توفيق: القدرة الشرائية لـ99.5% من المصريين لا تتلاءم مع أسعار الشركات العقارية
فوزي يستبعد أي تراجع.. وشفيع يتوقع زيادة 15% سنويا
تباينت آراء خبراء ومحللي القطاع العقاري، حول رؤية مستقبل أسعار العقارات في مصر، واحتمالية انخفاضها بالتزامن مع تراجع أسعار الدولار ومعدلات التضخم، فمنهم من يتوقع تراجعها إلى قيمتها العادلة، وآخر يتوقع ارتفاعها بنسبة تتراوح بين 10 و15% سنويا.
وانخفض سعر صرف الدولار أمام الجنيه في البنوك العاملة بالسوق المحلية بنسبة 5% منذ بداية العام الجاري، ليصل حاليا إلى مستويات الـ48.38 جنيه للبيع -وهو أدنى مستوى منذ عام- مقابل 50.90 جنيه في يناير الماضي.
كذلك هبطت معدلات التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية ليسجل 13.1% خلال شهر يوليو الماضي، مقابل 14.4% في الشهر السابق له، و25.2% في يوليو 2024، بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وترتبط أسعار العقارات بشكل غير مباشر بتغيرات سعر صرف الدولار، خاصة أن أغلب مُدخلات الإنتاج مقوّمة بالدولار، مثل الحديد ومصادر الطاقة اللازمة لتشغيل الصناعات المحلية كالأسمنت والطوب.
وقفزت أسعار العقارات بنسبة تتراوح بين 500 و600% خلال الثلاثة أعوام الماضية، بحسب فتح الله فوزي، رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، مشيرا إلى أن سعر المتر المربع الذي كان يُباع بـ10 آلاف جنيه في عام 2022 في القاهرة الجديدة، ارتفع إلى ما بين 50 و70 ألف جنيه حاليا.
وأضاف فوزي خلال تصريحاته لـ"الشروق"، أن الطفرات السعرية التي شهدتها السوق العقارية منذ عام 2022 ترجع إلى ارتفاع سعر صرف الدولار خلال تلك الفترة من مستويات الـ15 جنيها إلى 50 جنيها.
واستبعد رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين حدوث أي تراجع لأسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، مع انخفاض أسعار الصرف، قائلا: "المطورون يحاولون تعويض خسائرهم المالية التي تكبدوها خلال الأعوام القليلة الماضية".
وأوضح أن التغيرات التي طرأت على الاقتصاد المصري منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في خسائر مالية فادحة لكل المطورين العقاريين، حيث ارتفعت تكاليف الإنتاج بثلاثة وأربعة أضعاف قيمتها، وهو ما أدى إلى تعثر بعض المطورين عن تسليم المشاريع.
وأشار إلى أن أسعار العقارات الحالية تتضمن نسب تحوط عالية للمطورين من أي مخاطر اقتصادية قد تحدث خلال السنوات الأربعة المقبلة، كما تشمل هوامش لتعويض خسائر المشاريع المُسلمة خلال العامين الماضيين، عندما نفذّ المطورون مشاريعهم بتكلفة إنتاج تتجاوز سعر البيع بنسبة 200% على الأقل.
وجرت العادة في السوق العقارية أن يبيع المطوّر العقاري الوحدات للعملاء قبل تنفيذها، ويتم التسليم خلال فترة تتراوح بين 3 أو 4 سنوات، لذلك فأي تغير كبير في تكلفة الإنتاج عقب بيع الوحدات يؤثر سلبا على المطوّر.
ويرى فوزي أن أسعار العقارات في مصر غير مُبالغ فيها، وعند مستوياتها العادلة، مرجعا ذلك إلى وجود منافسة شرسة -بحسب وصفه- بين شركات التطوير العقاري البالغ عددها 1600 شركة، لافتا إلى أن تلك المنافسة تُجبر الشركات على التسعير العادل، والتوسع في التسهيلات الممنوحة للعميل.
على جانب آخر، يرى هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، أن أسعار العقارات الحالية عند مستويات أعلى من قيمتها العادلة بنسبة كبيرة جدا، قائلا: "السوق العقارية في مصر تُعاني من فقاعة سعرية ضخمة، وقد تنفجر في أي وقت".
وأضاف توفيق خلال تصريحات لـ"الشروق"، أن القدرة الشرائية لـ99.5% من الشعب المصري لا تتلاءم مع جميع الأسعار المطروحة من جميع الشركات العقارية، وهو ما نتج عنه تباطؤ كبير في القطاع.
وأشار إلى أنه بالرغم من ضعف المبيعات في القطاع إلا أن الشركات مُصرة على التوسع في طرح مشروعات جديدة بأسعار مبالغ بها، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى إجبار المطورين على تخفيض الأسعار لتنشيط حركة المبيعات، وتسييل الأموال التي تمكنهم من تنفيذ المشروعات المتعثرة.
ولفت إلى أن الارتفاع الكبير في أسعار الوحدات السكنية أدى إلى قفزات غير مسبوقة في القيّم الإيجارية، قائلا: "لن تنخفض أسعار الإيجارات السكنية إلا بتراجع سعر الوحدات نفسها".
ويختلف معه، مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة "عربية أونلاين" لتداول الأوراق المالية، قائلا: "لا يوجد مبرر أو سبب يُجبر المطورين العقاريين على تخفيض أسعار الوحدات السكنية والتجارية خلال الفترة المقبلة".
وأضاف شفيع خلال تصريحاته لـ"الشروق"، أن المطورين قد يتجهوا لمنح تسهيلات ائتمانية أوسع للعملاء لتنشيط حركة المبيعات نسبيا، مثل زيادة مدة التقسيط إلى 10 سنوات بدلا من 7 سنوات، ولكن لن يقبل المطوّر بأي خسائر مادية، خاصة أن أغلب الشركات لديها ملاءة مالية قوية تجعلها قادرة على تجميد السيولة في العقارات لمدد زمنية طويلة.
وأشار إلى أن أغلب شركات التطوير العقاري تستهدف شريحة معينة من العملاء ذات القدرة المالية الفارهة، لافتا إلى أن الأسعار الحالية تعتبر ملائمة جدا لهذه الشريحة، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.
ويتوقع شفيع أن تواصل أسعار العقارات ارتفاعها خلال الفترة المقبلة بنسبة تتراوح بين 10 و15% سنويا، خاصة مع غلاء أسعار مدخلات الإنتاج الأساسية مثل الحديد والأسمنت.