
فى الجزء الرابع والأخير يكشف المؤلف عن الوجه الإنسانى للمساجين خاصة أصحاب العقوبات الطويلة. وتنتهى الرواية بلا نهاية محددة، نهاية مفتوحة للغاية.
ورواية «وردة»، والصادرة فى عام 2000، وهى رواية تحكى عن الثورات العربية الاشتراكية وبالأخص عن محاولة جمهرة السلطنة العمانية فى حقبة الستينيات عن طريق مجموعة من الثوار المصريين واليمنيين واللبنايين وقد لاقت الرواية قبولًا فى الأوساط الثقافية المصرية واللبنانية والخليجية.
وتظل واحدة من أكثر مواقف الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إثارة للجدل، وهو عندما رفض تسلم جائزة ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى، عام 2003، فى دورتها الثانية، والممنوحة من قبل المجلس الأعلى للثقافة بمصر، مبررًا ذلك بسبب سياسات القمع والتطبيع وغياب العدالة الاجتماعية.
وكان موقف صنع الله إبراهيم بمثابة بيان سياسى أكثر من كونه موقفًا أدبيًا؛ حيث وقف صنع الله على المنصة ليقول إن السلطة لا تمنح الشرعية للمثقفين، بل إن المثقف هو من يحاكم السلطة، وكان ذلك فى أعقاب غزو العراق، وكان يريد الربط بين الداخل والخارج، وبين المثقف والضمير القومى.
وقد حصد صنع الله إبراهيم عدة جوائز تكريمًا لمسيرته الأدبية، من بينها جائزة «غالب هلسا» من اتحاد الكتاب الأردنيين عام 1992، وجائزة أفضل رواية مصرية عام 1998 عن روايته «شرف»، وأيضًا جائزة «ابن رشد للفكر الحر» عام 2004، وجائزة كفافيس للأدب فى مصر عام 2017، وهى جائزة تُمنح للأدباء الذين ساهموا فى تعزيز التفاهم الثقافى بين مصر واليونان.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك