عبد العال: لن يؤثر على استثمارات الأجانب في أدوات الدين أو يزيد أسعار الدولار
أبو باشا: ارتفاع العائد الإيجابي على الجنيه يعزز توقعاتنا بالخفض
قبل اجتماع لجنة السياسات النقدية خلال الساعات المقبلة، توقع عدد من الخبراء الاقتصاديين أن يتجه البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ 5 سنوات، رغم الضغوط الناتجة عن الحروب التجارية.
وكان آخر خفض للفائدة أجراه البنك المركزي في نوفمبر 2020، ثم بدأ في مارس 2022 انتهاج سياسة نقدية متشددة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
ولم تكن هناك فرصة منذ ذلك التوقيت أمام «المركزي» لخفض أسعار الفائدة بعد رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة على الدولار، وسعي البنك المركزي للسيطرة على مستويات التضخم بعد أن سجلت مستويات قياسية في أعقاب قرارات الإصلاح الاقتصادي المتعلقة بتحرير سعر الصرف.
يرى محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين بالمجموعة المالية «هيرميس»، أن الظروف الاقتصادية الآن أصبحت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للبنك المركزي لإجراء خفض في أسعار الفائدة على الجنيه بقيمة تصل إلى 200 نقطة أساس.
وثبَّت البنك المركزي في اجتماع لجنة السياسات النقدية السابق أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند مستويات 27.25% و28.25% على الترتيب، وأرجع القرار حينها إلى حالة عدم اليقين العالمي بشأن السياسات التجارية وضمان تحقيق انخفاض ملموس ومستدام في التضخم.
وتابع أبو باشا خلال تصريحات لـ"الشروق" أن مؤشرات التضخم تراجعت خلال قراءتي شهري فبراير ومارس، وخاصة التضخم الأساسي، وهو ما كان يحتاج البنك المركزي للتأكد منه قبل خفض أسعار الفائدة.
وانخفضت مستويات التضخم الأساسي على أساس سنوي إلى 10% خلال فبراير الماضي، قبل أن تنخفض إلى 9.4% خلال مارس.
وأضاف أبو باشا: «ما يعزز توقعاتنا بإجراء خفض في أسعار الفائدة خلال اجتماع اليوم هو ارتفاع الفائدة الإيجابية على الجنيه، التي تتراوح بين مستويات 12% و13% حالياً».
والفائدة الإيجابية تعني الفارق بين العائد الذي يحصل عليه المودعون مقارنة بمستويات التضخم.
ويرى أبو باشا أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الوقود بنوعيه البنزين والسولار لن تؤثر على قرار البنك المركزي اليوم بخفض أسعار الفائدة "لأنها قرارات لم تكن مفاجئة بل كان البنك المركزي يتوقع حدوثها".
والأسبوع الماضي، رفعت لجنة التسعير التلقائي للوقود أسعار السولار والبنزين بقيمة 2 جنيه للتر، ضمن اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن أسعار الطاقة بنهاية 2025.
وقالت آية زهير، رئيس قسم البحوث في شركة زيلا كابيتال للاستشارات المالية، إن البنك المركزي من المتوقع أن يخفض الفائدة في هذا الاجتماع بما يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس بعد تراجع مستويات التضخم محلياً.
وأضافت زهير خلال تصريحات لـ"الشروق" أنه كان من الممكن أن يكون الخفض المرتقب بنسب تصل إلى 400 نقطة أساس، لولا الظروف العالمية وما يحدث من حروب تجارية أدت إلى توقف الفيدرالي الأمريكي عن مسار تيسير السياسة النقدية.
وقال آنجوس بيلير، الرئيس التنفيذي لـsingnet institute، في تصريحات متلفزة، إنه الوقت حان أمام البنك المركزي لتخفيض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 100 و300 نقطة أساس، ليسمح للحكومة بتخفيف الضغوط على المالية العامة في المستقبل، خاصة أن معدلات التضخم تواصل التراجع حتى بعد رفع الدعم.
وأضاف أن إجراء أي خفض للفائدة يعزز الثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد المصري، ولكن المستثمرين الأجانب لا ينظرون فقط إلى ما يفعله البنك المركزي، بل هناك عوامل أخرى خارج نطاقه بحاجة إلى اهتمام أكبر، مثل ما تقوم به الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بتوسع أكبر للقطاع الخاص في نمو الاقتصاد.
وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إنه يميل إلى اتجاه البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 200 و300 نقطة أساس بعدما بدأ التضخم في مساره الهبوطي، بالإضافة إلى ارتفاع الدخل الحقيقي الذي قد يشكل ضغطاً مستقبلياً على عودة التضخم للارتفاع مرة أخرى.
وأضاف عبد العال أن أسعار الفائدة في حاجة للانخفاض في الوقت الحالي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم النمو الاقتصادي وتقليل أعباء الديون المحلية، مشيراً إلى أن انخفاضها لن يؤثر على تخارجات الأجانب من أدوات الدين أو حتى ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث لا تزال أسعار الفائدة في صالح الجنيه حتى لو حدث تخفيض للفائدة.
وبالرغم من التوقعات السابقة لقيام البنك المركزي بخفض الفائدة، إلا أن هناك توقعات أخرى مالت إلى أن يثبت البنك المركزي الفائدة في هذا الاجتماع بسبب التوترات التجارية العالمية.
وتوقع كارلا سليم، المحللة الاقتصادية لدى "ستاندرد تشارترد"، أن يثبت البنك المركزي أسعار الفائدة في هذا الاجتماع على أن يبدأ تخفيضها في شهر مايو، وذلك بسبب ضغوط ما يحدث من صراعات تجارية في الاقتصاد العالمي، مما سيدفع البنك المركزي إلى التريث في خفض الفائدة واتباع نهج حذر بسبب التقلبات وحركة رؤوس الأموال التي حدثت مؤخراً.
وأدى تخارج الأجانب من أدوات الدين المحلية مع الخسائر التي تعرضت لها الأسواق العالمية بسبب الحروب التجارية إلى ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث بلغ 51.70 جنيه.
ولكن محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين بالمجموعة المالية هيرميس، قال لـ"الشروق" "حتى لو كان هناك تخوفات لدى البنك المركزي من تأثير الحروب التجارية وتقلبات أسعار صرف الدولار على مستقبل التضخم، فهناك انخفاض كبير في أسعار برميل البترول بنحو 10 دولارات للبرميل، وهو الأهم بكثير من التضخم في مصر، ما يجعل البنك المركزي يخفض الفائدة بأريحية هذا الاجتماع".