خبراء: مشروع قانون الإيجار القديم لن يحل الأزمة القائمة.. ومطالب بحزمة سياسات تراعي العدالة الاجتماعية - بوابة الشروق
الأربعاء 25 يونيو 2025 10:57 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

خبراء: مشروع قانون الإيجار القديم لن يحل الأزمة القائمة.. ومطالب بحزمة سياسات تراعي العدالة الاجتماعية

سارة حمزة
نشر في: الأربعاء 25 يونيو 2025 - 3:27 م | آخر تحديث: الأربعاء 25 يونيو 2025 - 3:27 م

إيهاب منصور: القانون أغفل الفروق بين المساحات والعقود القديمة.. والدولة هي المسؤولة عن دعم غير القادرين

ماجد عثمان: 1.4 مليون وحدة إيجار قديم غير مستغلة.. ولا يمكن الاعتماد على بيانات دقيقة قبل 2027

عبلة عبد اللطيف: غياب منهجية واضحة لفهم حجم المشكلة.. والحل في لائحة تنفيذية مرنة وصندوق لدعم المتضررين

يرى عدد من الخبراء أن مشروع قانون الإيجار القديم بشكله الحالي لن يحل الأزمة، مؤكدين أن التشريع المطروح لا يمكن أن يعالج بمادة واحدة واقعا متشعبا بهذه الدرجة من التعقيد مطالبين بحزمة سياسات تراعى العدالة الاجتماعية والاقتصادية في مصر.

جاء ذلك خلال ندوة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، التي عقدها أمس الثلاثاء، بعنوان "قانون الإيجار القديم.. المناقشات وسيناريوهات الحلول"، لمناقشة تعديلات قانون الإيجار القديم، والوقوف على حجم المشكلة وطبيعتها من خلال تحليل أهم المعلومات والبيانات، واقتراح سيناريوهات الحل بما يحقق العدالة الاجتماعية.

غياب التمييز بين الفئات المختلفة ثغرة جوهرية فى مشروع القانون

قال زياد دبهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، إن أزمة تعديلات قانون الإيجار القديم تمثل حالة نموذجية لتضارب مفهومي العدالة القانونية والاجتماعية، مشيرا إلى أن التشريع المطروح لا يمكن أن يعالج بمادة واحدة واقعا متشعبا بهذه الدرجة من التعقيد.

وأضاف إن القانون الجديد يخص عددا محدودا نسبيا من الأسر من حيث النسبة، لكنه يمس فعليا حياة ملايين المواطنين، ويؤثر بشكل مباشر على حق أصيل كحق السكن، الذي لا يمكن اعتباره مجرد ميزة مؤقتة، بل هو حق دستوري وإنساني.

وشدد على أن مناقشة القانون يجب ألا تنطلق فقط من زاوية الحقوق المجردة للملاك أو المستأجرين، بل من ضرورة التوفيق بين مفهومين للعدالة: العدالة القانونية، التي تنص على احترام الملكية الخاصة وحرية التصرف فيها، والعدالة الاجتماعية، التي تحمي حقوق من استقرت أوضاعهم لسنوات بناء على تشريعات سابقة وظروف اجتماعية واقتصادية لا يمكن إنكارها.

وأكد أن الفجوة بين المفهومين هي ما ينتج الانقسام المجتمعي الحاد حول التعديلات المقترحة، مشيرا إلى أن هذا الانقسام طبيعي ويحدث في قضايا مشابهة، مثل قوانين العمل، التي تهدف بالأساس إلى الموازنة بين مصالح متعارضة.

وانتقد اقتصار تقسيم المشكلة على نوعية العقارات وليس على أوضاع المقيمين بداخلها، مؤكدا أن الحكومة خطت خطوة متواضعة في محاولة التصنيف لكنها لم تصل إلى أصل الأزمة.

وتابع أن نقص المعلومات الدقيقة عن المستفيدين الحقيقيين أحد أبرز أوجه القصور، رغم توفر أدوات تكنولوجية ومؤشرات واضحة يمكن من خلالها تتبع الأوضاع الاجتماعية للأسر، مثل بيانات التموين، وبرامج الدعم، وفواتير المرافق.

وحذر من أن الشكل الحالي للقانون قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من المنازعات القضائية، لاسيما مع صلاحيات لجان الحصر والتقدير، التي تُعد لجانا إدارية وقد يُطعن في قراراتها أمام القضاء الإداري.

وأضاف بهاء الدين، أن إقرار القانون بصيغته الحالية لن يكون حلا كافيا، وربما يتطلب تعديلا بعد ذلك، ودعا إلى منح البرلمان فرصة إضافية لمراجعة المشروع في شكل أكثر مرونة، ربما عبر قانون إطاري يسمح بتطبيق تدريجي وواقعي، يراعي التنوع الشديد في الحالات، ويجنب الدولة موجة صدام قانوني واجتماعي غير محسوب العواقب.

التأخر في تقديم مشروع القانون للبرلمان لم يتح الفرصة للحصول على بيانات رسمية دقيقة

من جانبه قال إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديموقراطي بمجلس النواب، إن أزمة الإيجار القديم لا يتحمل مسؤوليتها لا المالك ولا المستأجر، وإنما هي مسؤولية الدولة بالأساس وفقا لما نص عليه الدستور في المادة 78، التي تلزم الدولة بتوفير مسكن ملائم وصحي وآمن لكل مواطن.

وأشار منصور إلى أن عدد الأسر المتأثرة بالإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون أسرة عام 2006 إلى نحو 1.6 مليون أسرة في 2017، وتوقع أن ينخفض العدد إلى 756 ألف أسرة بحلول 2027، وإلى نحو 303 آلاف أسرة بحلول 2032، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.

وشدد على أن هذه الأعداد لا تزال تمثل شريحة واسعة من المجتمع لا يمكن تجاهلها، وأن التعامل معها يتطلب تصنيفًا دقيقًا يراعي من هو قادر على الدفع ومن هو غير قادر، مع توفير الدعم اللازم للفئات غير القادرة، مؤكدًا أن هذا الدعم يجب أن تتحمله الدولة وليس المالك.

ولفت إلى أن مشروع القانون الحالي لم يراع مجموعة من العوامل الأساسية عند تحديد قيمة الأجرة، من بينها مساحة الوحدة، عمر العقار، موقعه، وتاريخ تحرير العقد، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة في التطبيق. وقال إن المساواة بين شقة مساحتها 40 مترا وأخرى مساحتها 400 متر أمر غير منطقي، كما أن عدم التفريق بين العقود القديمة جدا وتلك التي تعود للتسعينيات يُعد ظلما للمستأجرين الذين دفعوا مقدمات أو خلوا في فترات كان فيها ذلك مقبولا وغير مخالف للقانون.

وانتقد منصور غياب مسألة الصيانة في مشروع القانون، رغم خطورتها الكبيرة على سلامة المواطنين، مشيرا إلى أن محافظ القاهرة أعلن وجود 5000 عقار في حالة "خطورة شديدة"، بينما في الإسكندرية هناك أكثر من 24 ألف عقار آيل للسقوط. واعتبر أن ما يحصل عليه المالك من إيجارات رمزية لا يكفي لإجراء أي نوع من أعمال الصيانة، ما يهدد حياة السكان، وبالتالي فإن تدخل الدولة في هذا الجانب بات أمرا حتميا.

كما دعا منصور جهاز التعبئة والإحصاء إلى بدء إجراء المسح الميداني من الآن، بدلًا من الانتظار حتى عام 2027، من أجل الوقوف على أعداد المستأجرين من أصحاب المعاشات أو المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، والفئات الأخرى غير القادرة على سداد القيمة الإيجارية الجديدة، مؤكدا أن هذه البيانات هي التي ستحدد مدى قابلية القانون للتطبيق من عدمه، وأضاف أنه يرى أن الحد الأقصى لما يمكن أن يدفعه صاحب المعاش يجب ألا يتجاوز 15% من قيمة الإيجار، والباقي تتحمله الدولة، مقترحا تخصيص مليار جنيه سنويا من الموازنة العامة لهذا الغرض، وهو رقم وصفه بأنه "غير كبير" مقارنة بما يُخصص سنويا لدعم الإسكان الاجتماعي والذى يتراوح ما بين 10 – 11 مليار جنيه سنويا.

فجوة المعلومات انعكست سلبا على مشروع قانون الإيجار القديم

قال ماجد عثمان المدير التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأى العام بصيرة ووزير الاتصالات الأسبق، إن هناك فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر، وهو ما ينعكس سلبًا على صياغة السياسات والتشريعات، ومنها مشروع قانون الإيجار القديم.

وأشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يجري التعداد السكاني كل عشر سنوات، وكان آخر تعداد في 2017، والتعداد المقبل سيكون في مارس 2027، مؤكدًا أنه لا يمكن بأي حال تقديم موعد التعداد، وأنه من غير الواقعي الاعتماد على بيانات دقيقة في هذا الملف قبل هذا الموعد، نظرا لطبيعة التحضيرات المعقدة التي تسبق التعداد.

وتحدث عن أهمية النظر للمشكلة من زاويتين: عدد الأسر وعدد الوحدات، مشيرا إلى أن عدد الأسر التي كانت تسكن بالإيجار القديم في 2017 بلغ نحو 1.6 مليون أسرة، بينما بلغ عدد الوحدات المؤجرة إيجارا قديما نحو 3 ملايين وحدة، ما يعني أن هناك نحو 1.4 مليون وحدة غير مستخدمة من قبل أسر بالفعل، إما مغلقة أو احتياطية أو في مدينة أخرى.

اقتراح بإنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين من تعديل القانون

فيما قالت، عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن جوهر الأزمة في غياب منهجية واضحة لفهم حجم المشكلة بدقة، مشيرة إلى أن صوت أصحاب المشكلة عالى، ولكن الأهم هو أن تعرف الحكومة حجم المشكلة.

أضافت عبد اللطيف، تحديد فترة إنهاء التعاقد بـ7 سنوات دون توضيح آليات التمديد أو الخروج الآمن، يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، وتجاهل الفروق بين الحالات مثل غياب التمييز بين مستأجر دفع "خلو رجل"، وآخر يقيم في العقار منذ عقود دون مقابل مناسب.

وقدمت عبد اللطيف عددا من المقترحات التى يمكن أن تعالج الأزمة بشكل فعال وأكثر عدالة، تضمنت: أن تأتي اللائحة التنفيذية للقانون معالجة كافة أوجه القصور الموجودة به، على أن يتم عرض اللائحة - قبل إصدارها - على مجلس النواب مرة أخرى في جلسات تضم ممثلين عن الأسر المتضررة، بالإضافة إلى رصد المعلومات المطلوبة عن جميع الحالات المختلفة (مثل الحالات التي تم فيها دفع مبالغ كبيرة كـ"خلو رجل" أو خلافه)، مع وضع حلول مناسبة لكل منها.

كما اقترحت أن تقوم الدولة بإنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين من تعديل القانون، كأصحاب المعاشات، ووضع أولوية في تنفيذ القانون المعدل على الحالات المحسوم أمرها، مثل الوحدات المغلقة أو التي تحتاج إلى صيانة وترميم، وضرورة وجود رقابة فعالة على أعمال لجان الحصر، لضمان الشفافية في تصنيف المناطق، والتأكد من أن التصنيف يتم بحيادية ودون تحيز.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك