أعلن الحوثيون ارتفاع حصيلة القتلى جراء الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت منشأة رأس عيسى النفطية بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، اليوم الجمعة، إلى 38 قتيلاً وأكثر من 100 مصاب، في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ بدء العمليات العسكرية الأميركية ضد الجماعة اليمنية.
وتأتي هذه الضربة في سياق التصعيد المستمر بين الولايات المتحدة والحوثيين، على خلفية الهجمات التي تستهدف الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والتي تقول واشنطن إنها تهدد أمن واستقرار المنطقة. في المقابل، تؤكد الجماعة أن عملياتها تأتي "نصرة لغزة" ورفضًا لما تصفه بـ"التواطؤ الدولي مع العدوان الإسرائيلي".
ونقلت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين عن مكتب الصحة في محافظة الحديدة أن "38 عاملاً وموظفًا استُشهدوا، وأُصيب 102 آخرون في حصيلة غير نهائية لجريمة العدوان الأميركي على منشأة رأس عيسى النفطية".
تُعد منشأة رأس عيسى النفطية من أهم المرافئ المتخصصة في تصدير النفط الخام في اليمن، وتقع على الساحل الغربي بمحافظة الحديدة، حيث تطل مباشرة على البحر الأحمر. وتلعب المنشأة دورًا محوريًا في تصدير النفط اليمني منذ إنشائها، خصوصًا من حقول مأرب وشبوة، عبر أنبوب يمتد مئات الكيلومترات إلى الغرب.
تأسست المنشأة في ثمانينيات القرن الماضي ضمن مشروع استراتيجي ضخم لنقل النفط من الحقول الداخلية في مأرب إلى البحر الأحمر، عبر خط أنابيب بطول يتجاوز 430 كيلومترًا. وتحتوي على خزانات كبيرة ومنصة تحميل بحرية متصلة بالناقلات، ما يجعلها نقطة عبور رئيسية للنفط اليمني إلى الأسواق العالمية، بحسب الشركة اليمنية لتكرير النفط.
وخضعت المنشأة في السنوات الأخيرة لسيطرة جماعة الحوثي، بعد أن كانت تُدار سابقًا من قبل الحكومة اليمنية. وقد أثّر الوضع الأمني المتدهور في البلاد على عمليات المنشأة، فتوقف الضخ أكثر من مرة، وبرزت مخاوف من تدهور بنيتها التحتية، في ظل غياب الصيانة، وفقًا لوكالة "سبأ" اليمنية.
وفي السياق نفسه، أثيرت تحذيرات أممية ودولية متكررة بشأن الخطر البيئي المحدق بالمنطقة المحيطة برأس عيسى، خاصة بسبب قربها من الخزان النفطي العائم "صافر"، الذي يحمل أكثر من مليون برميل من الخام، والمتوقف عن العمل منذ عام 2015، وسط تحذيرات من تسرب كارثي محتمل.
وعلى الرغم من تراجع عملياتها في السنوات الأخيرة، لا تزال المنشأة تحتفظ بموقعها الاستراتيجي، خاصة لقربها من مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات التجارة والطاقة في العالم، ما يجعلها – رغم الجمود – ورقة جيوسياسية بالغة الحساسية في صراع البحر الأحمر المتصاعد.