لماذا يعتبر نظامنا الغذائي كارثة مناخية؟‬ - بوابة الشروق
الإثنين 18 أغسطس 2025 6:04 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

لماذا يعتبر نظامنا الغذائي كارثة مناخية؟‬

سلمى محمد مراد
نشر في: السبت 16 أغسطس 2025 - 5:18 م | آخر تحديث: السبت 16 أغسطس 2025 - 5:18 م

يظن البعض أن الربط بين طبق الطعام وتغير المناخ أمر غريب، لكن الحقيقة أن النظام الغذائي يلعب دورًا محوريًا في انبعاث الغازات الدفيئة التي تؤثر على ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية.

وبحسب موقع الصندوق العالمي للطبيعة، يساهم النظام الغذائي العالمي بحوالي 30% من إجمالي الانبعاثات الكربونية، في الوقت ذاته الذي يعاني فيه أكثر من 835 مليون شخص من الجوع، ونحو ملياري شخص من السمنة أو زيادة الوزن، ونحن نفقد الطبيعة بمعدل كارثي؛ مما يعني فشل النظام الغذائي على كلا الجانبين.

وبالتالي لا يؤثر الطعام الذي نتناوله وكيفية إنتاجه على صحتنا فحسب، بل على البيئة أيضًا، إذ يمر الغذاء بعدة خطوات من نمو ومعالجة ونقل وتوزيع وتحضير واستهلاك والتخلص منه في بعض الأحيان، كل خطوة من هذه الخطوات تولد غازات دفيئة تحبس حرارة الشمس، وتساهم في تغير المناخ.

- من المزرعة إلى المائدة.. أطعمة مضرة بالبيئة

وفقا لموقع منظمة الأمم المتحدة، يقاس تأثير الغذاء على المناخ من حيث كثافة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وترتبط الأطعمة حيوانية المصدر، وخاصة اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان والربيان المستزرع، بشكل عام بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الأكثر حدة.

ويرجع ذلك إلى إنتاج اللحوم الذي يتطلب غالبًا أراضي عشبية واسعة تنشأ عادة عن طريق قطع الأشجار، وإطلاق ثانِ أكسيد الكربون المخزن في الغابات، وكذا الأبقار والأغنام ينبعث منها غاز الميثان أثناء هضم العشب والنباتات.

وينبعث من نفايات الماشية في المراعي والأسمدة الكيماوية المستخدمة في المحاصيل لتغذية الماشية، أكسيد النيتروز، وهو من الغازات الدفيئة أيضا.

لكن الأطعمة النباتية مثل الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة والفاصوليا والبازلاء والمكسرات والعدس، تتطلب عمومًا طاقة وأرضًا ومياها أقل، وتحتوي على كثافة غازات دفيئة أقل من الأطعمة الحيوانية.

- النظام الغذائي يحول الأرض إلى ضحية مناخية

ويتناول تقرير منشور في صحيفة "الجارديان" البريطانية، يناقش مشكلة النظام الغذائي في ضوء أزمة المناخ، مستندًا إلى كتاب الصحفي مايكل جرونوالد "نحن نأكل الأرض"، إذ أوضح المؤلف، أن الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة بات ممكنًا، لكن إنتاج الغذاء ما يزال يمثل معضلة مناخية حادة، إذ تساهم الزراعة في نحو ثلث الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري، عبر إزالة الغابات للرعي وزراعة المحاصيل، خاصة مع تزايد الطلب على اللحوم في الدول النامية.

- مساحة الزراعة الحالية قيد يمنع التوسع المستدام

وبحلول عام 2050، سيحتاج الإنتاج الزراعي للزيادة بنسبة 50% لإطعام 10 مليارات نسمة، دون تدمير التنوع البيولوجي أو الغابات المخزنة للكربون، والمشكلة أن الأرض المخصصة للزراعة تعادل بالفعل مساحة آسيا وأوروبا معًا؛ مما يجعل التوسع صعبًا، ويصف "جرونوالد" المهمة بأنها أصعب من التخلص من النفط، معتبرًا أن حل مشكلة الكربوهيدرات أصعب من حل مشكلة الهيدروكربون.

- احتجاز الكربون في التربة أمل زائف

ويناقش الكتاب، عدة حلول مطروحة، لكنه يكشف عن محدوديتها التي تتمثل في: احتجاز الكربون في التربة الذي يراه المؤلف حلًا وهميًا لا يحقق الأثر المطلوب، والوقود الحيوي يراه مضر بيئيًا؛ لأنه يحول المحاصيل من الغذاء إلى الطاقة، مما يزيد الضغط على الأراضي.

- اللحوم النباتية والمزروعة بين التراجع والكلفة العالية

ويرى مايكل جرونوالد، أن فكرة اللحوم النباتية رغم بدايتها الواعدة، تراجعت شعبيتها وفشلت شركات كبرى مثل "بيوند ميت"، مع انخفاض قيمتها بنسبة 95% وخروج منتجاتها من الأسواق، فضلًا عن اللحوم المزروعة في المختبر التي ما زالت مكلفة، ومحدودة الإنتاج، ومثيرة للجدل السياسي والثقافي، حتى أن بعض الولايات الأمريكية حظرتها.

ولفت إلى أن الزراعة العمودية وفكرة توفير مساحة وتقليل التلوث لم تصمد أمام الواقع، إذ تستهلك كميات هائلة من الطاقة، وأدت إفلاسات متتالية للشركات العاملة فيها.

- نحو نظام غذائي مستدام

ورغم ما سبق، أكد ضرورة مواصلة التجريب بحثًا عن حلول قابلة للتطبيق، مشيرا إلى أن هناك أبحاثًا مبتكرة، مثل تحسين التمثيل الضوئي لزيادة الإنتاجية الزراعية، مستشهدا بتجربة الطاقة المتجددة التي حققت إنجازات كبيرة في وقت قصير.

وأوضح أن تغيير الأنظمة الغذائية صعب؛ لأن الطعام مسألة شخصية وثقافية، لكن تجاوز أهداف المناخ سيكون أصعب إذا لم نتحرك.

ومن بين الحلول الممكنة التي اقترحها مايكل جرونوالد: "تطوير تقنيات وحوافز لزيادة إنتاج الغذاء بكفاءة وعلى مساحة أقل، وتقليل هدر الطعام بنسبة كبيرة، ووقف الممارسات الضارة مثل قطع الغابات لأسباب غير ضرورية، وتحسين جودة وأسعار البدائل النباتية لجعلها أكثر جاذبية".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك