ذكرى استشهاد محمد الدرة.. حين فضحت عدسة الكاميرا وحشية الاحتلال - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 8:37 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

ذكرى استشهاد محمد الدرة.. حين فضحت عدسة الكاميرا وحشية الاحتلال

أدهم السيد
نشر في: الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 - 3:11 م | آخر تحديث: الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 - 3:11 م

 تحل في 30 سبتمبر ذكرى استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة، ليغادر الحياة ويترك مشهد اغتياله غدرًا وصمة عار تلاحق جيش الاحتلال الإسرائيلي، وشاهدًا على جرائمه وإنكاره للحقيقة بعد سنوات من التبريرات التي لم يتوقف عن اختلاقها للتنصل من مسئوليته، واستشهاده، ترك الدرة صورة لا تفارق الوعي العربي، تجسد معاناة الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال وضياع الحقوق.

وتستعرض جريدة "الشروق" في هذه الذكرى وقائع الجريمة الإسرائيلية وتبريرات الاحتلال لإخفاء تورط جيشه في قتل الطفل، نقلًا عن صحيفة "الجارديان" البريطانية، والقناة الفرنسية الثانية، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

- الدرة وطفولة في وطن محتل

ولد محمد الدرة عام 1988 في مخيم البريج للاجئين بقطاع غزة، بالقرب من مستوطنة نتساريم التي كانت تلتهم أراضي القطاع آنذاك، ونشأ في بيئة قاسية فرضها الاحتلال، بين حواجز أمنية تخنق تحركات الفلسطينيين، وانقطاعات متكررة في الدراسة بفعل التوترات التي يثيرها جنود الاحتلال، وفي عام 2000، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية، كان محمد قد أتم عامه الـ12 طالبًا في الصف الخامس.

- الساعات الأخيرة للطفل الشهيد

في يوم استشهاده تعطلت الدراسة بسبب إضراب فلسطيني احتجاجًا على سياسات الاحتلال، واقترح محمد المشاركة في المظاهرات، لكن والده جمال أقنعه بالذهاب معه إلى مزاد لبيع سيارة العائلة التي كان محمد يحبها، وبعد انتهاء المزاد، وأثناء عودتهما، أوقف ضابط فلسطيني سيارة الأجرة محذرًا من كثافة إطلاق النار الإسرائيلي، ورغم التحذير، قرر الأب متابعة الطريق مشيًا مع ابنه، ليصلا إلى تقاطع نتساريم الخطير لقربه من معسكر الاحتلال.

هناك كان مقاتلو لواء جفعاتي وكتيبة هاريف الإسرائيليون يتحصنون خلف أسوار معسكرهم، يصوبون بنادقهم نحو المتظاهرين. ومع إطلاق وابل من الرصاص، لجأ جمال وابنه محمد إلى الاحتماء ببرميل إسمنتي.

- صدفة فضحت وحشية الاحتلال

اشتهر جنود الاحتلال بعدم ترددهم في قتل الأطفال، لكن قلة توثيق الجرائم حالت دون فضحهم، غير أن وجود مصور وكالة "رويترز" شمس العودة بالمكان جذب انتباه المصور طلال أبورحمة من القناة الفرنسية الثانية، الذي وثق بعدسته تفاصيل الجريمة.

وبينما غادر مصور "رويترز" موقع الاختباء، واصل طلال التصوير حين أصابت الطلقات الإسرائيلية محمد ووالده معًا، ظهر جمال وهو يلوح مستغيثًا تارة بالجنود وتارة بعدسة المصور، دون توقف لإطلاق النار أو تمكّن سيارات الإسعاف من الاقتراب.

وفي مشهد مأساوي، حمل جمال ابنه النازف على قدميه محاولًا إنقاذه، واستمر النزيف 17 دقيقة وفق شهادة طلال، قبل أن تنقله سيارة إسعاف، إذ لفظ أنفاسه الأخيرة شاهدًا على جريمة إسرائيلية وقعت على مرأى من العالم.

- فضيحة غير مسبوقة

أثار مقطع استشهاد الدرة، موجة استنكار واسعة لممارسات جيش الاحتلال، خاصة بعد بثه على القناة الفرنسية الثانية، مصحوبًا بتعليق الصحفي الفرنسي ـ الإسرائيلي شارلز إندرلان، الذي روى تفاصيل الجريمة في دقيقة واحدة من البث.

- تبريرات الاحتلال بين الإنكار والتضليل

تفاعلت إسرائيل مع المقطع بإنكار المسئولية، مدعية أن الفلسطينيين يستخدمون أطفالهم كدروع بشرية، ورغم ذلك، صرح يوري آيلاند، رئيس عمليات جيش الاحتلال حينها، بأن مقتل الدرة جاء "بطريق الخطأ"، وأكد توبي ساميا، قائد المنطقة الجنوبية، الأمر ذاته.

لاحقًا، أصدرت إسرائيل تحقيقًا عرف بـ"تحقيق شاهاف" رجح تورط جنود الاحتلال في الجريمة، لكنه ألقى أيضًا باللوم على الشرطة الفلسطينية.

ثم أعادت التحقيق عام 2005 لتعلن نفي مسئوليتها، وأعادت الكرة مرة ثالثة عام 2012 بطلب من بنيامين نتنياهو، زاعمة أن الدرة لم يمت أصلًا، مستندة إلى صور متناقضة بين لحظة إصابته وصورة الجثمان في جنازته.

- إزالة آثار الجريمة

كان الجدار الذي احتمى خلفه الدرة يحمل آثار 4 طلقات نارية، وبعد أسابيع من الواقعة، أزالته قوات الاحتلال بدعوى استخدام المسلحين له ساترًا، في محاولة لإخفاء الأدلة.

وساعد ذلك إسرائيل على الادعاء بأن الرصاصة القاتلة جاءت من الخلف بسلاح فلسطيني، كما روّجت وسائل إعلام إسرائيلية لروايات تنفي وجود طفل اسمه محمد الدرة أصلًا، وتزعم أن الحادثة "مفبركة" لتشويه صورة الجيش.

15 ألف درة في غزة

رغم محاولات الاحتلال طمس جريمة الدرة، إلا أنه واصل جرائمه بحق الأطفال الفلسطينيين، فمنذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر 2023 وحتى اليوم، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد أكثر من 15 ألف طفل على يد جيش الاحتلال خلال نحو 700 يوم من العدوان.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك