ندوة «النيل في تاريخ مصر الحديث» بدار الكتب والوثائق القومية - بوابة الشروق
الإثنين 25 أغسطس 2025 10:26 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

ندوة «النيل في تاريخ مصر الحديث» بدار الكتب والوثائق القومية


نشر في: الخميس 21 أغسطس 2025 - 10:19 م | آخر تحديث: الخميس 21 أغسطس 2025 - 10:19 م

أقامت دار الكتب والوثائق القومية، برئاسة الدكتور أسامة طلعت، ندوة بعنوان "النيل في تاريخ مصر الحديث".

عُقدت الندوة صباح اليوم الخميس الموافق ٢١ أغسطس ٢٠٢٥، بقاعة علي مبارك في مقر دار الكتب بكورنيش النيل.

أدار الندوة الدكتور أحمد الشربيني، أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ورئيس الجمعية التاريخية المصرية، وقدمتها نهال خلف الميري، الباحثة بمركز تاريخ مصر المعاصر.

افتتح الدكتور أحمد الشربيني، الندوة بكلمة قال فيها إن وزارة الثقافة قد أحسنت صنعًا بإقامتها احتفالية كبرى بمناسبة النيل، خاصة في هذا التوقيت.

وأكد أن التاريخ أثبت أن نهر النيل يُشكل محورًا مركزيًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر، كما أحسن المصريون استخدامه وتطويعه لبناء حضارة على ضفتيه.

تحدث في الندوة عدد من الباحثين، فقد تناولت الدكتورة عزة محمود علي حسن، الباحثة بمركز تحقيق التراث، موضوع "النيل في الأدب الشعبي"، واستعرضت مفهوم الأدب الشعبي المصري وارتباطه بثقافة النيل الذي يحتل مكانة القلب من الجسد، بوصفه رمزًا للحياة والخصب والاستمرارية الحضارية.

وقالت: "قد تجسد حضوره في المواويل والأغاني الشعبية باعتباره مصدر العطاء والبركة، كما ارتبط بالأساطير والطقوس التي أضفت عليه بعدًا قدسيًا في الوعي الجمعي. وتُبرز الأمثال الشعبية دوره كأساس للهوية والانتماء. ومن ثمّ، يُعد النيل في الأدب الشعبي مرآة للتجربة المصرية عبر العصور، ومجالًا لتجسيد القيم والمعاني الجماعية في إطار فني وفلكلوري".

كما قدمت الدكتورة عزة محمود قصيدة جديدة عن النيل بالعامية المصرية، تأكيدًا لحضوره في الذهنية الثقافية المصرية دائمًا وأبدًا.

فيما تناول الدكتور محمد محروس غزيل، مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، نهر النيل من زاوية السياحة النيلية أواخر القرن التاسع عشر، من خلال كتاب "ثمانية عشر يومًا بصعيد مصر" لمحمد مجدي بك، الذي يُمثل خلاصة مشاهدات شخصية رصدها المؤلف خلال رحلة نيلية خاضها في الخامس من نوفمبر عام ١٨٩٢ على متن إحدى السفن التابعة لشركة توماس كوك.

وأوضح أن الكتاب طُبع لأول مرة عام ١٩٠٢ ولم يُعثر له على طبعة أخرى، وأن مطبعة دار الكتب والوثائق القومية استهدفت بإعادة نشره عام ٢٠٢٢ الحفاظ عليه بعد أن تهالكت نسخته الأصلية وكادت أن تندثر.

كما تناول دور نهر النيل في تعزيز القطاع السياحي، وآليات إدارة هذا القطاع، وأهم المعوقات التي واجهته في أواخر القرن التاسع عشر. وركز محمد مجدي بك على مفهوم المواطنة، وإن لم يذكر المصطلح صراحةً، وربط بين الحفاظ على الآثار المصرية ونهر النيل المبارك، وبين تشكيل وعي وهوية الإنسان المصري، وأن نهر النيل ترك بصماته الواضحة على الإنسان المصري، وبث فيه خصالًا عظيمة كالتسامح والتعايش مع الآخر واستيعابه واحتوائه ونبذ التعصب وعدم التمييز.

وتناولت الدكتورة سحر حسن، باحثة بمركز تاريخ مصر المعاصر، موضوع "نهر النيل وخزان جبل الأولياء"، مؤكدةً أنه منذ فجر التاريخ، ظل نهر النيل شريان الحياة لمصر. وبينما كانت شعوب العالم تتخبط في أتون الأزمة الاقتصادية العالمية (١٩٢٩-١٩٣٣)، كان النيل يجري في مجراه المعتاد، يفيض بالحياة ويمنح الأرض خصوبتها ويؤمن استمرارية قوت الشعب.

وأضافت: "لكن التحدي كان أكبر من مجرد جريان الماء، فقد فرضت الأزمة على مصر ضرورة البحث عن حلول اقتصادية واستراتيجية طويلة المدى، تضمن استثمار عطاء النهر، وهنا برز مشروع خزان جبل الأولياء كأحد أبرز محاولات الخروج من الأزمة، حيث مَثَّل رمزًا لإرادة الإنسان في تحويل مورد طبيعي متجدد إلى أداة للتنمية، ومخزنًا استراتيجيًا للمياه يحقق التوازن بين فيض النيل واحتياجات الزراعة والصناعة".

وتابعت: "هكذا، في لحظة عالمية تتسم بالركود والانكماش، ظل النيل - كعادته - يفتح لمصر أبواب الأمل ويمنحها سبل النهوض. ولما كان أساس العلاقات بين مصر والسودان هو هذا النهر الذي يربطهما برباط وثيق، عُد مشروع خزان جبل الأولياء، الذي أنشأته مصر في السودان، أحد الإجراءات التي قامت بها الحكومة المصرية لمواجهة الأزمة".

وأردفت: "من المرجح أن يزيد المشروع من مساحة الأراضي الزراعية في مصر، وبالتالي سيزداد نصيب الفرد منها بسبب زيادة نصيب مصر من المياه التي بطبيعة الحال تُحول أراضي الري الحياضي إلى ري دائم".

وأكمل: "من جانب آخر، فإن هذا المشروع سوف يساعد على حل مشكلة البطالة. لم يكن هذا المشروع مجرد بناء هندسي ضخم على مجرى النيل، بل كان شاهدًا على قدرة المصريين على تحويل المحن إلى فرص. وبينما عصفت الأزمة الاقتصادية العالمية بمقدرات شعوب كثيرة، وجد المصريون في النيل ملاذًا وفي مشروعاته الكبرى، مثل هذا الخزان".

كما تناول الدكتور رزق حسن نوري، باحث بمركز تاريخ مصر المعاصر، موضوع "القرية المصرية في زمن الفيضان".

واستعرض تحليلًا للواقع الاقتصادي والاجتماعي للقرية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين، وطرح سؤالًا إشكاليًا حول مدى تماسك القرية اجتماعيًا واقتصاديًا في مواجهة الفيضان، سواء كان منخفضًا أو عاليًا، بالإضافة إلى تسليط الضوء على جهود الإدارة في ترويض النهر للحد من تأثيرات الفيضان على الفلاحين في القرى.

وتساءل: هل استطاعت الدولة النجاح في القيام بدورها في الحد من هذه المخاطر؟ وما هي حياة الفلاح في القرية زمن الفيضان؟ وهل كان لانعزال بعض القرى عن محيطها تأثيرات على أهلها؟ وتناول ذلك من خلال عدة محاور، منها: القرية المصرية، وفيضان النيل (سنوات الغرق والمجاعة)، ودور الفلاحين في القرى في مواجهة الفيضان.

كما تحدث عن جهود الإدارة الحكومية في وزارات الزراعة والري والشؤون الاجتماعية في مواجهة الفيضان.

ورصد الباحث في نهاية المحاضرة تأثيرات الفيضان على الفلاحين في القرية، وعلى عاداتهم وتقاليدهم، وأشار إلى التماسك الاجتماعي للقرية. وبنهاية عرضه، قدم شهادات حية لمن عاصروا الفيضان في سنواته الأخيرة قبل بناء السد العالي.

وتحدث الدكتور صالح محمد عمر، باحث بمركز تاريخ مصر المعاصر، حول "مصر ودول حوض النيل: تاريخ وآفاق التعاون والتكامل"، مؤكدًا أن الدولة المصرية تبذل الكثير من الجهود للمحافظة على مياه نهر النيل وحصة مصر المائية منه، وتعتبر قضية المياه قضية وجود وأمن قومي.

وقال: "لهذه الاعتبارات، انطلقت السياسة المصرية من أجل المحافظة على مياه النيل باستخدام الدبلوماسية الهادئة في إطار الشرعية الدولية، ومتسقة مع القانون الدولي وما اعتُرف به في الاتفاقيات الخاصة بنهر النيل. وتبنت الدولة المصرية استراتيجية خاصة في تعاملها مع دول حوض النيل، ترى أن النيل مصدر للتنمية والشراكة بين هذه الدول، كما أنها لا تمنع هذه الدول من إقامة مشروعات تنموية بما لا يؤثر أو يضر بحقوق مصر القانونية والتاريخية في حصتها من مياه النيل، وأن تحظى هذه المشروعات بموافقة جميع دول حوض النيل.

ولفت إلى سعي مصر منذ القدم إلى تنظيم علاقاتها بدول حوض النيل والاتصال الدائم بدولها للاتفاق على الأسلوب الأمثل لاستغلال مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على دول حوض النيل، وذلك من خلال عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، وقع بعضها إبان فترات الاستعمار، وكان لها تأثير على العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.

وأكد حرص مصر على مد جسور التعاون مع دول حوض النيل بإيجاد أطر وآليات جديدة للتعاون مثل: إنشاء هيئة مياه النيل، ومشروع الهيدروميت، وتجمع الاندوجو، وتجمع التيكونيل، ومبادرة حوض النيل، وإنشاء المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي (الإنترو).

أُقيمت الندوة بتنظيم من مركز تاريخ مصر المعاصر التابع للإدارة المركزية للمراكز العلمية، في إطار مبادرة وزارة الثقافة المصرية تحت عنوان "النيل عنده كتير" ومبادرة "مصر تتحدث عن نفسها" تحت عنوان "انتوا قلب الحكاية".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك