- خطة إسرائيل هي إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر والدمار وإيقاع أعلى عدد من القتلى بهدف احتلال غزة بالكامل وضمها
- القطاع دخلته كمية ضئيلة من المساعدات لا تلبي احتياجات السكان والحصار زاد حالات سوء التغذية بين الأطفال
- اقترح تفويض الأمم المتحدة لقوات حفظ السلام لمرافقة قوافل الإغاثة أو مشاركة برلمانيين ودبلوماسيين وسياسيين في القوافل
قال مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، إن إسرائيل أوصلت غزة إلى "أخطر مراحل التجويع" وإن آثار ذلك ستستمر لأجيال، مؤكدا أن ما يحدث في القطاع هو "إبادة جماعية وتجويع وجريمة ضد الإنسانية وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان".
وفي تصريحات للأناضول بشأن المجاعة بقطاع غزة وسط هجمات مكثفة وحصار إسرائيلي خانق، قال فخري إن ما شاهده خلال الأشهر الماضية من الحرب يكشف بوضوح عن مخطط إسرائيل تجاه القطاع.
وأضاف: "خطة إسرائيل كانت دائما إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر والدمار وإيقاع أعلى عدد من القتلى لتحقيق هدفهم الأساسي وهو احتلال غزة بالكامل وضمها".
وتابع: "أعلنت إسرائيل نواياها منذ بداية الحرب بشكل أو بآخر. والوضع يزداد سوءا باستمرار، ونشهد تصعيدا ملموسا وممنهجا في العنف من جانب إسرائيل".
وشدد فخري على أهمية عدم نسيان أن إسرائيل أعلنت نيتها استخدام التجويع كسلاح في 9 أكتوبر 2023.
وأضاف: "إسرائيل منعت المساعدات الإنسانية تماما، أو قيّدتها أو هاجمت قوافل الإغاثة بشكل متعمد. والآن، ما نشهده هو المرحلة الأخطر من حملة التجويع".
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة، بإغلاقها معابر قطاع غزة بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير التهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
** كارثة مجتمعية لأجيال
وأشار فخري إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في 1 مارس الماضي، أن إسرائيل تعتزم منع دخول أي طعام أو ماء أو إمدادات إلى غزة، موضحا أن هذا الوضع استمر لمدة 80 يوما تقريبا.
وتابع: "فرضت إسرائيل حصارا تاما لمدة 80 يوما تقريبا، ما أدى بشكل مباشر إلى نشوء مجاعة. هذه هي أخطر مرحلة نشهدها حتى الآن".
وقال المقرر الأممي إن القطاع شهد مؤخرا دخول كمية ضئيلة من المساعدات، حيث سمحت إسرائيل بدخول عدد قليل جدا من شاحنات الإغاثة إلى غزة، "لكنها لا تلبي احتياجات السكان".
وشدد على أن "أهم ما يجب تذكره هو أن الأرقام التي لدينا الآن دائما أقل بكثير من الواقع، لأن الصحفيين الدوليين لا يُسمح لهم بالدخول، كما أن عددا محدودا جدا من موظفي الإغاثة يُسمح لهم بالعمل هناك. لذلك نعلم أن الواقع أسوأ بكثير مما يمكننا تخيله".
وأوضح فخري أن "الحصار الكامل الذي فرضته إسرائيل على القطاع أدى إلى زيادة حادة في حالات سوء التغذية بين الأطفال، حيث ارتفعت بنسبة 80 بالمئة في مارس وحده".
وأشار إلى أن أسعار دقيق القمح المستخدم في صناعة الخبز ارتفعت بنسبة 3000 بالمئة منذ فبراير الماضي.
وأضاف: "هذه ليست مجرد أرقام. ويجب أن نتذكر أن هذا يعني أن الناس يرون أطفالهم يموتون جوعا بين أيديهم. إنها كارثة مجتمعية ستستمر لأجيال".
وزاد: "حتى لو توقفت القنابل والرصاص اليوم، فإن عدد الأشخاص الذين سيموتون بسبب المرض والجوع سيكون أكبر من عدد الذين قُتلوا بسبب القصف والرصاص. آثار المجاعة وحملة التجويع الإسرائيلية ستستمر لأجيال، سواء من الناحية الجسدية أو من ناحية الصدمة المجتمعية".
ومنذ 2 مارس الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لسكان غزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
وسمحت إسرائيل في 21 مايو، بدخول كميات محدودة من المساعدات قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بنحو 87 شاحنة فقط خصصت لمؤسسات دولية وأهلية، في ظل احتياج عام للقطاع قدّره المكتب بنحو 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود كحد أدنى منقذ للحياة.
وبشكل شبه يومي، تدعي وسائل إعلام إسرائيلية بدخول مساعدات لقطاع غزة، الأمر الذي اعتبره مدير عام المكتب الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة في تصريح سابق للأناضول، بأنه حملة "تضليل كاذبة".
وأشار الثوابتة إلى أن المكتب الإعلامي رصد بعد 80 يوما من الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، 58 وفاة بسبب سوء التغذية، و242 حالة أخرى نتيجة نقص الغذاء والدواء معظمهم من كبار السن.
** إبادة جماعية
وقال فخري إن "الكلمات لم تعد كافية لوصف ما يجري في غزة"، مضيفا أن "خبراء حقوق الإنسان المستقلين حذروا منذ بداية الحرب من خطر الإبادة الجماعية، ودعوا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوعها".
وأضاف: "الجميع يعلم أن ما يحدث هو إبادة جماعية".
وتابع: "كنا من أوائل من كشفوا عن المجاعة إثر حملة التجويع الإسرائيلية، حيث أقرت محكمة العدل الدولية بوجود خطر إبادة جماعية، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، ومن بين التهم الموجهة إليهما استخدام التجويع كسلاح حرب".
وفي 21 نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الإبادة على قطاع غزة.
وفي تحدي للأعراف الدولية، استبعدت تل أبيب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وكلفت "مؤسسة غزة الانسانية" الإسرائيلية الأمريكية المرفوضة أمميا، بتوزيع مساعدات شحيحة جدا بمناطق جنوب قطاع غزة، وذلك لإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
لكن المخطط الإسرائيلي فشل تحت وطأة المجاعة، بعد أن اقتحمت حشود فلسطينية يائسة، الثلاثاء، نقطة توزيع مساعدات جنوب القطاع، فأطلق عليها الجيش الإسرائيلي الرصاص وأصاب عددا منهم، وفق المكتب الإعلامي بغزة الذي أرجع الفوضى إلى "سوء إدارة الشركة نفسها".
** مقترح لتحرك أممي
المقرر الأممي قال: "في هذه المرحلة، الجميع يدرك أن ما يحدث هو إبادة جماعية وتجويع وجريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب، وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان. ماذا يمكن أن نقول أكثر من ذلك؟! لقد حان وقت التحرك".
وأردف: "آن الأوان ليتوقف السياسيون عن الاكتفاء بالكلمات الجميلة والادعاء بأنهم يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني".
وشدد فخري على أن "الأولوية القصوى الآن هي السماح العاجل بدخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى غزة"، مقترحا أن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ"منح تفويض لقوات حفظ السلام لمرافقة قوافل الإغاثة، أو مشاركة أعضاء برلمانات ودبلوماسيين وسياسيين ضمن قوافل المساعدات المدنية للدخول إلى غزة".
وختم المقرر الأممي حديثه للأناضول بالتأكيد على ضرورة السماح "العاجل" بدخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقال: "هذا هو ما يجب أن يحدث، ويجب أن يحدث الآن".
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.