شهدت العلاقات بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توتراً حاداً عقب اجتماع رفيع المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا حول الصراع الأوكراني، الذي عُقد في المملكة العربية السعودية، يوم الثلاثاء، دون مشاركة أوكرانيا.
وفقًا لوكالة أنباء "شنخوا"، جاء الاجتماع بمشاركة مسئولين كبار من الولايات المتحدة وروسيا، واتفق الحاضرون على رسم مسار لإنهاء الصراع المستمر منذ 3 سنوات، ومع ذلك، لم تتم دعوة أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات، مما أثار استياء زيلينسكي، الذي أرجأ زيارة كانت مقررة إلى السعودية احتجاجاً، مؤكداً أن "المفاوضات لا ينبغي أن تتم خلف ظهورنا".
-تصريحات متبادلة بين ترامب وزيلينسكي
في أعقاب الاجتماع، قال ترامب خلال مؤتمر صحفي في منتجعه مار إيه لاغو بفلوريدا، إنه "أكثر ثقة" في أن الصراع سينتهي، وعندما سُئل عن غياب أوكرانيا عن المحادثات، أجاب: "لقد حصلوا على فرصة للتفاوض لـ3 سنوات، هذا الصراع كان من الممكن تجنبه بسهولة".
وأضاف أن كييف تتحمل جزءاً من المسئولية عن اندلاع الحرب، في تناقض واضح مع الموقف التقليدي للولايات المتحدة وحلفائها.
وفي تعليق آخر، زعم ترامب أن شعبية زيلينسكي تراجعت إلى 4%، داعياً إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة في أوكرانيا، التي كانت قد أجلت انتخاباتها الرئاسية لعام 2024 بسبب الحرب.
بدوره، رد زيلينسكي بحدة، متهماً ترامب بالانخداع بـ"التضليل الروسي"، وقال في تصريحات صحفية يوم الأربعاء: "أعتقد أن الولايات المتحدة ساعدت بوتين على الخروج من سنوات من العزلة"، منتقداً الإدارة الأمريكية الجديدة بشدة، وحثها على "التحلي بالصدق".
التصعيد استمر عندما وصف ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات" على منصته Truth Social، محذراً من أن "أوكرانيا قد لا تبقى كدولة" إذا لم يتحرك زيلينسكي بسرعة، كما أشار إلى أن زيلينسكي "ممثل كوميدي سابق" أقنع الولايات المتحدة بإنفاق 350 مليار دولار في حرب "لا يمكن الفوز بها".
-ردود الفعل الأوروبية
في ظل هذا التوتر، يسعى القادة الأوروبيون إلى اتخاذ موقف موحد وسط التقارب الأمريكي الروسي المفاجئ، ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اجتماعين طارئين في باريس، حضرهما مسئولون من أكثر من 12 دولة في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
اختتم الاجتماع الثاني يوم الأربعاء باتفاق على فرض جولة جديدة من العقوبات على روسيا، وأكد ماكرون أن أي اتفاق سلام يجب أن يأخذ في الاعتبار حقوق أوكرانيا وأمن أوروبا، محذراً من أن روسيا تمثل "تهديداً وجودياً".
وفي بريطانيا، تحدث رئيس الوزراء كير ستارمر مع زيلينسكي، مؤكداً دعمه لأوكرانيا، ومشيراً إلى أن تعليق الانتخابات خلال الحرب "أمر منطقي"، كما فعلت المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، ورغم ذلك، أبدى دعمه أيضاً للجهود الأمريكية لإنهاء الصراع.
-هل يستمر الخلاف طويلاً؟
يرى خبراء أن التوتر بين ترامب وزيلينسكي قد يكون مؤقتاً، وقال تيموفي ميلوفانوف، رئيس مدرسة كييف للاقتصاد، إن زيلينسكي "محق في الرد بالحقائق لكنه بحاجة للحذر من التصعيد الشخصي".
من جانبه، اعتبر الجنرال الأمريكي المتقاعد جاك كين أن الخلاف قد يكون قصير الأمد، موضحاً أن زيلينسكي "بالغ في رد فعله" بسبب استبعاده من المحادثات.
وفي خطابه المصور مساء الأربعاء، أكد زيلينسكي أهمية الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن، معرباً عن استعداده للتعاون البناء مع الولايات المتحدة، وأعلن عن لقاء مرتقب مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، مؤكداً أن "السلام الدائم لا يمكن تحقيقه إلا بالتعاون مع أمريكا وأوروبا".