محللون: أمن أمريكا مرهون برضا الحزب الشيوعي الصيني بسبب المعادن النادرة - بوابة الشروق
الجمعة 19 سبتمبر 2025 3:46 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

محللون: أمن أمريكا مرهون برضا الحزب الشيوعي الصيني بسبب المعادن النادرة

حياة حسين
نشر في: الأربعاء 17 سبتمبر 2025 - 7:13 م | آخر تحديث: الأربعاء 17 سبتمبر 2025 - 7:13 م

يرى محللون أن أمن الولايات المتحدة اليوم، يعتمد إلى حد كبير على مدى رضا الحزب الشيوعي الصيني عن البيت الأبيض، وذلك بسبب هيمنة بكين على سوق المعادن الأرضية النادرة. وهو ما يفسر اندفاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ بداية ولايته الثانية في يناير الماضي لإبرام صفقات تضمن إمداد بلاده بهذه الخامات الاستراتيجية.

تسيطر الصين على نحو 85% من عمليات معالجة المعادن الأرضية النادرة، ويُقدَّر أن 78% من أنظمة أسلحة وزارة الدفاع الأمريكية تعتمد على هذه المعادن. وهذا يعني أن شركات الدفاع تسابق الزمن للحصول على العناصر المستخدمة في كل شيء: من أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء في الصواريخ، إلى مكونات الطائرات بدون طيار. وفي المقابل تتراجع مخزونات الطوارئ الأمريكية.

ووفق مقال تحليلي نشرته صحيفة ذا هيل، أصبح إحياء عمليات تعدين وتكرير المعادن الأرضية النادرة داخل الولايات المتحدة «ضرورة ملحّة للأمن القومي»، ويتطلب «إجراءات فيدرالية حازمة الآن قبل أن تتعرض أنظمتنا الدفاعية لمزيد من الاختراق».

الصين تتحكم في الإمدادات

أدركت واشنطن مبكرًا خطر هيمنة بكين على هذه المعادن، وما يمكن أن يفعله الحزب الشيوعي الصيني إذا غضب من البيت الأبيض. فالمسألة لا تتعلق فقط بالصناعات النظيفة – التي لا يؤمن ترامب بها كثيرًا – بل تمس أيضًا صميم الدفاع عن البلاد.

فحين قرر ترامب في صيف العام الماضي فرض رسوم جمركية صارمة على الواردات الصينية لإنهاء ما وصفه بـ«استغلال اقتصاد السوق الأمريكي»، جاء الرد الصيني قاسيًا: إذ قيّدت بكين تدفق المعادن الأرضية النادرة إلى شركات الدفاع الأمريكية. ولم تعد واشنطن إلى طاولة المفاوضات إلا بعد أن أفرجت الصين عن صادرات تلك المعادن، مع تمديد الهدن التجارية للوصول إلى اتفاق مُرضٍ للطرفين.

ويُرجّح محللون أن هذا النفوذ الصيني يفسر تردد واشنطن في اتخاذ إجراءات مشددة ضد بكين بسبب شرائها النفط الروسي، رغم أن ترامب كان قد رفع الرسوم الجمركية على الواردات الهندية إلى 50% للسبب نفسه، بينما تعدّ الصين أكبر مستورد لخام موسكو.

تحركات أمريكية لتأمين الإمدادات

بينما تنخرط واشنطن في مفاوضات تجارية مع الصين لكسب الوقت، تسعى في الوقت ذاته لفتح مسارات بديلة لتأمين احتياجاتها من المعادن النادرة. فقد أبرم ترامب صفقات مع أوكرانيا ودول آسيوية أخرى للحصول على معادنها، مشيرًا إلى أنه سيسعى في المقابل إلى إنهاء الحرب في كييف.

داخليًا، اتخذت إدارة ترامب خطوة مهمة قبل أشهر بتوقيع صفقة بمليارات الدولارات مع شركة إم بي ماتيريالز التي تدير حاليًا منجم ماونتن باس. وبخلاف محاولات سابقة لإحياء المنجم الوحيد للمعادن الأرضية النادرة في الولايات المتحدة، تضمن وزارة الدفاع هذه المرة حدًا أدنى للسعر، مع اتفاقية شراء تمتد لعشر سنوات، لحماية المشروع من أي تلاعب صيني بالأسعار.

لاحقًا أعلنت الإدارة الأمريكية أنها تعمل على توسيع هذا الضمان السعري ليشمل شركات أمريكية أخرى معنية بالمعادن النادرة.

التكرير.. الحلقة الأضعف

يرى خبراء أن هذه الخطوات تمثل بداية جيدة، لكنها لن تُجدي دون إعادة بناء قدرات التكرير المحلية. فكما حدث مع التعدين، تعرضت عمليات تكرير المعادن النادرة الأمريكية للتقويض بسبب انخفاض تكلفة العمليات الصينية.

وتعدّ زيادة قدرات التكرير المحلي جزءًا أساسيًا من استراتيجية البيت الأبيض، إذ أفادت تقارير بأن الإدارة تدرس إجراء عمليات التكرير في القواعد العسكرية لتعزيز الإنتاج، مع ضمان دعم حكومي يحافظ على تشغيل المنشآت مهما حاولت الصين الضغط على السوق.

كما تستفيد جهود تعزيز التعدين والتكرير في الداخل من سياسة ثنائية أقرتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، تشترط إزالة المعادن النادرة الصينية من أنظمة الأسلحة الأمريكية بحلول عام 2027.

صندوق استثماري ضخم

لا يقتصر الطلب على هذه المعادن على البنتاجون فحسب، لكن ضمان وجود مشترٍ ضخم مثل وزارة الدفاع سيدعم النظام البيئي للإنتاج المحلي. وفي هذا السياق، تُجري الولايات المتحدة محادثات لإنشاء صندوق استثماري بقيمة 5 مليارات دولار لدعم عمليات التعدين، في ما قد يكون أكبر تحرك حكومي لتأمين إمدادات المعادن الحيوية.

يُذكر أن الولايات المتحدة كانت في النصف الثاني من القرن العشرين المورد العالمي الأبرز للمعادن الأرضية النادرة. وكان منجم ماونتن باس في كاليفورنيا يمثل قوة عالمية حتى أُغلق عام 2002، بعدما عجز عن الحفاظ على ملاءته المالية في ظل اللوائح البيئية الصارمة. عندها دخلت الصين السوق بقوة، واستحوذت تدريجيًا على الحصة الأكبر عالميًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك