قررت النيابة العامة بمركز ديرمواس بإشراف المستشار محمد أبو كريشة، المحامي العام الأول لنيابات جنوب المنيا، حبس الزوجة الثانية "هـ - ا"، المتهمة بقتل زوجها ناصر محمد وأبنائه الستة من زوجة أخرى 4 أيام على ذمة التحقيقات.
اعترفت المتهمة خلال استجوابها أمام النيابة للمرة الخامسة، أنها أنجبت المولود الثاني لها منذ أيام، وأقدمت على هذه الجريمة بدافع الغيرة والحقد، بعد أن رد زوجها زوجته الأولى إلى عصمته منذ نحو أربعة أشهر، في أواخر شهر رمضان الماضي، حيث شعرت أن مكانتها باتت مهددة مع احتمال انفصال الزوج عنها.
وقالت المتهمة في اعترافاتها: "شعرت بأن زوجي عاد يميل إلى طليقته السابقة، وأنه قد يهجرني نهائيًا ليعود إلى حياته الأولى معها، وخفت على وضعي بعد أن استقرّ بدون الزوجة الأولى، خاصة بعدما رأيت عودة المودة بينهما واجتماع الأبناء حول والدتهم من جديد"، مضيفة أن "مشاعر الغيرة دفعتني للتخلص من الأبناء والزوجة الأولى، حتى أحتفظ بزوجي"، متابعة: "الشيطان أغواني وزيّن لي ارتكاب الجريمة".
العيش الشمسي أداة الجريمة
وعن طريقة تنفيذ الجريمة، اعترفت المتهمة بأنها وضعت مادة سامة مكونة من مبيد حشري داخل الخبز "العيش الشمسي" الذي أعدته للأسرة كالمعتاد في فترة غياب الأم، وأعطته للطفل أحمد ناصر "أحد المجني عليهم" ليذهب به إلى منزلهم، ثم تناوله الأطفال ووالديهم دون علمهم بأنه مسمم.
وتبين من التحريات، أنه ما إن تناول الضحايا الطعام وجبة العشاء حتى ظهرت عليهم أعراض إعياء شديد تباعًا، بدءًا من أصغر الأبناء حتى الأكبر، نُقل الجميع إلى المستشفى، وأكدت الفحوص الطبية إصابتهم بتسمم قاتل أدى إلى وفاة الأطفال الستة تباعا، ثم الأب ناصر محمد 48 عامًا، بينما نجت الزوجة الأولى.
وأوضحت التحريات أن المتهمة استغلت ثقة زوجها وأسرته، وقامت بوضع مادة سامة في الخبز الذي كانت تعده لأبناء زوجها ووالدتهم، بقصد إنهاء حياتهم دفعة واحدة، الخطة كانت مُحكمة ومبنية على نية الغدر، إذ اعتقدت أن أحدا لن يشك فيها خاصة مع إظهارها المظاهر الطبيعية للحياة اليومية.
وأمام جهات التحقيق، أقرت المتهمة أن دافعها الرئيسي كان الانتقام، بعدما أعاد زوجها زوجته الأولى إلى عصمته مؤخرا، وهو ما أثار غيرتها واعتقادها بأن ذلك سيكون مقدمة لانفصالها هي عنه، هذا الشعور دفعها للتفكير في الانتقام والتخلص من جميع أفراد الأسرة بطريقة لا تترك مجالاً للشك.
المتهمة تبعد الشبهة عنها بدموع تماسيح
وأقرت المتهمة بأنها استطاعت أن تخفي جميع الأعين عنها وتبعد الشبهة، حيث شاركت في جنازات ضحاياها وسارت بين المشيعين وهي تذرف دموعا كاذبة، محاولة إبعاد الشبهة عنها وإيهام الجميع بأنها حزينة على فقدان الأسرة، المتهمة نفسها وصفت دموعها بأنها "دموع تماسيح" لم يكن الهدف منها سوى التغطية على جريمتها، خاصة وأنها كانت حاملا في شهرها التاسع.
نجاة والدة الأطفال من السم
وتبين من التحقيقات وأقوال والدة الأطفال الستة "أم هاشم أ." في عدد المرات التي تم سماع شهادتها فيها، أنها كانت تشارك الأسرة الوجبة التي تسببت في وفاتهم، وتناولت قطعة صغيرة من الخبز، ولكنها شعرت بمرارة غير طبيعية وعطش شديد، فشكت أن الزوجة الثانية "ضرتها" وضعت به "سحرا" تقصدها هي به، ولم تكمل وعزفت عن تناول الخبز.
النيابة تتلقى طلبا للإفراج عن والدة أطفال دلجا الستة المتوفين
أعلن محمود الدلجاوي، المحامي، أنه بمجرد اعتراف المتهمة بالجريمة، تقدم للنيابة العامة بطلب للإفراج عن والدة الأطفال التي تم إيداعها مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالعباسية تحت الملاحظة لمدة 30 يوما.
ومن جهته، أكد مصدر قضائي بالمنيا أن النيابة العامة تواصل تحقيقاتها في وفاة أطفال دلجا الستة ووالدهم، وأنها لم توجه أي اتهام للأم، وأن قرارها بعرض الأم على مصلحة الطب الشرعي ثم إيداعها مستشفى الصحة النفسية والعصبية، جاء لتضارب أقوالها، كونها شاهدة إثبات في القضية، وأن أقوالها يجب أن تتسم بالثبات والمصداقية.
وأضاف المصدر القضائي أنه خلال التحقيقات، تبين للنيابة العامة عدم اتزان الأم وتضارب أقوالها، وبسؤال أسرتها أكدوا أنها خضعت للعلاج النفسي خلال فترة طلاقها، فقررت النيابة عرضها على طبيب أمراض نفسية وعصبية بمستشفى الصحة النفسية بالمنيا الجديدة، والذي أكد في تقريره أنها تعاني من أحد الأمراض النفسية والعقلية وتمثل خطورة على نفسها وعلى الآخرين وتحتاج للإيداع بالمستشفى لتلقي العلاج، ووفقًا لقانون رعاية المرضى النفسيين، تم عرض التقرير على شقيقيها اللذين رفضا إخضاعها للعلاج النفسي داخل المستشفى رغم خطورة حالتها، ما أعطى النيابة صلاحية الأمر بإيداعها المستشفى لتلقي العلاج.
والدة الأطفال تعود إلى محافظة بني سويف
وأضاف المحامي محمود الدلجاوي، أن النيابة العامة صرحت بخروج والدة الأطفال من المستشفى بعد تقرير الأطباء بعدم خطورتها على نفسها أو المحيطين، واستقرار حالتها العصبية بعد أيام عصيبة عاشتها بين شبهات بقتل أبنائها الستة وزوجها، وقرار بإيداعها مستشفى الأمراض النفسية، وعادت إلى أهلها بمركز سمسطا في محافظة بني سويف، خاصة وأن منزلها تم تشميعه بقرار من النيابة منذ وفاة الزوج، وتقوم جهات التحقيق بجمع الأدلة بداخله، وتم التوقيع على إقرار بالمثول أمام جهات التحقيق وقت طلبها.
إجراء التحريات بسرية تامة
وقال المحامي عصام مكرم الشريف، أحد المحامين الذين أعلنوا تطوعهم للعمل في قضية أطفال دلجا، إن أسرة المجني عليهم لم توجه اتهامًا لأي شخص، وأن التحريات الأمنية التي أجرتها الجهات المختصة هي التي أسفرت عن توجيه الاتهام إلى الزوجة الثانية، مؤكدا أنهم سيتابعون إجراءات النيابة العامة في هذا الخصوص.
وأشار إلى أن النيابة العامة كانت حريصة على الحفاظ على الحياد الكامل والموضوعية في التحقيقات، حيث استمعت لأقوال الزوجتين، الأولى والثانية "المتهمة" عدة مرات، وكانت التحريات تُجرى بسرية تامة.
وفيما يتعلق بالإجراءات القانونية المقبلة، أكد أن النيابة العامة هي الجهة المسؤولة عن التصرف في القضية، وأنه لا يوجد أي إجراء يُتخذ إلا من خلالها، والنتائج النهائية ستظهر من خلال خطوات النيابة العامة.
أهل المتهمة تبرؤوا منها بعد اعترافاتها بالقتل
وقال أحد أقارب الضحايا، الذي رفض ذكر اسمه، إن المتهمة "الزوجة الثانية" من عائلة المجني عليهم وتقيم بذات القرية، لافتا إلى أن جميع أفراد العائلة تبرأوا منها بسبب الجريمة البشعة: "مفيش أي تعاطف معها، فقد ذهلنا جميعا من اعترافاتها. آخر حد توقعنا يعمل كده هي زوجة الأب اللي اعترفت بارتكاب الجريمة بسبب الغيرة، دي المرأة التي غلبت الشيطان، وإحنا مصدومين فيها"، مؤكدا أن الأسرة لم تكن تتخيل أن تصدر الجريمة من سيدة بدت طوال الوقت هادئة وملتزمة.
الجيران والأقارب أكدوا أن المتهمة لم تظهر عليها أي علامات قد تثير الشكوك، حيث وصفوها بأنها "هادئة ومش باين عليها إنها ممكن ترتكب جريمة بالشكل ده. منتهى القسوة والجحود، معندهاش قلب ولا ذرة إيمان بالله"، معتبرين أن ما قامت به يعكس غياب الرحمة والإنسانية.
وفي يوليو الماضي توفي 6 أطفال أشقاء ووالدهم، عقب تناولهم وجبة غذائية منزلية حيث ودّعت خلال أسبوعين فقط سبعة من أفراد أسرة واحدة، وبدأت الوفيات بالطفلة ريم ناصر 10 أعوام، ثم شقيقها عمر 7 أعوام، تلاهما محمد 11 عامًا، وأحمد 5 أعوام، ثم رحمة 12 عامًا، وأخيرًا فرحة 14 عامًا التي لحقت بأشقائها بعد عشرة أيام، وفي النهاية توفي والدهم ناصر محمد 48 عامًا، لتفقد الأسرة بالكامل عدا الأم.