- الدماطي: يزيد الاتجاه للاستثمار في عملات الأسواق الناشئة
- عبد العال: تدفق الاستثمارات الأجنبية على أدوات الدين لن يكون خطرا كما حدث في 2022
- فؤاد: هبوط الدولار لن يستمر ما لم يعتمد الاقتصاد على الإنتاج والتصدير
توقع عدد من خبراء الاقتصاد، أن يعزز أي خفض في أسعار الفائدة خلال اجتماعات الفيدرالي الأمريكي، من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية، ما سيساعد على انخفاض أسعار الدولار إلى مستويات تترواح ما بين 47 إلى 45 جنيها، وقد يلامس الـ 40 جنيها، إلا أن بعضًا منهم حذر من أن استمرار تعافي العملة لن يصمد إلا قليلًا ما لم ينتقل الاقتصاد إلى معادلة تشغيلية تتركز على الإنتاج والتصدير بدلًا من الاعتماد على الأموال الساخنة.
ورفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في مارس 2022 للسيطرة على ارتفاع معدلات التضخم بالولايات المتحدة، ما تسبب وقتها في خروج أموال ساخنة من الاقتصاد المصري بقيمة قاربت الـ 22 مليار دولار.
وفي سبتمبر 2024، ومع السيطرة نسبيًا على معدلات التضخم، بدأ الفيدرالي الأمريكي خفض الفائدة، إلا أنه لم يستمر طويلًا؛ خشية من تجدد الضغوط التضخمية وخروجها عن نطاق المستهدفات 2%، مع تطبيق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة الرسوم الجمركية؛ ليثبت الفيدرالي سعر الفائدة منذ ديسمبر 2024 وحتى اجتماع يوليو الماضي بين نطاق يتراوح بين 4.25% و4.50%، وهو ما نال انتقادات الرئيس الأمريكي.
لكن من المرتقب أن يعاود الفيدرالي خفض الفائدة من جديد خلال الاجتماع القادم، وذلك بعد أن ألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، يوم الجمعة الماضي خلال المؤتمر السنوي للاحتياطي الفيدرالي في "جاكسون هول" إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة الأمريكية في اجتماع البنك المركزي نهاية سبتمبر المقبل، بعد تزايد المخاطر على سوق العمل بسبب السياسة النقدية الحالية، في وقت لا تزال الضغوط التضخمية تشكل خطرًا على الاقتصاد الأمريكي.
وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، إن الخفض المرتقب للفائدة الأمريكية يقلل من جاذبية صناديق الاستثمار العالمية للاستثمار في الدولار، والاتجاه إلى الاستثمار في عملات الأسواق الناشئة، ولا سيما الجنيه المصري، الذي يُعد من أكثر العملات جذبًا لتلك الاستثمارات في ظل ارتفاع الفائدة عليه.
وتوقعت الدماطي، أن تدفع زيادة تدفقات الأجانب في أدوات الدين بعد خفض الفائدة الأمريكية المرتقب لتحسن قيمة الجنيه مقابل الدولار على المدى القصير، ولا سيما أن الجنيه مقوم بأقل من قيمته بنحو 10% على حد تقديرها، في ظل ارتفاع الصادرات وتحسن إيرادات السياحة، مشيرةً إلى أن الدولار قد يتراجع لمستويات 47 إلى 45 جنيهًا.
وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن حدوث أي خفض في أسعار الفائدة الأمريكية خلال سبتمبر المقبل، سيدفع إلى تعاظم فارق الفائدة بين الجنيه المصري والدولار لصالح الجنيه، مما يعزز من تدفقات استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية.
وذكر أنه حتى إذا خفض المركزي المصري خلال اجتماعه الخميس المقبل الفائدة، فلن يؤثر في تدفقات الأجانب في أدوات الدين، حيث لا يزال فارق العائد بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي كبيرًا للغاية، كما أن العائد الحقيقي على الجنيه – المقصود به عائد الاستثمار على أموالك بعد خصم التضخم – يصل إلى 15%، وهو يُعد من أكبر العوائد الحقيقية على عملات الأسواق الناشئة في الوقت الحالي.
ومن المنتظر أن يجتمع البنك المركزي المصري الخميس المقبل، حيث من المتوقع – بحسب بنوك استطلعت آراؤهم وكالة الشرق بلومبرج – أن يخفض الفائدة بنحو 100 نقطة أساس.
وتوقع عبد العال، أن تدعم زيادة تدفقات الأجانب في أدوات الدين - حال انخفاض الفائدة الأمريكية - صعود الجنيه أمام الدولار على المدى القصير، ولكن بالرغم من ذلك التحسن، سيدور سعر الصرف حول المستويات الحالية البالغة 48 جنيهًا، صعودًا أو هبوطًا جنيهًا واحدًا، قائلًا: "خفض الفائدة الأمريكية يدعم صعود الجنيه بالفعل لمستويات أقل كثيرًا عن 48 جنيهًا، ولكن على ما أعتقد أن الاقتصاد في الوقت الحالي لا يُحفّز صعود الجنيه عن المستويات الحالية أمام الدولار؛ مع حاجته لدعم الصادرات وضمان استمرار تدفقات من قطاع السياحة وتحويلات العاملين بالخارج".
وعن مخاطر اعتماد الاقتصاد المصري على تلك الأموال، رأى عبد العال، أن عودتها المنتظرة مرة أخرى بقوة لن تؤثر على الاقتصاد المصري بالسلب، خصوصًا أن البنك المركزي يستخدمها في تمويل التزامات قصيرة الأجل، وليست التزامات طويلة الأمد كما كان قبل عام 2022، والتي تسببت وقتها في ضغط على سعر صرف الدولار مع تخارجها وقت الحرب الروسية الأوكرانية ورفع الفيدرالي الفائدة.
وكان مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد صرّح في يونيو الماضي أن الأموال الساخنة أصبحت لا تمثل قلقًا للدولة بأي حال من الأحوال، موضحًا أنه منذ الأزمة التي وقعت في 2022 أصبح توجه الدولة عدم الاعتماد على هذه الأموال في حجم الاحتياطي الأجنبي.
ولا يستبعد محمد فؤاد رئيس مركز العدل لدراسات السياسات العامة، هبوط سعر الدولار مقابل الجنيه إلى مستويات 40 جنيهًا في ظل توقعات خفض الفيدرالي الأمريكي الفائدة، وزيادة الاستثمارات غير المباشرة في أدوات الدين المحلية بعد هذا القرار.
وأضاف أن توقعات زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر على الاقتصاد المصري في أعقاب خفض الفائدة الأمريكية المنتظر، تأتي للاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة محليًا، بالإضافة إلى فوارق سعر الصرف، الذي يولد عائدًا يصل إلى 50%.
وأوضح فؤاد، أن استمرار انخفاضات الجنيه بعد خفض الفيدرالي الأمريكي لن تصمد كثيرًا ما لم ينتقل الاقتصاد المصري من معادلة تمويلية تقوم على الأموال الساخنة إلى معادلة تشغيلية تركز على الإنتاج والتصدير.
وبحسب تقرير لمركز العدل اطلعت عليه "الشروق"، بلغ إجمالي حجم تدفقات الأموال الساخنة 3.75 مليار دولار خلال يوليو الماضي.