مريم أبو دقة.. شهيدة الحقيقة التي وثقت الألم حتى آخر نفس - بوابة الشروق
الأربعاء 27 أغسطس 2025 6:29 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

مريم أبو دقة.. شهيدة الحقيقة التي وثقت الألم حتى آخر نفس

رنا عادل
نشر في: الإثنين 25 أغسطس 2025 - 5:50 م | آخر تحديث: الإثنين 25 أغسطس 2025 - 5:50 م

ارتقت الصحفية الفلسطينية مريم أبو دقة صباح اليوم، جراء قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، في جريمة جديدة ضد الصحفيين والمنشآت الطبية، لتلتحق بركب شهداء الحقيقة الذين أصروا على أن يكونوا صوت شعبهم حتى اللحظة الأخيرة.

مريم التي كانت توثق مأساة النازحين والجرحى من قلب المستشفى، لم تهدأ يوما عن نقل الصورة رغم وهن جسدها من الجوع، لتصبح هي نفسها الخبر الذي طالما نقلته، وفي لحظة موجعة ودعت الحياة وارتقت شهيدة الكلمة والصورة.


- سيرة مليئة بالتضحية والعطاء

لم تكن مريم مجرد صحفية عابرة، بل أما مناضلة، وزميلة وفية، وابنة بارة، وصاحبة مواقف إنسانية نبيلة. عُرفت بإعداد القصص الإنسانية من قلب المأساة، فحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كانت تنقل باستمرار معاناة الأطفال والجرحى والشهداء، ولم تفقد ابتسامتها وهي تلاعب الصغار أمام الكاميرا حتى وسط القصف.

شهد لها زملاؤها بعطائها الذي يستحق أن يُروى، فقد تبرعت بكليتها لوالدها بصمت ورفضت أن تجعل من تضحيتها مادة إعلامية، لأنها كانت ترى أن العطاء أسمى من الاستعراض. وخلال الحرب رافقت زميلها الشهيد حسن أصليح رغم التهديدات المتكررة باستهدافه، ووقفت إلى جانبه بكل شجاعة، لتكون شاهدة على المجازر حتى آخر تغطية.


- الأمومة بين الحرب والغربة

وكأي أم، كان قلب مريم معلقا بابنها الوحيد غيث الذي تزين صورتهما معا حسابها الشخصي وهو يرافقها في إحدى مهام عملها. "غيث" الذي أبعدته عن القطاع مع ذويها في بداية الحرب خوفا عليه، بينما بقيت هي في غزة تؤدي عملها رغم اشتياقها الكبير له.

وظلت توثق حنينها إليه على مدار عامين، وكتبت له في عيد ميلاده السابق كلمات مؤثرة من قلب الغياب، متمنية أن تلتقيه قريبا: "غيث، أنت أغلى ما أملك، أنت غيثي في هذه الحياة… كل عام وأنت بخير يا أعظم هدية منحني إياها الله، أحبك من كل قلبي وأعد الأيام حتى أراك مجددا."


- خسارات متتالية وصمود حتى النهاية

في حياتها القصيرة حملت مريم أثقالا موجعة، كان أشدها فقدان والدتها خلال رحلة نزوح قاسية، ثم استشهاد ابن شقيقتها، ثم زميلها الأقرب "أبو أنس". ورغم كل ذلك، لم تتوقف عن عملها الصحفي، لتبقى شاهدة أمينة على جراح غزة.

ونعتها الزميلة الصحفية سمر أبو العوف بقولها: "مريم تركت ابنها الوحيد يسافر لأنها كانت خايفة عليه أول الحرب، وكان أصعب قرار عندها. انحرمت من شوفته سنتين مع إنه كان روحها، بس كانت سلامته أهم. توفت أمها بالحرب وكملت شغلها… وبعدها استشهد أعز زميل عندها، ومع هيك ما وقفت."


- مريم أبو دقة.. إرث باقٍ

كان آخر ظهور لمريم وهي تسترخي منهكة على أحد مصاعد مستشفى ناصر، تتنهد وتغني: "جنة وهنا تستنى ورضوان، من قال إن من يرحل لربه خسران"، قبل نصف ساعة من استشهادها، وكأنها كانت تودع الحياة بسلام لتترك إرثا من الوفاء والشجاعة.

مريم أبو دقة لم تكن صحفية فقط، بل قصة مقاومة وصوتا إنسانيا أبى أن يصمت. رحلت وتركت خلفها طفلا سيحمل ذكراها، وزملاء سيخلدون سيرتها، وشعبا سيذكر أن مريم ضحت بالكثير فقط من أجل إيصال معاناته حتى أسكت القصف صوتها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك