من الشارع إلى دور الرعاية.. «الشروق» ترافق فريق التدخل السريع في رحلة إنقاذ المشردين من حياة الشوارع - بوابة الشروق
الأحد 19 أكتوبر 2025 4:05 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

من الشارع إلى دور الرعاية.. «الشروق» ترافق فريق التدخل السريع في رحلة إنقاذ المشردين من حياة الشوارع

تصوير: دنيا يونس
تصوير: دنيا يونس
تحقيق- آية عامر تصوير - دنيا يونس
نشر في: السبت 18 أكتوبر 2025 - 7:14 م | آخر تحديث: السبت 18 أكتوبر 2025 - 7:51 م

• مسن: «أخيرًا لقيت مكان أرتاح فيه»
• سيدة ترفض دار الرعاية مكتفية بالحصول على بطانية لطفلتها
• أستاذ طب نفسى: أغلب المشردين يعانون من الفصام العقلى
• خبير سياحى يدعو لوضع خطة قومية لتأهيل الذين يعيشون بلا مأوى
• أيمن هنداوى: الحالات المحالة بقرار من النيابة لا يمكن خروجها إلا بإذن رسمى

 

فى الآونة الأخيرة، بات مشهد وجود مشردين يعيشون فى الشوارع بلا مأوى ظاهرة لافتة للأنظار، تعكس تحديًا إنسانيًا واجتماعيًا متزايدًا يحتاج إلى وقفة جادة.

وفى ظل غياب إحصاءات حديثة ودقيقة توضح حجم هذه المشكلة فى الشارع المصرى. وتتزايد المخاوف من تأثير هذه الظاهرة السلبية على أمن المجتمع وصورته بشكل عام، وامتداد انعكاساتها السلبية إلى قطاعات حيوية مثل السياحة وفى شوارع مزدحمة تخبئ بين زواياها قصصا مجهولة، يعيش مواطنون خارج دائرة الضوء بلا مأوى ولا سند.

ومع اقتراب فصل الشتاء تصبح معاناة هؤلاء المشردين فوق الاحتمال، ويصبح دور فريق التدخل السريع التابع لوزارة التضامن الاجتماعى المكلف بإنقاذ المرشدين ونقلهم إلى دور الرعاية أكثر أهمية.

ورافقت «الشروق» فريق التدخل السريع فى رحلته للحد من ظاهرة المشردين فى مدينة القاهرة، بدءا من غرفة العمليات مزودة بأحدث وسائل الاتصال التى تتلقى البلاغات عن مكان وجود أى مشرد يعيش فى الشارع، ثم مرافقة الفريق الميدانى الذى يتحرك لإنقاذ المشرد، عبر مسار طويل يبدأ من الشارع ويمر بالمستشفى والقسم والنيابة وصولا إلى دار الرعاية، عشنا عن قرب تفاصيل عمل لا يعرفها القارئ إلا فى صورة بيانات رسمية.

منذ اللحظة الأولى كان المشهد داخل غرفة العمليات أشبه بخلية نحل: أصوات الأجهزة اللاسلكية تتداخل مع نغمات الهواتف، وشاشات الكمبيوتر تضىء فى تتابع مستمر لتسجيل البلاغات، وعلى الجدار الخلفى خريطة كبيرة لمصر تتوزع عليها أماكن الحالات التى يتعامل معها الفريق فى مختلف المحافظات.

كان واضحا أن العمل هنا منظم بدقة: مسئول يتابع على الكمبيوتر آخر المستجدات، وموظف يتلقى البلاغات، وزملاء يستعدون للتحرك الميدانى.

خرجت «الشروق» مع الفريق إلى الميدان، ثلاث شابات يرتدين سترات التدخل السريع البرتقالية، وإلى جوارهن موظفان آخران يتابعان الخطط ويستقبلان الاتصالات.

سيارات الوزارة المجهزة بشاشات وأجهزة لاسلكى فى وضع استعداد، الكل فى حركة دائمة، بين مكالمات وتنسيق ورسم خطط للانتقال.

توقفنا فى أكثر من نقطة، يبحث الفريق عن حالات طارئة مفاجئة فى الشارع، طفل تائه، سيدة بلا مأوى، رجل مسن يحتاج إلى نقل عاجل، كانت التحركات سريعة، والخطوات محسوبة، لكن الملامح لا تخلو من الإنسانية والرحمة.

وبدأ الفريق من منطقة الطالبية بالجيزة، حيث جلس رجل نحيل تخطى الخمسين من عمره على نفس الرصيف الذى اتخذه بيتا لأكثر من سنة، عيناه شاردتان، يداه ترتجفان من التعب والإرهاق، وعلى الأرض حوله بقايا أغطية، نسير نحوه بخطوات حذرة مع فريق التدخل السريع، أصوات اللاسلكى فى خلفية المشهد تعلن عن بلاغات جديدة، وسيارة التدخل السريع متوقفة بجوارنا فى وضع استعداد.

تقترب إحدى الفتيات الثلاث اللاتى يرتدين سترة التدخل السريع، تجلس على ركبتيها بجواره، تبتسم له وتشرح بهدوء: «إحنا جايين نساعدك، هنوديك مكان آمن فيه سرير دافئ وأكل وعلاج»، هو ينظر إليها طويلًا وكأنه يقيس مدى صدقها، ثم يغمض عينيه للحظة، ويهز رأسه بالموافقة.

مسن يجد الأمان فى دار الرعاية

وخلال حديثه مع فريق التدخل السريع يقول الرجل الخمسينى: «عمرى تقريبا 53 سنة، وكنت بشتغل فى مهن بسيطة، أحيانا فى البناء وأحيانا فى الورش، لكن الدنيا ضاقت، لحد ما لقيت نفسى فى الشارع، وبقالى أكتر من سنة عايش كده، محدش بيسأل عليا، ولا أنا بسأل على حد، كنت مأجر أوضة بحوالى 700 جنيه، ولما مقدرتش أدفع الإيجار، صاحب البيت طردنى، ومن يومها وأنا هنا فى الشارع ده».

وأضاف: «أنا مش حرامى ولا بلطجى، بس الظروف قاسية، الناس فاكرة إن اللى فى الشارع اختار كده، بس الحقيقة غير كده خالص، الواحد بيبقى مضطر، وبيدور على أمان مش لاقيه».

وحين عرض عليه أحد أعضاء الفريق الانتقال إلى دار رعاية قال: «أنا أتمنى، ونفسى أروح مكان أكل فيه وأنام وألبس واستحمى، بس أهم حاجة محدش يجبرنى على حاجة، يعنى لو فى يوم حبيت أمشى، أقدر أمشى، أنا بحب حريتى، حتى لو فى الشارع».

بعد موافقته على الذهاب إلى دار الرعاية، ننطلق جميعا فى سيارة الوزارة، ويقوم أحد الموظفين بمراجعة البيانات، وآخر يتواصل مع غرفة العمليات التى تظهر خريطة مصر على شاشاتها لتحديد خط السير.

المحطة الأولى المستشفى، ويتم إجراء فحص طبى سريع وكتابة الملاحظات، ثم يتم التحرك إلى قسم الشرطة لإثبات الحالة، ثم إلى النيابة لاستكمال الأوراق القانونية، وأخيرًا نصل إلى المؤسسة الاجتماعية المتخصصة فى حالات ضعاف البنية.

أم كيان ترفض الانتقال إلى دار رعاية

وخلال جولاته الميدانية، التقى التدخل السريع سيدة دون مأوى ولا أوراق ثبوتية بصحبة طفلتها الصغيرة فى أحد الشوارع بمنطقة فيصل بالجيزة.

وخلال حديث الفريق معها، تبين أن السيدة تدعى «أم كيان»، وتبلغ من العمر نحو 25 عامًا، وتقيم فى الشارع منذ فترة، بعد أن انفصلت عن زوجها الذى تركها هى وطفلتها، ولا تعلم عنه شيئا، وأكدت أنها لا تعمل، وتعتمد على بعض المساعدات البسيطة التى يقدمها لها المارة.

وعرض عليها الفريق الانتقال إلى إحدى دور الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن لتوفير الإقامة والرعاية الصحية والغذائية اللازمة لها ولطفلتها، إلا أنها رفضت فى الوقت الحالى، مكتفية بالبقاء فى موقعها، ومؤكدة أنها لا تتعرض لأية مضايقات فى الشارع.

وأشار الفريق إلى أنه سيتم متابعة حالتها بشكل دورى من خلال البلاغ الميدانى، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير مأوى آمن لها ولطفلتها.

وعقب رفضها التحرك إلى دار الرعاية، قام فريق التدخل السريع بتقديم بطانية جديدة لها ولطفلتها لحمايتهما من برودة الطقس.

«الشارع مش أمان»

تقول عضو فريق التدخل السريع، نفيسة خضرى، إن دورهم يبدأ فور تلقى بلاغ عن وجود حالة بلا مأوى، حيث يتحرك الفريق ميدانيًا للتعامل مع الحالة على الفور.

توضح قائلة: «بمجرد وصول الفريق للحالة نبدأ فى طمأنتها، لكسر حاجز الخوف وإزالة أى شعور لديها بالضيق والتأكيد على أنه لن يتم إجبارها على شىء لا تريده، خاصة وأن الهدف الذى نسعى له هو مساعدتها حتى تكون فى مكان آمن بديل للشارع الذى قد يعرضها للخطر»، قائلة: «الشارع مش أمان».

وتضيف خضر»: «بعد دخول الحالة لدار الرعاية أو بيت سكنى، لا يتركها الفريق بل يظل يتابعها، حتى يتأكد أنها مستقرة وسعيدة فى موطنها الجديد، وحال ظهور أى مشكلة أو عقبات لديها بيتم التدخل فورا لتقديم المساعدة المطلوبة لها».

تقييم طبى شامل ورعاية متكاملة لنزلاء دور الرعاية

فيما يقول المشرف على تقديم الخدمات الطبية للنزلاء داخل مؤسسة «معا لإنقاذ إنسان»، أيمن هنداوى، إن التعامل مع الحالات يبدأ بإجراء تقييم مبدئى شامل فور وصولها؛ بهدف تحديد حالتها الصحية العامة.

وأوضح هنداوى لـ«الشروق»، أن هذا التقييم يتضمن فحصًا أوليًا لرصد أى أعراض ظاهرة أو إصابات أو أمراض جلدية، قبل أن يحال الشخص إلى الأخصائيين فى التخصصات المختلفة لإجراء فحوص دقيقة، وتحديد ما إذا كان يعانى من أمراض مزمنة، أو يحتاج إلى متابعة طبية خاصة.

وأشار إلى أن البرنامج الصحى داخل المؤسسة يعتمد على أربعة محاور رئيسية، تشمل متابعة الأدوية والعلاج، والاهتمام بالنظافة الشخصية والرعاية اليومية، خاصة للحالات غير القادرة على الاعتماد على نفسها.

وأكد أن المكان يستقبل الحالات من سن 18 عاما فأكثر، وغالبية النزلاء من أصحاب المشكلات الصحية، أو الذين لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، موضحًا أن المؤسسة تضم حاليًا نحو 148 حالة، بواقع 99 من الرجال و49 من السيدات.

وفيما يتعلق بخروج الحالات، أوضح أن الأمر يختلف حسب طريقة دخول الحالة، فالحالات التى أحيلت بقرارات من النيابة العامة لا يمكن خروجها إلا بإذن رسمى، بينما يسمح للحالات التى دخلت طوعًا بالمغادرة بعد التأكد من استقرار حالتها الصحية والنفسية، أو فى حال استلامها من قبل أحد أقاربها بموجب إقرار رسمى.

خطورة التسول على السياحة

من ناحيته قال الخبير السياحى، هانى بيتر، إن الظواهر السلبية مثل التسول وانتشار الأشخاص الذين بلا مأوى فى المناطق السياحية تعد من أخطر التحديات التى تواجه السياحة الآن، لأنها تصّدر للعالم صورة مغايرة لحقيقة المجتمع المصرى.

وأضاف أن السياحة صناعة قائمة على «اللحظة الإنسانية» التى يعيشها السائح، فإذا تأثرت هذه اللحظة بعوامل سلبية فإنها تفقده الرغبة فى العودة مرة أخرى، وتنعكس بالسلب على سمعة المقصد السياحى ككل.

ودعا بيتر إلى ضرورة وضع خطة قومية شاملة لإعادة تأهيل بلا مأوى وإدماجهم فى برامج تنموية وتربوية تعالج جذور وأسباب المشكلة وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، قائلًا: «يجب إخلاء جميع المناطق السياحية من ظاهرة الأشخاص الذين بلا مأوى، حتى لا يؤثر ذلك على صورة السياحة المصرية».

أغلب المشردون يعانون من الفصام العقلى

فيما قال أستاذ الطب النفسى بكلية الطب بجامعة الأزهر، وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسى، محمد حمودة، إن ظاهرة التشرد منتشرة فى كثير من دول العالم بشكل كبير، والولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الدول التى تعانى منها، حيث تعد من الدول التى تضم أعدادا ضخمة ممن يعيشون بلا مأوى فى الشوارع، وغالبيتهم يعانون من اضطراب الفصام العقلى، إذ يتم إدخالهم إلى دور الرعاية ثم يخرجون منها سريعا، ليعودوا مرة أخرى إلى الشوارع.

وأوضح حمودة أن أغلب الذين يعيشون بلا مأوى يعانون من أفكار خاطئة تجاه ذويهم، إذ يتخيل المريض أن أسرته تضطهده أو تريد إيذاءه، فيفضل الابتعاد والنوم تحت الكبارى.

وأضاف أن أغلب الذين يعيشون فى الشارع مصابون بالفصام العقلى، بينما المتسولون يختلفون عنهم فى أنهم يهتمون بمظهرهم الخارجى، وغالبا ما يكون لديهم مال كاف وطعام جيد، لكنهم يفضلون حياة الشارع لأنها تحقق لهم منفعة شخصية، مؤكدا أن كلا من المريض والمتسول يختار الشارع لسبب مختلف، فالأول يراه هروبا من أذى، والثانى يراه مصدرًا للربح.

وأشار إلى أن المادة 17 من قانون الصحة النفسية فى مصر تتيح لوزارة الداخلية التعامل مع مرضى الفصام المتواجدين فى الشوارع، من خلال نقلهم إلى المصحات النفسية لتلقى العلاج، وهى آلية غير موجودة فى القوانين الأمريكية.

ونوه إلى وجود بعض أولياء الأمور للمشردين يكونون مضادين للمجتمع «سيكوباتيين»، وهى أسر تنتفع ماديا من أبنائها وترفض إيداعهم فى دور الرعاية حتى تستمر فى الاستفادة منهم، وهو ما يزيد من تفاقم المشكلة وأكد حمودة أن علاج المرضى بلا مأوى أمر ضرورى، مشيرا إلى أن المستشفيات النفسية تلتزم بعلاجهم طبقا للمادة 13 من قانون الصحة النفسية، إلا أن الفصام من الأمراض المزمنة التى تحتاج إلى متابعة دائمة وأوامر علاجية مستمرة، مشددًا على ضرورة تفعيل قانون يجرم التسول بشكل صريح، مع فرض عقوبات رادعة تصل إلى السجن لضمان الحد من الظاهرة.

رئيس «التدخل السريع»: ندرس إجراء مسح ميدانى لرصد الحجم الفعلى لظاهرة «بلا مأوى»

قال رئيس فريق التدخل السريع بوزارة التضامن، محمد يوسف، إن الفريق بدأ كاستجابة إنسانية من وزارة التضامن للحد من انتشار ظاهرة الأشخاص الذين يعيشون بلا مأوى فى الشوارع، مع وجود آلية وطنية متكاملة تعمل وفق منظومة حماية مستدامة، تضم 156 أخصائيًا اجتماعيًا ونفسيًا، من بينهم 62 موظفًا يتمتعون بصفة الضبطية القضائية، بما يتيح لهم التدخل الفورى حال رصد انتهاكات أو تعرض الأطفال للخطر.

وأضاف يوسف لـ«الشروق»، أن الفريق لم يعد مجرد استجابة مؤقتة، بل أصبح شبكة ميدانية متطورة مزودة بالوسائل اللوجستية الحديثة، حيث يمتلك 31 سيارة جار تجهيزها بكاميرات داخلية وأجهزة تتبع مرتبطة بمركز السيطرة التابع لوزارة التضامن لمتابعة التحركات لحظة بلحظة، بالإضافة إلى أجهزة اللاسلكى مع فرق التدخل السريع لسهولة التواصل فيما بينها، أو مع مركز السيطرة الخاص بالوزارة.

وأوضح أن الفريق يعتمد على منظومة الشكاوى الموحدة التابعة لمجلس الوزراء ومنظومة (CRM) التابعة للوزارة، التى تتيح تلقى الشكاوى وتسجيل البلاغات وحصر الحالات ومتابعتها فوريًا؛ بما يضمن سرعة الاستجابة ودقة البيانات.

وأشار إلى أن قنوات تلقى البلاغات تشمل الخط الساخن للوزارة (16439)، والخط الساخن لمجلس الوزراء (16528)، وصفحات التواصل الاجتماعى، إلى جانب التنسيق مع الجهات الرقابية ووحدات الرصد الميدانى، منوهًا إلى أن الفريق تعامل منذ يناير الماضى وحتى شهر سبتمبر مع أكثر من 5584 حالة، تنوعت بين أطفال وكبار بلا مأوى، ونساء معنفات، وأسر مشردة، وحالات إنسانية معقدة وأعلن أن الوزارة تدرس حاليًا القيام بمسح ميدانى شامل بالشراكة مع الجمعيات الأهلية لرصد الأعداد الفعلية للمشردين فى الشوارع والميادين العامة، لتحديث قاعدة البيانات.

وأكد يوسف أن تدخل الفريق لا يقتصر على إنقاذ هؤلاء الأشخاص ونقلهم إلى دور الرعاية، بل يمتد إلى تقديم بدائل عاجلة فى حال رفض بعض الحالات الانتقال، مثل توفير البطاطين والوجبات الساخنة، موضحًا أن الهدف ليس مجرد سد الجوع أو مواجهة البرد، وإنما إقناع الأفراد بجدوى العودة إلى الحياة الطبيعية داخل مؤسسات الرعاية، وهو ما يتطلب جهدًا نفسيًا كبيرًا، خاصة مع الحالات التى تعانى من اضطرابات نفسية أو اعتادت على التسول.

وأضاف أن الفريق يعمل فى تشكيلات تضم رجالًا وسيدات لضمان التعامل الملائم مع مختلف الحالات، مشيرا إلى أن بعض الذين يعيشون بلا مأوى أصبحوا يطلبون المساعدة بأنفسهم بعد بناء الثقة مع أعضاء الفريق.

وتابع أنه يتم تفعيل غرفة عمليات خاصة مع كل موجة برد أو أمطار داخل مركز السيطرة، لمتابعة البلاغات والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى لتأمين المساعدات بشكل عاجل، موضحا أن ظاهرة الإقامة فى الشارع من الكبار ارتفعت مؤخرًا فى بعض المناطق الحيوية بالقاهرة مثل رمسيس والعتبة، وفى الجيزة بشارعى السودان والتحرير.

واستطرد: «الزيادة موسمية ومتغيرة، تكثر فى فصل الصيف وتقل فى فصل الشتاء، وتظهر فجأة بعد هطول الأمطار وخاصة فى الشوارع الرئيسية والمناطق ذات المستوى الدخل المرتفع، وأغلب الحالات تختار المناطق المزدحمة لتلقى المساعدة من المارة» وأشار رئيس فريق التدخل السريع، إلى أن القانون لا يجيز نقل البالغين إلى دور الرعاية دون موافقتهم، نظرًا لأن دور الرعاية ليست مؤسسات عقابية، بل هى مؤسسات اجتماعية تقدم خدمات متكاملة تشمل الرعاية الصحية والغذائية والأنشطة اليومية، فضلًا عن التواصل مع أسر الحالات.

وأضاف أن الفريق يضع خطط متابعة وزيارات مفاجئة لدور الرعاية الاجتماعية وعند رصد مخالفات داخل الدور، يتم تحرير محضر ضبط قضائى، حيث يتمتع بعض الأعضاء بصفة الضبطية القضائية، ما يتيح لهم الدخول فى أى وقت وضبط المخالفات وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية، وفقا لقانون الطفل وقانون الأشخاص ذوى الإعاقة وأوضح أن التعامل القانونى يختلف بين الكبار والأطفال، فالكبار الذين بلا مأوى لا يمكن إجبارهم على الانتقال إلى دور الرعاية، قائلا: «نحن ننقل الشخص إلى دار الرعاية ونوفر له المأكل والمشرب والرعاية الصحية، وله الحق فى المغادرة متى شاء».

أما الأطفال، فيتم التعامل معهم وفق قانون الطفل، حيث تجرى دراسة حالة لهم لتحديد وضعهم، وهل هم «أطفال شارع» بلا أسرة أم «أطفال عاملون» يعودون إلى منازلهم بعد ساعات العمل، وبناء على هذه الدراسة يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة مع الطفل سواء بنقله الى أحد دور الرعاية الاجتماعية، أو تقديم مساعدات لأسرته لضمان عدم عودته مرة أخرى إلى الشارع.

وبحسب يوسف تحال الحالات التى يثبت تعرضها للخطر إلى النيابة العامة، التى تصدر قرارات إيداع لها بدور الرعاية الاجتماعية، سواء كان اختياريًا برغبة الطفل أو أسرته، أو قضائيًا بناء على قرار رسمى، ولا يسمح بخروج الطفل إلا بقرار جديد من النيابة.

وأوضح أنه يتم التعامل مع بلاغات بلا مأوى من الكبار والتى تتركز فى بعض المناطق الحيوية، موضحًا أن كثيرا من الحالات التى يتم التعامل معها يتضح أنها لها مأوى ولكن تتواجد بالشارع بغرض الحصول على مساعدات من المارة.

وأشار رئيس الفريق إلى أن بعض المتسولين يرفضون التعاون بسبب المكاسب المالية الكبيرة التى يحققونها من التسول، قائلا: «بعضهم يجنى مئات الجنيهات يوميًا، وأسر تصل أرباحها إلى عشرات الآلاف شهريا، ويرفضون الانتقال إلى دور الرعاية الاجتماعية».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك