إعداد/أيمن طارق أبو العلا
كتبت رنا أبوعمرة باحثة الدكتوراه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تحليلًا للإطار الطائفى الذى يحيط بالأزمة السورية وتداعيات بروز العامل الطائفى على أطراف الصراع. نشر التحليل بعنوان «تعادل القوى: تأثير التحالفات الطائفية فى موازين الصراع السورى» على الموقع الإلكترونى للمركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة.
تقول الكاتبة إن الطابع الطائفى للأزمة السورية كان أمرًا موجودًا ولكن مسكوتًا عنه إلى أن أصبح أمرًا صريحًا من الصعب اخفاؤه، وذلك حين تدخل حزب الله مؤخرًا إلى جانب قوات الأسد فى معركة القصير. وليس حزب الله فقط هو من اعتمد عليه النظام السورى لقمع المعارضة وإنما كان الحلف الشيعى المساند للنظام السورى العلوى يتكون بالإضافة إلى حزب الله من إيران وشيعة العراق. وهكذا سيكون من غير المتصور أن ينتهى الصراع فى سوريا حتى فى حالة رحيل الأسد، فالصراع أصبح صراعًا طائفيًا بامتياز. بعكس الطائفة العلوية فى سوريا التى يمكن أن يبرر قتالها مع المعارضة على أساس مصلحى فانخراط المتطوعين فى ميليشيات عراقية وإيرانية لا يمكن تبريره إلا على أساس عقائدى طائفى، وهو الأمر الذى يهدد برفع سقف التضحيات وهو الأمر الذى سيؤدى إلى استمرار الصراع.
●●●
والمتابع لمسار القتال فى سوريا سيجد أن النظام السورى بجيشه النظامى وعدته وعتاده أصبح دوره ثانويًا فى الحرب، فهو فقط يوفر الغطاء الجوى أو يقوم ببعض الأعمال التكتيكية التى تهدف إلى فتح الثغرات ثم بعد ذلك تتدخل الميليشيات الشيعية المدربة من قبل حزب الله وإيران بالإضافة إلى بعض الفصائل العراقية التى ظهرت على الساحة فى الفترة الأخيرة. بل إن فى بعض الأحيان يقتصر القتال على الميليشيات الأجنبية التى تحسم بعض المعارك حتى بدون مساعدة النظام السوري. وتضيف الكاتبة أن هناك معلومات عن وجود غرف عمليات مشتركة بين العلويين فى سوريا وإيران وحزب الله فى لبنان. وهذا يعنى بإختصار أن القوى الأجنبية لم تعد فقط مساندة أو تابعة لقوات نظام الأسد بل أصبحت طرفًا رئيسيًا فى الصراع العسكرى وهو الأمر الذى يفقد النظام الأسدى سلطته الفعلية.
ومن وجهة نظر الباحثة فإن التقدم الذى أحدثته قوات التحالف الشيعى لا يعنى انهيار المعارضة السورية ولا انهزامها كليًا، فذلك التقدم إنما نتج عن المساهمة الخارجية سواء بالمليشيات أو بالدعم المادى وبالأسلحة. فميزان القوى قد يتعادل من جديد إذا تم تسليح المعارضة السورية تسليحًا مناسبًا يساعدها على التصدى لقوات الأسد وللقوات الأخرى بالحلف الشيعى.
●●●
وفيما يخص تداعيات المعارك الدائرة على الأطراف الإقليمية المنخرطة فى الصراع السورى، سنجد أن سقوط النظام الأسدى ستكون نتيجته كارثية على الحزب الله وسيطال الأمر مكاسبه فى الداخل اللبنانى. وفى العراق سيؤدى سقوط النظام السورى إلى إضعاف موقف نورى المالكى فى مواجهة السنة البعثيين.
أما على المستوى الشعبى فنجد رجال الدين فى حوزة قم «المرجعية الشيعية الأكبر فى إيران» اصدروا العديد من الفتاوى التى تحث على المجاهدة مع النظام السورى ضد الحرب السنية ضد العلويين. وهو ما يؤكد الطابع الطائفى للحرب الدائرة الآن حتى على مستوى الأفراد وليس فقط الحكومات والقيادات. لكن ينبغى الإشارة هنا إلى حقيقة ظهور خلاف مؤخرًا بين المرجعيات الشيعية فى نجف العراق «المرجعية الشيعية الأكبر فى العراق» وقم إيران حول الفتاوى التى تدعوا اتباعهم إلى الذهاب إلى سوريا للمجاهدة وحماية المزارات الشيعية فى سوريا. فنجد أن آية الله السيستانى فى نجف العراق وهو شخصية قيادية دينية تتمتع بتأثير كبير على معظم شيعة العراق والكثير من الشيعة حول العالم، حرم اشتراك الشيعة فى الحرب السورية معتبرًا أن تلك الحرب هى حرب سياسية وليست دينية لا ينبغى إقحام الشيعة بها. ولكن لم تمنع هذه الفتوى بعض الميليشيات الشيعية فى العراق من أن تتمسك بدعوة إيران وترسل رجالها إلى سوريا. وعلى أية حال يمكن تفسير هذا الخلاف الشيعى الداخلى فى إطار الخلاف التاريخى بين الطائفتين على زعامة المذهب الشيعى وكذلك الخلاف المذهبى حول حدود الزعامة الدينية التى نجدها فى مذهب نجف بعكس مرجعية قم تتوقف عند المجال الدينى والروحانى ولا تمتد إلى المجال السياسى.
●●●
وفى الختام نجد أنه وبعد الحديث صراحة عن الحلف الشيعى فإن إيران ستكون القوة الإقليمية صاحبة أكبر مكاسب وستضمن مكانًا خاصًا فى خريطة التسوية وستضمن كذلك نفوذا إيرانيًا فى سوريا ما بعد رحيل الأسد، وهو الأمر الذى لن تقبل باستمراره تركيا كغريم إقليمى يبحث عن مساحة نفوذ.