حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة المقبلة، بعنوان «الطفولة بناء وأمل».
وأوضحت وزارة الأوقاف، أن الهدف من ذلك الخطبة هو توعية جمهور المسجد بأهمية بناء إنسان مستنير بالعلم، قادر على أن يتحدى الزمن بالإنجاز.
وفيما يلي نص خطبة الجمعة:
«الحمد لله العزيز الحميد، القوي المجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من نطق بها فهو سعيد، سبحانه هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلائل نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الطفولة أجمل ما في الوجود، والنبع الحقيقي للحب والحنان في حياة الإنسان، الطفولة أحلى مراحل العمر، وأعظم فترات الحياة أهمية، والأطفال نعمة جليلة من نعم الله الوهاب التي لا تعد ولا تحصى {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، ففي ابتسامتهم البساطة، وفي تعاملهم البراءة، أحاديثهم مشوقة، ومشاعرهم صافية، أنفاسهم كالزهر في فجر الربيع، حياتهم نقاء، وصفحاتهم بيضاء.
وإذا كان واجب الوقت هو بناء إنسان متسلح بالعلم قادر على الإنجاز وتذليل التحديات، فاعلموا أيها الكرام أن نواة بناء الإنسان بناء طفولته، فبمقدار ما يتشكل الإنسان في طفولته يصير في رجولته، وحري بالمجتمع أن يحتشد لهذا البناء الشريف، وحقيق بكل أب وأم أن يسارعوا في تقديم كل أوجه الرعاية والعناية والترفيه والمتعة للطفل، وأن يبادروا إلى ملء فراغ الطفل بما يجعله سعيدا متفائلا مقبلا على الحياة.
أيها السادة، إن مما تعلمناه من علمائنا الأجلاء أن الطفولة تتوقف عندها الأحكام، وقد استدلوا على ذلك بحال الجناب المعظم صلوات ربي وسلامه عليه، فها هو ينزل من منبره الشريف، ويقطع خطبته السامية؛ تلطفا وتحننا لتعثر حفيديه سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين رضوان الله عليهما؛ وتصور معي أن الصلاة التي هي راحة النبي صلى الله عليه وسلم وسكينته وطمأنينته، كان حضرته صلى الله عليه وسلم يخففها لأجل بكاء طفل صغير، فها هو صلوات ربي وسلامه عليه يوقف حكم التأني والتمهل، ويتركه إلى ما هو أحب منه في هذا المقام من التحنن والترفق والشفقة والتلطف بالطفل، وإشباع نهمته في المتعة والترفيه والتعليم، في تطبيق نبوي فريد وحال شريف لتلك القاعدة القرآنية {فبما رحمة من الله لنت لهم}.
أيها الناس، ألا يستحق أطفالنا لغة الاحترام والرقي والرحمة الموجهة من اللسان النبوي الشريف وهو يواسي طفلا في موت عصفوره، جابرا خاطره، مترفقا به، رافعا الحزن عن قلبه: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟» ألم يحن الوقت للجلوس مع أبنائنا لنستمع إلى تطلعاتهم وآمالهم، ونعيش آلامهم، ونواسيهم كما واست الأحضان النبوية هذا الطفل الصغير، والطفل وفي ذكي حصيف، يحفظ الجميل، ويتذكر كل لحظة طيبة ويد حانية».