- المجلة الأمريكية: عدد متزايد من شركاء وخصوم واشنطن في المنطقة تعلموا تجاهلها
في نقد لاذع للسياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، رأت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أن الولايات المتحدة تتفوه بشكل روتيني بكلمات فارغة، وتتبني ما وصفته بـ "أيديولوجية التمني"، مشيرة إلى أن عددا متزايد من شركاء وخصوم واشنطن في المنطقة تعلموا تجاهلها.
وقالت المجلة الأمريكية، في تقرير مطول على موقعها الإلكتروني إن الولايات المتحدة امتنعت عن القيام بالشيء الوحيد الذي كان من شأنه أن يجعل وقف إطلاق النار في قطاع غزة ممكنا وهو تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل أو ربطها بشروط، مشيرة إلى أن هذه المساعدات التي أبقت النار مشتعلة.
ورأت المجلة، أن اتخاذ تلك الخطوة كان الشيء الوحيد الذي يمكن أن يبرهن، على التزام أمريكي فعلي بحماية أرواح كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، بما يتجاوز مجرد ترديد العبارات الإنشائية، فكلما مر الوقت، اتضح أن التصريحات الأمريكية مجرد كلمات فارغة، تُقابل إما بعدم التصديق أو اللامبالاة.
وتساءلت "فورين أفيرز": هل كان صانعو السياسة الأمريكية يؤمنون بما قالوه؟، وإن لم يؤمنوا بذلك لماذا استمروا في هذه التصريحات؟ وإن كانوا يؤمنون، فكيف أمكنهم تجاهل كل هذا الكم من الأدلة المناقضة التي كانت ماثلة أمام أعينهم؟.
واعتبرت المجلة الأمريكية أن هذه الأكاذيب غطاء لسياسة مكنت إسرائيل من شن هجماتها الضارية على غزة.
ونوهت "فورين أفيرز" بأنه مع أن وحشية إسرائيل ازدادت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن تلك الأكاذيب السابقة خلال إدارة سلفه جو بايدن هي التي مهدت الطريق، موضحة أنها ساعدت على تطبيع عمليات القتل العشوائي التي ترتكبها إسرائيل حيث استهدافها المستشفيات والمدارس والمساجد، واستخدامها الوصول إلى الغذاء كسلاح من أسلحة الحرب، واستمرار اعتمادها على السلاح الأمريكي.
وتابعت: "لقد مهدت الأرضية ولم يعد هناك سبيل للعودة إلى الوراء".
وبحسب المجلة، لم تكن هذه الخديعة الأمريكية جديدة، فجذورها تمتد إلى ما قبل الحرب في غزة، وتتجاوز الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، لقد تحولت إلى عادة.
وأوضحت المجلة أن الولايات المتحدة ظلت على مدى عقود، تُخفي حقيقتها بشأن موقفها من الصراع، متظاهرة بدور الوسيط فيما كانت في الحقيقة طرفا منحازا بالكامل.
واتهمت المجلة واشنطن بممارسة التضليل عندما ساعدت على صياغة ما سُمي بـ"عملية السلام" التي أسهمت في إدامة وترسيخ الوضع القائم أكثر مما أسهمت في تغييره.
وتابعت أنها مارست التضليل كذلك حين صورت سياستها الأوسع في الشرق الأوسط على أنها ترمي إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، كما ضللت أيضا حين ادعت النجاح رغم أن جهودها انتهت إلى سلسلة من الكوارث.
ورأت "فورين أفيرز" أن مراحل السياسة الأمريكية الفاشلة في الشرق الأوسط تتسم بنمط متكرر؛ فهي تبدأ بنهج خاطئ، أو قراءة غير دقيقة للواقع، أو خطأ متعمد أو غير مقصود.
وأشارت إلى أمثلة على ذلك قائلة: "يحدث هذا حين يصر مسئولون أمريكيون على أن أفضل وسيلة للتأثير في إسرائيل ليست عبر الضغط بل سياسة الاسترضاء أو عندما يتدخلون بشكل غير محسوب في الساحة الفلسطينية، في محاولة لفرض قادة "معتدلين" مفضلين لديهم، وهو دعم يبدو شعبيا أقرب إلى وصمة إدانة. كما يتجلى الفشل أيضا حين تُستبعد من جهود السلام الأطراف الأكثر قدرة على عرقلتها، من المستوطنين والقوميين الدينيين الإسرائيليين إلى اللاجئين الفلسطينيين والتيارات الإسلامية.
وخلصت "فورين أفيرز" إلى أن الولايات المتحدة، في تعاملها مع الشرق الأوسط، تتبنى أيديولوجيا التمني، وتتفوه بشكل روتيني بكلمات فارغة، وتطلق ادعاءات سرعان ما تدحضها الأحداث.
وأرجعت المجلة السبب في ذلك الوضع إلى تآكل القوة والنفوذ الأمريكيين، مشيرة إلى أن عددا متزايدا من الشركاء والخصوم في الشرق الأوسط تعلموا تجاهل واشنطن.
ومضت قائلة إن الولايات المتحدة، بكل ما تملك من قوة، تواجه بالرفض بانتظام من قبل إسرائيل وحتى من الفلسطينيين، واكتفت بأن تكون شاهدة على إحراجها الذاتي.