التحول السياسى والاقتصادى فى إثيوبيا ليس الحل - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التحول السياسى والاقتصادى فى إثيوبيا ليس الحل

نشر فى : الإثنين 16 مارس 2020 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 16 مارس 2020 - 10:00 م

نشر موقع Quartz Africa مقالا للكاتب Mulugeta G Berhe وهو زميل أول بكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية فى تافتس، تناول فيه أوضاع إثيوبيا الحالية وكيف أن التحول السياسى والاقتصادى الذى يقوم به آبى أحمد ليس المنقذ من الخطر المحدق بإثيوبيا، مقترحا على آبى القيام بعدد من الخطوات لإنقاذ الموقف.. نعرض منه ما يلى..
لقد شهدت إثيوبيا تحولا وتغيرا هائلين خلال القرن الماضى، وكان من بين أكبر التغييرات فوز الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبى EPRDF عام 1991 والتى ظلت الحزب المسيطر منذ ذلك الحين، وحتى وصول آبى أحمد إلى رئاسة الوزراء.
لقد انخرطت بشكل وثيق فى السياسة الإثيوبية منذ السنوات الأولى لتشكيل جبهة تحرير شعب تيغراى فى عام 1975. وعملت كعضو فى قيادة الائتلاف الحاكم خلال السنوات الثمانى الأولى التى كانت تتولى فيها السلطة، ولقد كتبت أيضا باستفاضة عن نقاط ضعفه وقوته فى كتاب تم نشره أخيرا بعنوان «طى صفحة الماضى: الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبى وتحديات بناء الدولة الإثيوبية».
فى الكتاب أتتبع تاريخ الائتلاف، وأراجع أداءه فى السلطة حتى عام 2012، أناقش كيف فشلت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية فى مشروع بناء الدولة من خلال الفشل فى الانتقال الفعال من قيادة الحرب إلى قيادة الحكومة.
ومع ذلك حقق الائتلاف بعض الإنجازات اللافتة للنظر، وأبرزها حقيقة أن ملايين الإثيوبيين انتشلوا من براثن الفقر، لكن التغيير الأخير فى قيادة إثيوبيا ينذر، فى رأيى، بفترة خطرة على البلاد.
وعلى مدى الـ 29 عاما الماضية، انتقلت السياسة الإثيوبية من نظام سياسى مركزى فى عهد «ميليس زيناوى» إلى ما أسميه «احتكار القلة المتنافسة» فى نهاية فترة «هيلماريام ديسالين»، وفقد أعضاء الائتلاف هدفهم الأساسى «الوحدة» نتيجة تكالب كل منهم على السلطة.
ففى عهد «آبى أحمد»، توقف معظم أعضاء الائتلاف عن الوجود كوحدات منظمة؛ حيث انتقلوا إلى مزيد من المنافسة فى السوق المفتوحة، كما انقسم قادتهم إلى مجموعات تقاتل بعضها البعض من أجل السلطة.
والخلاصة التى استنتجتها هى أنه على الرغم من التحرر الاقتصادى الذى بدأه نظام آبى، إلا أن إثيوبيا بعيدة عن تنفيذ أجندة إصلاحية هادفة، والأكثر إثارة للقلق، هو اعتقادى أن إثيوبيا فى طريقها لتكون دولة فاشلة.
التاريخ
تم إنشاء جبهة تحرير شعب تيغراى كحركة «تمرد مسلح قومى» ضد النظام العسكرى الذى حكم إثيوبيا لمدة 17 عاما، وفى سياق نضالها المسلح، أنشأت تحالفات ناجحة مع قوى المعارضة الإثيوبية الأخرى، كان أحد هذه التحالفات تحالف الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبى، الذى وسع التمرد ليشمل بقية إثيوبيا، تولى هذا التحالف السلطة أخيرا فى مايو 1991 بعد حرب استمرت 17 عاما.
وبعد الاستيلاء على السلطة، شرعت جبهة تحرير شعب تيغراى، التى ترتكز على الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبى، فى استعادة الحقوق الديمقراطية وتثبيت نظام حكم ديمقراطى، كما شرعت فى بناء اتحاد فيدرالى يتكون من عدد من الولايات على أساس الهوية الوطنية.
كما حقق التحالف بعض النجاحات اللافتة للنظر، على سبيل المثال، كانت أهداف «ضمان النمو الاقتصادى» و«الحد من الفقر» ناجحة إلى حد كبير، وأدرج البنك الدولى إثيوبيا، وعلى مدى 15 عاما، من عام 2000 إلى عام 2016، فى قائمة الاقتصادات الأسرع نموا فى منطقة جنوب الصحراء الكبرى، بالإضافة إلى ذلك، زاد متوسط العمر من 47 عاما فى عام 1991 إلى 65 عاما فى عام 2018، كما تمتعت البلاد بأطول فترة سلام فى التاريخ ــ استمرت 25 عاما.
لكن أداء التحالف كان ضعيفا فى تحقيق الديمقراطية وترسيخ شكل حكم ديمقراطى، وبمرور الوقت ابتعدت المنظمة عن أهدافها السياسية الثورية والتقدمية، وأصبحت أداة لتحقيق مغانم لقادتها وأعضائها.
علاوة على ذلك، أصبحت المعايير الرئيسية لملء صفوف الحزب والوظائف فى الدولة هى الولاء لقادة الائتلاف وليس الكفاءة، وبالتالى فقد الائتلاف هويته المستقلة وأعاق بناء مؤسسات ديمقراطية.
وهذا يعنى أن فوائد النمو الاقتصادى لم يتم توزيعها بشكل عادل. حيث تمت المقايضات بين الحفاظ على مستويات النمو الساخنة والتعامل مع الرفاهية والإنصاف، كما فشلت فى تلبية توقعات الشباب المتعلمين فى إثيوبيا.
ثنائيات
هناك العديد من العوامل وراء قصور الائتلاف.
أولا، كان هناك تحول غير كامل فى الثقافة التنظيمية وأسلوب قيادة الائتلاف فى أوقات الحرب؛ حيث كان هناك تمسك ببعض المعتقدات المستخدمة فى الكفاح المسلح، من بين هذه المعتقدات التصنيف الثنائى (الصديق مقابل العدو)، بالإضافة إلى اتباع نهج شديد المركزية فى القيادة.
ثانيا، أدى تمسك الائتلاف، بشكل مبالغ فيه، بالإيديولوجيات إلى تقويض الحاجة إلى إنشاء شراكات مع النخب السياسية فى المعارضة، علاوة على ذلك، كان ارتياحه للعيش كحزب وحيد مهيمن دافعا قويا لعدم خلق بيئة تسمح بالتعددية السياسية،
كانت هذه بذور الفوضى اللاحقة، بالإضافة إلى ذلك، تفاقمت المشكلات فى الائتلاف وتسارعت بوفاة رئيسه «ملس زيناوى» الذى خدم لفترة طويلة كرئيس للوزراء من عام 1995 حتى وفاته فى عام 2012؛ حيث أدار البلاد من المركز بمهارات سياسية كبيرة.
ولم يكن لخليفته هايلى مريم ديسالين الرؤية ولا المهارة للحفاظ على الأوضاع كما هى، وتفاقمت الأوضاع سوء فى البلاد، مما اضطر هايليمريم فى النهاية إلى الاستقالة، ليحل محله آبى.
ساحة معركة جديدة
هناك دلائل تشير إلى أن عهد «آبى» يواجه صعوبة، ولا داعى للدهشة لأنه وصل إلى السلطة من خلال الصراع والمنافسة بدلا من التقليد الراسخ المتمثل فى صنع القرار عن طريق الإجماع.
من هذه الدلائل اتخاذ «آبى» عددا من الخطوات التى أدت إلى نفور اللاعبين الرئيسيين فى الائتلاف، على سبيل المثال، حاول إنشاء دائرة انتخابية جديدة من خلال تقديم أجندة مناهضة للائتلاف، كما يحاول أيضا تحويل الائتلاف لحزب موحد، والنتيجة كانت اعتراض جبهة تحرير شعب تيغرى على هذا بشكل كامل، وتعمق الاستياء تجاه آبى.
باختصار، البلد يدخل مرحلة خطيرة؛ حيث اندلع العنف فى عدد من المناطق وتم إعلان فى العديد منها حالة طوارئ غير رسمية، وأظهرت الحكومة المركزية أنها غير قادرة على الحفاظ على القانون والنظام، مما أدى ذلك إلى نزوح عدد غير مسبوق من الأشخاص.
بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الجامعات غير قادرة على إدارة برامجها الأكاديمية السنوية، وترك أكثر من 35000 طالب مدارسهم نتيجة لعدم الاستقرار.
وبناء على ما سبق، إذا لم يتم إلقاء القبض على كل من تسبب فى ذلك، فيمكن التنبؤ بانهيار وشيك للدولة،
إلا أن هناك خطوات يمكن لآبى النظر فيها، وتشمل الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وتجميد السياسات الحكومية الجديدة باستثناء قرارات الميزانية، وإنشاء هيئة استشارية مشتركة تتكون من ممثلين لجميع المجموعات السياسية للعمل على ضمان إجراء الانتخابات المقبلة بسلاسة.
أود أن أزعم أيضا أنه يجب على الإدارة الحالية التوقف عن الحديث عن الإصلاح والتحرير، فالأولوية الآن، فى ظل هذه الأوضاع، يجب أن تكون لتطهير وتنظيف الدولة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى

 

التعليقات