• خلال أسابيع طويلة تمحورت المعركة حول تشاك شومر، وبذل الرئيس باراك أوباما ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كل ما فى وسعهما من أجل التودد إلى السيناتور (اليهودى) البارز من نيويورك كى يتبنى موقفه كل منهما بشأن الصفقة النووية مع إيران. وكان الافتراض فى البيت الأبيض أن صوت شومر هو الصوت الحاسم، وإذا وقف إلى جانب أحد الطرفين فإن عشرات السيناتورات وأعضاء الكونجرس الديمقراطيين سيحذون حذوه.
• قبل أسبوعين اتخذ شومر قراره، فبعد أن خضع للضغوط غير المباشرة والمحكمة التى مارسها عليه رئيس الحكومة الإسرائيلية، قرر الوقوف ضد رئيس الولايات المتحدة.
• لكن المفاجأة الكبرى أن هذا الموقف لم يؤد إلى أى رد فعل، وخلافا لما كان متوقعا لم تتدفق جماهير الديمقراطيين وراء من يفترض أنه سيصبح الزعيم المستقبلى للديمقراطيين فى مجلس الشيوخ. لا، بل على العكس من ذلك، فإن النواب الديمقراطيين وحتى اليهود الديمقراطيين وقفوا الواحد تلو الآخر إلى جانب البيت الأبيض.
• لماذا؟ لأنه خلال السنوات الست الأخيرة أصرت حكومة إسرائيل على تحويل إسرائيل إلى دولة حمراء جمهورية. ولأن نتنياهو وشيلدون أدلسون طابقا بشكل شامل وخطر بين الموضوع الصهيونى وموضوع المحافظين. ومن هنا عندما حانت لحظة الحقيقة، فإن الديمقراطيين المحبين لإسرائيل الذين استنزفتهم سياساتها (الاحتلال، المستوطنات، التمييز ضد النساء، وقمع الأقليات) لم يكونوا مستعدين لتعريض مستقبلهم السياسى للخطر من أجل إسرائيل. وبعد أن أدارت إسرائيل ظهرها للقيم الليبرالية لأمريكا الديمقراطية، قررت أمريكا الديمقراطية أن تدير ظهرها لخوف القدس الوجودى.
• دعونا نعود إلى الوراء ونفترض للحظة أنه فى ربيع 2009 رأى نتنياهو التحدى الإيرانى بصورة أوضح من أى زعيم آخر. ولنفترض أن نتنياهو كان استراتيجيا عقلانيا وأنه آمن عن حق بخطر إيران. لقد كان من المفترض بهذا الاستراتيجى أن يعلم بأن مصير المعركة الوجودية يحددها رئيس أمريكى ملتزم بالسلام وبحقوق الإنسان. كما كان على هذا الاستراتيجى أن يدرك أن الجالية الأمريكية اليهودية ستكون فى وسط هذه المعركة، وأن معظم أفرادها هم من الذين يؤمنون بالسلام وحقوق الإنسان.
• لهذا السبب كان يتعين على نتنياهو أن يفهم أن من واجبه السعى إلى السلام واحترام حقوق الإنسان، وكسب قلب أمريكا الجديدة المنفتحة والمتقدمة.
لكن ما فعله نتنياهو كان العكس تماما. فقد اعتقد أنه قادر على فعل كل شىء، بناء المستوطنات، والخضوع للأحزاب الدينية، والحصول فى الوقت عينه على الدعم التلقائى للديمقراطيين اليهود وغير اليهود. كما ظن انه يستطيع أن يحتضن أدلسون ويستفز أوباما، وأن يتوقع وقوف واشنطن إلى جانبه. لقد كان هذا خطأ. فالآن، وعندما حانت لحظة الحقيقة، تبدو واشنطن مستنزفة حتى الموت من نتنياهو. وحتى عندما يقول نتنياهو الحقيقة فى ما يتعلق بالموضوع الإيرانى، فإن واشنطن لا تصغى إليه، فالاشمئزاز الذى يشعر به كثيرون حيال إسرائيل دانى دانون [عضو الكنيست المتطرف من الليكود] جعلهم لا يرون الخطر الذى تمثله إيران روحانى.
•إذا كانت إسرائيل ترغب فى البقاء على قيد الحياة، فإنه يتعين عليها أن تعرف نفسها من جديد. وإذا كانت تريد حلفا حقيقيا مع الديمقراطيين الأمريكيين، فعليها أن تثبت أنها ديمقراطية حقيقية. لقد مضى الزمن الذى استخدمنا فيه الدعم الأمريكى غير المشروط من أجل تحقيق رؤيا غوش إيمونيم [حركة دينية استيطانية]. وقد تبدد الوهم بأن أمريكا ستبقى إلى جانبنا حتى لو كانت قيمنا تتعارض مع قيمها.
•إن العيش فى الجانب الخطأ من التاريخ محفوف بالمخاطر. والسقوط القاسى لنتنياهو فى واشنطن دعوة إلى اليقظة.