ثلاثية «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل».. محمد حسنين هيكل يؤرخ لسنوات الحرب وأوهام السلام - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 2:16 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

ثلاثية «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل».. محمد حسنين هيكل يؤرخ لسنوات الحرب وأوهام السلام

محمود عماد
نشر في: الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 1:01 م | آخر تحديث: الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 - 1:01 م

تحل اليوم الثلاثاء، ذكرى ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل، حيث ولد الجورنالجي في 23 سبتمبر من عام 1923، ورحل عن عالمنا في 17 فبراير من عام 2016، عن عمر ناهز 92 عاما.

وفي ذكرى ميلاده، وفي ظل الأحداث الراهنة التي تمر بها المنطقة، نعود إلى واحدة من أهم كتابات هيكل، وأحد أبرز الكتب التي تناولت الصراع العربي الإسرائيلي بعمق وتحليل دقيق، وهي ثلاثية «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل»، والتي تميزت بتركيزها على جانب بالغ الأهمية من تاريخ الصراع، وهو مسار المفاوضات.

ثلاثية المفاوضات: شهادة على نصف قرن من الصراع والمفاوضات

استخدم هيكل في هذه السلسلة كل أدواته في التوثيق والتحليل ليكشف مرحلة شديدة الحساسية من تاريخ المنطقة والعالم، ممتدة من منتصف خمسينيات القرن العشرين وحتى بدايات القرن الحادي والعشرين.

ورغم مرور سنوات على ما كتبه هيكل، ولكن مع كل جديد يجد في فصول الصراع العربي الإسرائيلي، تكون تلك لحظة مناسبة لاستدعاء ما كتبه الجورنالجي.

تضم السلسلة ثلاثة كتب بلغ مجموع صفحاتها أكثر من 1200 صفحة، وهي: «الأسطورة والإمبراطورية والدولة اليهودية»، «عواصف الحرب وعواصف السلام»، و«سلام الأوهام.. أوسلو ما قبلها وما بعدها».

وقدم هيكل في هذه الثلاثية تحليلا سياسيا شاملا لمسار الصراع العربي الإسرائيلي، بدءا من نشأة الفكرة الصهيونية، ومرورا بمواقف القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، وانتهاء بتأثير السياسات العربية والتدخلات الدولية على هذا الصراع؛ بما فيها مسار السلام الذي ظل يتعثر مع كل جولة جديدة من المفاوضات.

الأسطورة والإمبراطورية والدولة اليهودية: البدايات وأسرار المفاوضات المبكرة

في الكتاب الأول، والذي جاء تحت عنوان «الأسطورة والإمبراطورية والدولة اليهودية» يتناول هيكل المفاوضات السرية التي جرت بين مصر والكيان الصهيوني، ويبدأ بمقدمة يوضح فيها الفارق بين الطبعة العربية والطبعات المترجمة.

فقد حرص في النسخة العربية على الإطالة في التفاصيل، انطلاقا من معرفته بشغف القارئ العربي بمتابعة خيوط الأحداث الدقيقة.

قسم هيكل الكتاب إلى خمسة فصول، خص كل فصل منها بمرحلة أو شخصيات كان لها دور بارز في تلك الحقبة، سواء مصرية أو عربية أو صهيونية أو أجنبية، وحاول من خلال هذا الجزء الإجابة عن سؤال محوري: "لماذا تجرى المفاوضات سرا أصلا؟"

واستعرض في ذلك السياق توازنات القوى الدولية وقتها، وجهود الحركة الصهيونية الحثيثة للبحث عن أرض تُقام عليها الدولة اليهودية، ولماذا وقع الاختيار على فلسطين تحديدا لتكون مقرا لهذه الدولة.

يشرح هيكل كيف نشأت الفكرة الصهيونية لإقامة دولة في فلسطين، لتكون حاجزا يفصل بين مصر وسوريا بعد تجربة محمد علي الذي وحّد مصر والشام تحت سلطته.

ويروي متى ظهرت هذه الفكرة وكيف تحولت إلى مشروع سياسي، معتمدا على وثائق الخارجية الأمريكية، ويوميات بن جوريون خلال حرب 1948، إضافة إلى شهادات ومذكرات شخصيات عاصرت تلك الفترة، وفي مقدمتهم القائد عبد الله التل قائد القوات الأردنية في تلك الحرب.

ويكشف هذا الجزء عن حقائق تاريخية صادمة، مقدما صورة متوازنة ومنصفة لجميع الأطراف، حيث برأ البعض ممن اتهموا ظلما، وشرح جهل آخرين بما كان يحاك من وراء الكواليس، كما دافع عن شخصيات حاولت إنقاذ فلسطين لكنها فشلت إما بسبب العجز أو بسبب انشغالها بقضايا مصيرية أخرى.

عواصف الحرب وعواصف السلام: من عبد الناصر إلى كامب ديفيد

يتناول الجزء الثاني من السلسة، والذي جاء تحت عنوان « عواصف الحرب وعواصف السلام» بداية فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، بل وحتى قبل قيام ثورة يوليو ،ولماذا لم يفاوض ناصر، وصولا إلى حقبة الرئيس أنور السادات، ولماذا تفاوض السادات.

واستعرض الكتاب أيضا الحروب التي خاضتها مصر والعالم العربي ضد إسرائيل، بداية من العدوان الثلاثي عام 1956، مرورا بحرب 1967، وانتهاء بحرب أكتوبر 1973.

ويختتم هيكل هذا الجزء بالحديث عن اتفاقية كامب ديفيد التي أبرمها السادات، والتي أدت إلى إخراج مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي، وما ترتب على ذلك من تداعيات سياسية واستراتيجية على المنطقة بأكملها.

كما أنه يناقش مصطلحا مهما، وهو "صناعة وتجارة السلام"، والذي أشرف عليه هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي، وذلك بعد حرب أكتوبر 1973، ويتحدث أيضا عن فكرة وهم السلام، والتخبط الذي راح يسببه.

سلام الأوهام.. أوسلو ما قبلها وما بعدها: من صراع وجود إلى صراع حدود

في الكتاب الثالث، والذي جاء بعنوان «سلام الأوهام.. أوسلو ما قبلها وما بعدها» يسلط هيكل الضوء على ما جرى في فلسطين بعد احتلال الصهاينة لأراضيها، مستعرضا الحروب والمجازر التي ارتكبت لترسيخ وجود الدولة الإسرائيلية.

يؤرخ هيكل ويوثق لظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة، ويلقي الضوء على حركة فتح وعلاقتها الأولى بمصر، وجمال عبد الناصر، وكيف أن مصر في البداية لم تكن مقتربة منها.

ولكن مع الوقت اقتربت الحركة من مصر، وبدأت القاهرة في دعمها، وهذا ما أعطى فتح شرعية وسط بقية حركات المقاومة المسلحة في الأراضي المحتلة على حد وصف هيكل.

ويتحدث هيكل عن ظهور ياسر عرفات "أبو عمار"، وعن شكل المقاومة التي أرادها عبد الناصر منه ومن فتح، ومنظمة التحرير التي تأسست بعد ذلك، قائلا بأن ما أراده ناصر كان أن تتم المقاومة، ولو حتى برصاصة واحدة كل يوم؛ لتظل إسرائيل في خوف وترقب.

ثم يتناول الأستاذ التحولات التي سبقت وتبعت توقيع اتفاقية أوسلو، مبينا كيف تحولت القضية الفلسطينية تدريجيا من "صراع وجود" يهدف إلى استعادة الأرض كاملة، إلى مجرد "صراع حدود" يتفاوض فيه الطرفان على أجزاء من الأرض تحت سقف الواقع المفروض.

سلام الأوهام ومستقبل القضية

سلسلة «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل» تمثل وثيقة تأريخية هامة، حيث كان هيكل شاهدا على فرص سلام يمكننا وصف بأنه "سلام الأوهام" كما وصفه الأستاذ نفسه، وهي أيضا سلسلة من أجل توثيق طريق طويل من المفاوضات والحروب في منطقة دائما ما تموج بالأزمات.

وبينما يظل الصراع مفتوحا حتى اليوم، تذكرنا هذه السلسلة بأن ما نراه الآن هو امتداد لمسار طويل من الرهانات والحسابات الخاطئة.

وربما تكمن أهمية تلك الثلاثية في أنها تمنح القارئ خريطة لفهم الماضي، واستيعاب الحاضر، ومحاولة استشراف مستقبل، لا يبدو أنه سيكون أكثر عدلا من الماضي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك