انطباع فى غاية السوء أخذه كل من تابع الطريقة المتغطرسة التى تعاملت بها مؤسسة الرئاسة مع أحد مستشاريها، طريقة هى إلى الابتزاز أقرب منها لأى شىء آخر وكأن الغرض من وراء ذلك بعث رسائل تهديد مبطنة لإرهاب المنافسين.
ثم تعود الرئاسة لتنفى أنها اتهمت الرجل أصلا بعدما سمع العالم من أقصاه إلى أدناه بالتشهير الرسمى على لسان المتحدث باسم الرئاسة لأكثر من مرة على مدار أربع وعشرين ساعة.
قد تكون المشكلة فى تعود مؤسسة الرئاسة على أداء إعلامى مضطرب يفتقر إلى أبسط قواعد الشفافية واحترام الرأى العام، فبدلا من اللجوء إلى أسلوب مباشر يحفظ لهذه المؤسسة رصانتها، اعتمدت بصفة دورية على أسلوب التسريبات الإعلامية لأخبار مقتضبة مُبهمة وأحاديث مرسلة عن مؤامرات مزعومة لقنوات بعينها.
وقد تكون المشكلة أعمق من ذلك بكثير تتعلق بارتباك حقيقى داخل أروقة القصر فلا أحد يعلم تفاصيل اختصاصات كل مستشار أو حدوده التى ينبغى أن يقف عندها.
كان بمقدور الرئيس استدعاء مستشاره لمواجهته بالتهم المُدعاة عليه بدلا من أن يسمع الرجل نبأ إقالته من وسائل الإعلام ثم لا يجد أحدا من مؤسسة الرئاسة يجيب على هاتفه.. تصرف ٌلا يُمكن أن يصدر إلا فى ظل الأنظمة الشمولية.. والأنظمة الشمولية وحدها!
ويبدو أننا مضطرون لقبول استنتاجات البعض بشأن توقيت الإقالة وسببها المقتضب، والربط بينها وبين مبادرة حزب النور أو أن نذهب لأبعد من ذلك فنصدق زعم من يقول أنها محاولة لتخفيف اللغط الإعلامى المُثار حول تعيين نجل الرئيس!
يقولون استغلال منصب؟ أى منصب؟ إذا كان الرجل بمحض إرادته آثر أن يتخلى عن المنصب التنفيذى وقت أن عرضت عليه حقيبة وزارية وارتضى بالدرجة الاستشارية التى لا تُمكنه من توقيع ورقة رسمية واحدة ذات قيمة.. حدثنى عن استغلال النفوذ حينما كان خيرت الشاطر ـ الذى لا يحمل أى صفة رسمية فى الدولة ــ يتكلم عن تحركات «مرصودة ومعروفة» لأشخاص فى الداخل والخارج لم يسمهم، وحينما تكلم عصام العريان بملء فمه عن «تسجيل مكالمات».
لم يتوسط د.خالد لتعيين أحد أبنائه أو أقربائه فى وظيفة حكومية مثلا، ولم يكن له إلا جهد وافر لفت انتباه الكثيرين.. وإذا كانت المؤسسة الرئاسية تتعامل فقط بالشبهات فالأحرى بها أن تبادر بإقالة د. ياسر على من منصبه فقد سبق وأن اتهم الرجل واستدعى للمثول أمام النيابة وأعتقد أن التحقيق مازال ساريا ورغم ذلك فقد استبقته الرئاسة فى منصبه عملا بمبدأ أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، فلماذا الكيل بمكيالين فى هذه القضية تحديدا؟