في مثل هذا اليوم من كل عام، يحتفل عشاق القهوة حول العالم بمشروبهم المفضل، الذي تحوّل من مجرد حبوب محمصة إلى طقس يومي وعالمي يعكس الثقافة والذاكرة والهوية.
لكن الاحتفال هذا العام يأخذ منحى مختلفًا؛ إذ لم يعد الأمر يقتصر على وصفات التحضير التقليدية أو نكهات البن المتنوعة، بل يمتد إلى مختبرات الجامعات حيث تُختبر تقنيات جديدة قد تغيّر طريقة إعداد القهوة إلى الأبد.
قهوة بالموجات فوق الصوتية
وبحسب الجارديان، في جامعة نيو ساوث ويلز بمدينة سيدني الأسترالية، قاد فرانسيسكو تروخيو وطالب الدكتوراه نيكونج ناليادهارا تجربة مبتكرة تعتمد على الموجات فوق الصوتية في تحضير القهوة، والفكرة رغم غرابتها، تهدف إلى استخراج نكهة غنية ومتوازنة من حبوب البن، لكن دون المرارة التي تزعج الكثيرين.
كيف يتم ذلك؟
يوضع البن المطحون في فلتر آلة الإسبريسو المعتادة، ويُضاف جهاز صغير يطلق موجات صوتية عالية التردد على المسحوق أثناء مرور الماء البارد نسبيًا، وهذه الموجات تُحدث ظاهرة تعرف بـ"التجويف الصوتي"، حيث تتشكل فقاعات دقيقة داخل الحبوب وتنطلق بانفجار، ما يسمح باستخلاص أعمق للنكهات دون الإفراط في الاستخلاص الذي يسبب الطعم المر.
طعم مختلف كليا
والنتيجة أن بعد دقيقتين فقط نحصل على قهوة كثيفة، داكنة اللون كالشوكولاتة، شبيهة بالإسبريسو من حيث القوام، لكن بطعم غني وفاكهي وحمضي، من دون أي أثر للمرارة.
أيضًا وصف خبراء محليون مثل بنجامين جونسون شريك مقهى سولستيس في سيدني، التجربة بأنها أفضل حتى من القهوة الباردة التقليدية، أما تروخيو نفسه، فيعتبرها مزيجًا يجمع بين حموضة قهوة الفلتر وقوام الإسبريسو، لكن بلمسة أنقى ونهاية أكثر نقاءً.
من المختبر إلى المقهى
كانت البداية بجهاز ضخم وصاخب، بعيد عن الاستخدام التجاري، لكن بعد عام من التطوير، تمكن الفريق من دمج التقنية في آلات الإسبريسو العادية، ما يفتح الباب أمام وصولها إلى المقاهي وربما إلى مطابخ المنازل.
ويعمل الباحثون حاليًا مع خبراء صناعة القهوة على تسويق التجربة، التي قد تحمل اسمًا جديدًا مثل "قهوة سونيكاتد" أو "سونيسبريسو".
طقس إنساني يتجدد
فمن إثيوبيا واليمن، حيث وُلدت القهوة لأول مرة، إلى مقاهي إسطنبول والقاهرة وباريس، وصولًا إلى نيويورك وطوكيو، ظل هذا المشروب العابر للثقافات رمزًا للتواصل والدفء والهوية.
واليوم، مع الابتكار الأسترالي، يثبت العالم أن القهوة لا تزال قادرة على التجديد والتكيف مع الأجيال، فهل نشهد قريبًا دخول "القهوة الصوتية" إلى حياتنا اليومية، لتغيّر قواعد التحضير التقليدية وتمنح عشاقها تجربة جديدة، دون أن تفقد روحها التي جعلت منها الرفيق الأول كل صباح؟