توالت سلسلة اعترافات تاريخية من جانب العديد من الدول الغربية الكبرى بالدولة الفلسطينية، اليوم الأحد، وسط ترقب لمزيد من الإعلانات الأسبوع الحالي تطلقها الدول من مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه بريطانيا، العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي، وكندا وأستراليا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ستعلن فرنسا وهي أيضا عضو دائم بالمجلس، قرار الاعتراف خلال المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين،
يترأسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -الذي يشارك فيه عبر الفيديو كونفرانس-، حيث يشهد المؤتمر كذلك اعتراف كل من بلجيكا ولوكسمبورج ومالطا وأندورا وسان مارينو.
** الدولة الفلسطينية من إعلان 1988 إلى إعلان نيويورك
معظم الدول التي اعترفت بدولة فلسطين فعلت ذلك في عام 1988، عقب إصدار المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر وثيقة الاستقلال التي صاغ نصها الشاعر الكبير الراحل محمود درويش وتلاها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في قاعة الصنوبر بالجزائر معلنا قيام الدولة الفلسطينية.
ويعد هذا ثاني إعلان لاستقلال فلسطين بعد الإعلان الصادر عن المجلس الوطني لعموم فلسطين برئاسة الحاج أمين الحسيني في مدينة غزة في 1 أكتوبر1948 حين تم إعلان استقلال كامل فلسطين، وعاصمتها القدس.
وخلال فترة التسعينيات والعقدين الأولين من القرن الحالي، توالت الاعترافات بالدولة الفلسطينية من جانب دول غير غربية، وفي ربيع عام 2024، اعترفت عدة دول أوروبية وكاريبية بدولة فلسطين، من بينها إسبانيا وإيرلندا والنرويج وبربادوس، وجامايكا.
وبات هناك 152 دولة على الأقل من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة تعترف بالدولة الفلسطينية.
ووفقا لشبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية، فإن هذه الإعلانات الأخيرة تجعل الولايات المتحدة أكثر عزلة عن بعض أقرب حلفائها فيما يتعلق بإسرائيل وطريقة إدارتها للحرب على قطاع غزة والقيود التي تفرضها تل أبيب على وصول المساعدات إلى القطاع.
** النتائج المترتبة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية
أما عن النتائج السياسية والقانونية المترتبة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيشير أندريه نولكامبر أستاذ القانون الدولي بجامعة أمستردام إلى أن الاعتراف تكون له عواقب فقط بالنسبة للدول التي قامت ويشمل ذلك تبادل السفراء وإبرام المعاهدات، ودعم عضوية فلسطين في المنظمات الدولية.
وأوضح نولكامبر في مقال على الموقع الإلكتروني للجامعة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ذا أهمية في ترسيخ وضع فلسطين كدولة من الناحية القانونية. فكلما زاد عدد الدول التي تعترف بفلسطين، أصبح من الصعب على دول أخرى مثل إسرائيل والولايات المتحدة إنكار أن فلسطين دولة.
من جانبها، صرحت الخبيرة في مركز جنيف للسياسة الأمنية، نومي بار يعقوب، للموقع الإلكتروني لإذاعة دويتشه فيله الألمانية بأن الاعتراف "لا يغير شيئا على الفور، ولكنه يمنح الفلسطينيين حصة أكبر بكثير في المفاوضات، لأن تفاوض دولة مقابل دولة، ليس مثل التفاوض بين دولة وأخرى غير معترف بها أو مجرد كيان".
من جهته، يرى أردي إيمسيس، الأستاذ المشارك في كلية الحقوق بجامعة كوينز في أونتاريو، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يوفر أساسا "لمراجعة شاملة للعلاقات الثنائية مع إسرائيل.
وأوضح إيمسيس في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه يتعين على الدولة التي تعترف بفلسطين مراجعة الاتفاقيات مع تل أبيب للتأكد من أنها لا تُخالف التزاماتها تجاه الدولة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه إذا كانت أحد جوانب المعاملات التجارية تساعد إسرائيل في انتهاك حقوق الدولة الفلسطينية، فسيتعين وقف هذا التبادل.
كما يمنح الاعتراف بالدولة الفلسطينية الجهات التشريعية والمجتمع المدني في الدول المعترفة القدرة بممارسة المزيد من الضغط على الحكومة لتغيير السياسات ومواءمتها مع متطلبات هذا الاعتراف.
** عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
لن يؤدي الاعتراف العالمي المتزايد بالدولة الفلسطينية إلى تغيير في وضع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة نظرا لكون العضوية الكاملة تتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي حيث يظل الفيتو الأمريكي عقبة أمام تلك العضوية.
وفلسطين حاليا هي دولة غير عضو لها صفة المراقب بالأمم المتحدة، وقد حصلت على هذا الوضع بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة للمنظمة بأغلبية كبيرة في 29 نوفمبر 2012، حيث اعتمد القرار بتأييد 138 دولة ومعارضة 9 وامتناع 41 عن التصويت.
وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض (الفيتو) في 8 أبريل 2024 ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة.
وصوت لصالح القرار 12 عضوا من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت عن التصويت بريطانيا وسويسرا.
وفي 10 مايو 2024، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 143 صوتا قرارا يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب.
كما يحدد طرقا لإعمال حقوق وامتيازات إضافية تتعلق بمشاركة دولة فلسطين في دورات وأعمال الجمعية العامة والمؤتمرات الدولية التي تعقد تحت رعايتها وسائر أجهزة الأمم المتحدة.
وقد أكد القرار مجددا حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بما في ذلك أن تكون له دولته المستقلة: فلسطين. ودعا المجتمع الدولي إلى بذل جهود متجددة ومنسقة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.