اكتمل الوحي الإلهي بقول الله-تعالى- في سورة المائدة: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، وذلك يوم عرفة في حجة الوداع للنبي محمد- صل الله عليه وسلم-؛ ليكون الإسلام دينًا مكتمل الأركان، مستندًا إلى كتاب الله وسنة نبيه-صل الله عليه وسلم.
وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، حمل العلماء على عاتقهم مسئولية فهم الدين واستنباط الأحكام، فكان الاجتهاد بابًا واسعًا أثرى الأمة بعلوم شتى، وعلى مدار أكثر من 1000 عام ظهر تراث إسلامي زاخر بالكتب في التفسير، والحديث، والسيرة، والفقه، وغيرها من العلوم الشرعية.
وفي هذه السلسلة، نطوف معًا بين رفوف "المكتبة الإسلامية"، نستكشف في كل حلقة كتابًا أثرى الفكر الإسلامي، ونتأمل معانيه وأثره في مسيرة العلم والدين.
الحلقة الأخيرة:
يتضمن الكتاب التأكيد على سماحة الإسلام واحترامه للآخر المختلف دينًا وعقيدةً وجنسًا ولغةً، مشيرًا إلى أن البلاغ المبين والبيان لا يقتضي إلا الإبلاغ والإعذار والتذكير.
كما يؤكد أن كراهية الإسلام للمكر السياسي الخبيث لم تمنع انتشار دعوته بين أبناء الديانات الأخرى، بل إن عامة الناس الذين جاؤوا إلى الإسلام لم يدخلوه عنوة، وإنما وجدوا فيه الرحمة والعفو، فاختلفوا عن المتشددين الذين اعتبروا الإسلام مجرد حدود صارمة دون فهم حقيقي لجوهره.
*التسامح في الإسلام والعلاقة مع الأديان الأخرى
يتناول الكتاب العلاقة بين الإسلام والديانات السماوية السابقة عليه، مشيرًا إلى أن هذه العلاقة ليست علاقة قطيعة أو توتر، بل علاقة تواصل وتوارث، كما يوضح أن القرآن الكريم قد أقر بهذه العلاقة من خلال وصفه للدين المشترك الذي يجمع بين الأنبياء جميعًا، فالإسلام ليس دينًا جديدًا منقطع الصلة بما قبله، بل هو امتداد لرسالة التوحيد التي بدأها إبراهيم عليه السلام.
الإسلام دين السلام والرحمة
ويشدد الكاتب على أن الإسلام ليس فقط دينًا يسلم به الناس، بل هو دين يسلم معه الكون بأسره، بما فيه الحيوان والنبات والجماد.
كما أن العدالة في الإسلام تمتد لتشمل جميع الكائنات، وهو دين الرحمة والود والمحبة، كما ورد في القرآن الكريم. فالإسلام يعفو عن المسيئين، ويقر العفو منهجًا، ويرفض العنف والكراهية.
*تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام
ينتقد الكاتب التشويه المتعمد لصورة الإسلام عالميًا، حيث يتم تصويره على أنه دين عنيف قائم على سفك الدماء، بينما الحقيقة أن الإسلام يدعو إلى العدل والمساواة ويحارب الظلم والفساد.
ويرى أن هذا التشويه متعمد لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، وأن البعض يسعى إلى ترويج صور نمطية مغلوطة عن الإسلام، مثل ربطه بالإرهاب والتطرف، في حين أن الإسلام يعارض ذلك تمامًا.
دور الأزهر في نشر قيم الاعتدال والتسامح
يؤكد الكتاب على الدور الريادي للأزهر في نشر قيم الاعتدال، حيث يحرص على تعليم طلابه مبادئ الإسلام الصحيحة بعيدًا عن التشدد.
كما يدعو المسلمين إلى الدفاع عن دينهم بالحكمة والحوار، وليس بالعنف أو التطرف، ويوضح أن الحوار مع الآخر يجب أن يكون على أسس من الاحترام المتبادل والتفاهم، لا على أساس الصراع والتنافس.
اقرأ أيضا
المكتبة الإسلامية (29).. كتاب الشيخان لطه حسين: قراءة في سيرة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب