في زمن باتت فيه التجارب الصعبة والعلاقات السامة تشكل تحديًا للكثيرين، ظهر تريند جديد على تطبيق "تيك توك" جذب آلاف الفتيات حول العالم، تحت اسم "نظرية اللون الوردي" (Pink Theory). هذا التريند لم يكن مجرد صيحة موضة أو لون مُختار بعشوائية، بل أصبح رمزًا يحمل في طياته قصة تعافي، وإعادة بناء للثقة بالنفس، وبداية جديدة مليئة بالأمل والقوة.
فما السر وراء تحول اللون الوردي إلى لغة جديدة للتعبير عن القوة الداخلية والشفاء النفسي؟
اللون الوردي.. رمز للتعافي والثقة بالنفس
تتجه العديد من الفتيات لاستخدام اللون الوردي، كدليل على بداية جديدة بعد المرور بتجارب نفسية مؤلمة، تظهر هذه الرغبة في تفاصيل صغيرة مثل اختيار الملابس الوردية، طلاء الأظافر، أو حتى خلفيات الهواتف، لكنها تعكس حالة نفسية عميقة تتمثل في استعادة الشعور بالأمان والأنوثة والقبول الذاتي.
تقول المشاركات في التريند، إن اللون الوردي صار بالنسبة لهن علامة على التوازن الداخلي والتحرر من الضغوط العاطفية، مع بداية مرحلة جديدة تحمل مزيدًا من الثقة بالنفس والرضا.
التأثير النفسي للون الوردي
في علم نفس الألوان، يُعرف اللون الوردي بارتباطه بمشاعر الهدوء والراحة النفسية، ويساعد على تهدئة الأعصاب وتقليل التوتر، ويُعزز الشعور بالأمان والطمأنينة والثقة بالنفس. ويرتبط أيضًا بالحنان والرعاية، ولهذا السبب يُستخدم أحيانًا في تصميم بيئات مريحة ومهدئة.
تجربة "Baker–Miller Pink": اللون الوردي في السجون
في أواخر السبعينيات، جرت تجربة في الولايات المتحدة اختبرت تأثير درجة محددة من اللون الوردي على سلوك الإنسان، عُرفت بـ"نظرية Baker–Miller Pink" لألكسندر شوس، حيث تم طلاء جدران زنازين في بعض السجون بهذا اللون، ولاحظ الباحثون انخفاضًا مؤقتًا في السلوك العدواني للسجناء.
ورغم أن النتائج لم تكن حاسمة أو دائمة، فإن هذه التجربة فتحت آفاقًا جديدة لدراسة تأثير الألوان على الحالة المزاجية والسلوك، مع التركيز على دور اللون الوردي في تهدئة الأعصاب وتقليل العدوانية.
اللون الوردي وتأثيره الاجتماعي والنفسي
وفي سياق متصل، نشرت مجلة "فوج" في ديسمبر 2023 تقريرًا يشير إلى أن تأثير اللون الوردي يمتد إلى ما هو أبعد من الجماليات، حيث صرّحت المعالِجة النفسية كيم هومان أن ارتداء اللون الوردي في الملابس أو المكياج أو الشعر يعكس مشاعر مثل الحب والرحمة والتفاهم، مما يُحسّن المزاج ويؤثر إيجابيًا على كيفية استقبال الآخرين للشخص.
وأضافت هومان أن اللون الوردي يبعث على الهدوء ويسهِّل التواصل الاجتماعي، إذ يُنظر إلى من يرتديه على أنهم أكثر وُدًّا وسهولة في التعامل، مما يخلق بيئة مناسبة لبناء علاقات صحية.
تاريخ اللون الوردي وأثره البيولوجي
كما أشارت عالمة الأعصاب كاثرين فرانسن إلى أن استخدام اللون الوردي في التجميل له تاريخ يمتد لآلاف السنين، حيث اعتمدت عليه الحضارتان المصرية والرومانية لتلوين الخدود والشفاه، ما يعكس الصحة والحيوية.
وأوضحت فرانسن أن اللون الوردي الطبيعي في الوجه يدل على صحة جيدة للجهاز القلبي الوعائي، ويعبّر عن مشاعر عاطفية مثل الخجل أو الإعجاب.
وأضافت أن هناك أسبابًا بيولوجية تجعل الناس ينجذبون إلى اللون الوردي؛ فعندما يحمرّ وجه الشخص الذي نكنّ له إعجابًا، نراه أكثر جاذبية. لذلك فإن إدخال اللون الوردي إلى المظهر يُعزّز الانتباه والتواصل البصري، ويساعد في تحسين العلاقات الاجتماعية، سواء على المستوى الشخصي أو المهني.