في اليوم العالمي للمدن.. القاهرة مدينة الألف مئذنة تحكي حكاية المجد من الفسطاط إلى الخديوية - بوابة الشروق
السبت 1 نوفمبر 2025 8:38 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من يحسم السوبر المصري؟

في اليوم العالمي للمدن.. القاهرة مدينة الألف مئذنة تحكي حكاية المجد من الفسطاط إلى الخديوية

أدهم السيد
نشر في: الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 5:50 م | آخر تحديث: الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 5:50 م

يوافق 31 أكتوبر من كل عام اليوم العالمي للمدن لتفاخر كل بلد بمدائنها العريقة وجمال بنائها، لتحتل قاهرة المعز مصر المحروسة مكانة هامة بعمر يجاوز الـ1400 سنة، وبنيان ألف مئذنة تشمخ فوق شوارعها، لتمتد بين ضفة النيل وسفح المقطم حكاية مدينة عاشت عصور الفاطميين والمماليك، وخرجت من بواباتها الجيوش المحاربة للصليبيين والتتار، وسطر المصريون في ميادينها نماذج التضحية في الثورات على الاستعمار، ولتستمر رواية القاهرة المدينة التاريخية التي لم ينته حاضرها.

وتسرد "الشروق" حكاية مدينة القاهرة في اليوم العالمي للمدن بين أحداثها التاريخية المحورية وأوصافها العمرانية من جوامع وميادين في أزمان مختلفة، وقد وردت المعلومات عنها في كتب: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأخبار لتقي الدين المقريزي، وعجائب الآثار في التراجم والأخبار لعبد الرحمن الجبرتي، والخطط التوفيقية لعلي مبارك، والحركة الوطنية في مصر وتطور نظام الحكم لعبد الرحمن الرافعي.

- سجن رمسيس وحصن بابليون.. عصور ما قبل القاهرة

عُرفت القاهرة المعاصرة بأقدم تواجد مدني فيها منذ عهد رمسيس الثاني، أقوى حكام قدماء المصريين نفوذًا، والذي أسس على أرضها سجن بابليون حيث اعتقل أسراه من شعب بابل، ليندثر السجن وعمرانه لاحقًا قبل أن يعيد الرومان تشييده بحصن بابليون، حيث تحكموا في البلاد من موقعه الاستراتيجي، ولينشئوا أعلى الحصن كنيسة مارجرجس الرومانية والكنيسة المعلقة.

- فجر الإسلام يشرق من الفسطاط

دخل المسلمون بقيادة عمرو بن العاص حصن بابليون في السنة الـ20 للهجرة، ليقيموا مدينة الفسطاط بين ضفة النيل وجبل المقطم، وتضم أول مسجد مبني في إفريقيا وهو جامع عمرو بن العاص، ولتتسع الشوارع والبيوت وتمتلئ المدينة بالأسواق حتى توجه المصريون إليها عبر الزمن لتصبح أول عاصمة إسلامية بين العواصم التسع في التاريخ المصري.

تبع الفسطاط عاصمتان، إحداهما لجنود العباسيين واشتهرت بمدينة العسكر وتحولت إلى أطلال لاحقًا، ثم بنى الحاكم أحمد بن طولون مدينة القطائع شمالي الفسطاط والعسكر، ولم يبقَ منها سوى جامع ابن طولون المعلق الشهير بتميز عمارته بين الجوامع المصرية.

- سطوع نجم قاهرة المعز

ودخلت القاهرة حقبة جديدة حين دخلها الفاطميون بقيادة جوهر الصقلي، ليقيم مدينة محاطة بالأسوار والبوابات لاستقبال الفاطميين، ليسميها المعز لدين الله الفاطمي خليفة الفاطميين «قاهرة المعز»، وبدأت بنيانها بالجامع الأزهر، من أشهر العمارة الفاطمية، وتبعه عدد من المساجد الشهيرة كجامع الحسين ومسجد الأقمر والحاكم بأمر الله والصالح طلائع آخر العمائر الفاطمية.

- القاهرة هازمة المغول والحملة الصليبية

وأصبحت القاهرة على موعد مع أهم الملاحم بدخول الأيوبيين إليها بقيادة أسد الدين شيركوه عمّ صلاح الدين الأيوبي، حيث خلع صلاح الدين الحكم الفاطمي بعد معركة «بين القصرين» التي دارت في أحياء القاهرة وشهدت إبادة أغلب الجنود الفاطميين، ليقيم صلاح الدين دولته ويجهز جيشًا هدفه استعادة القدس، وهو الجيش الذي خرج إلى معركة حطين ثم تحرير المسجد الأقصى، ولتكون القاهرة عاصمة الأيوبيين ومقر حكمهم في قلعة الجبل التي استمرت دارًا للحكم حتى عهد مصر الخديوية.

تبدل الحكم الأيوبي في مصر لتأتي دولة المماليك في أشد الأوضاع صعوبة أمام الغزو المغولي، لتشهد شوارع القاهرة أول صحوة في وجه التتار حين علّق سيف الدين قطز رؤوس رسل هولاكو على باب زويلة قبل أن يخرج الجيش المصري من بوابة الفتوح قاصدًا عين جالوت موقع المعركة الشهيرة التي أنهت الزحف المغولي.

- المماليك والعصر الذهبي للقاهرة

وعرفت القاهرة ذروة مجدها في قرنين من الزمان كانت خلالهما عاصمة لدولة المماليك، فتسعت القاهرة وتزينت بالمساجد والخانات والمدارس والحمامات، حيث حرص كل سلطان مملوكي على ترك بصمته ببناء مسجد أو مدرسة، ومن أشهر عمائرهم جامع السلطان حسن الشهير بزخارفه وتصاميمه الفريدة، وكذلك جامع المؤيد شيخ المبني بالطراز المعلق، وجوامع أخرى لا تقل جمالًا كجامع الظاهر بيبرس والمنصور قلاوون الذي أنشأ مجموعة معمارية تضم المدارس والخانقاوات، والظاهر برقوق، والأشرف قايتباي، وقنصوه الغوري، وكان العصر الذي شهد بناء أغلب المساجد التي منحت القاهرة لقب «مدينة الألف مئذنة».

ومع اهتمامهم بالعمارة والزينة، لم يغفل المماليك دورهم في حماية البلاد، لتنطلق جيوشهم من القاهرة محرّرة ما بقي من فلسطين في عهد السلطانين بيبرس والمنصور قلاوون، ثم لرد غزوات المغول في معركة مرج الصفر.

انتهت دولة المماليك عام 1517 بالغزو العثماني لجيش السلطان سليم الأول، الذي هزم المماليك في معركة الريدانية ثم أخمد ثورة القاهرة بعدها بأيام، لتدخل القاهرة عهد الدولة العثمانية، الذي شهد إقامة العديد من المنشآت العمرانية، أشهرها الجامع الأزرق لإبراهيم أغا مستحفظان، ومسجدا سنان باشا وسليمان الخادم، وقد تشابهت تصاميمها مع الطراز المملوكي مع إضافة لمسة عثمانية باستخدام المآذن ذات الشكل القلمي.

وشهدت القاهرة خلال العهد العثماني أحد فصول النضال بعد غزو الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، الذي قاومه المصريون بثورتي القاهرة والأزهر، لتدك المدافع الفرنسية البيوت وتدنس خيولهم الجامع في شهور عاشها القاهريون يحاربون أول استعمار أجنبي في تاريخ العاصمة.

- القاهرة الخديوية وثورة معمارية بالطراز الأوروبي

أراد الخديوي إسماعيل باشا في عهد الدولة الخديوية تحويل القاهرة إلى قطعة تحاكي المدن الأوروبية الشهيرة في ستينيات القرن الـ19، فأنشأ الشوارع والميادين على ضفة النيل الغربية للقاهرة القديمة، لتظهر أهم الميادين الرمزية للعاصمة مثل ميدان التحرير (الإسماعيلية سابقًا) الذي صُمم بطراز يشبه ميدان قوس النصر في باريس، وكذلك ميادين عابدين وطلعت حرب (سليمان باشا سابقًا) والعتبة، وأحياء راقية مثل باب اللوق وجاردن سيتي وقصر النيل التي امتلأت بالعمارات العصرية ذات الطابع الفرنسي.

وتواصلت حكايات التاريخ على أرض القاهرة، ليضم ميدان التحرير مظاهرات ثورة 1919 ضد الاستعمار البريطاني، ثم مظاهرات 1935 التي فرض بها الشعب المصري إرادته على السياسيين في فصل جديد من النضال ضد الإنجليز، ولم تقتصر الأحداث التاريخية على ميدان التحرير، حيث شهدت منطقة قصر عابدين ثورة 1952 لشباب الضباط الأحرار التي أدخلت مصر وعاصمتها القاهرة عصرًا جديدًا من التقدم، وحماية الأرض من أعدائها في ثلاث حروب خاضها الجيش المصري من مقره بالعاصمة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك