لم أحقق سوى 40% من أحلامى.. وموعد المهرجان يحتاج إلى إعادة نظر
كسرنا مركزية القاهرة وخرجنا بالفعاليات إلى المحافظات.. والنتائج فاقت التوقعات
لن أقبل أى عرض للمشاركة فى أعمال مسرحية إلا بعد مغادرتى رئاسة المهرجان
حاولنا وضع هوية بصرية للمهرجان.. واستخدام الذكاء الاصطناعى فى تصميم بوستر الدورة 18 يتماشى مع لغة العصر
أيام تفصلنا عن ختام الدورة 18 من المهرجان القومى للمسرح المصرى، وانتهاء المدة المتعارف عليها لرئاسة الفنان محمد رياض للمهرجان، وهى ثلاث سنوات، والفترة التى استطاع فيها أن يخرج بالمهرجان من مركزية القاهرة إلى المحافظات، فيما شهدت الدورة الحالية إقبالًا ملحوظا على الفعاليات من عروض وندوات وورش فنية، فضلا عن إثارتها نقاشات وجدلًا حول ما أحاط بالمهرجان من انتقادات لاحقت تصميم البوستر بالذكاء الاصطناعى، وتحايل بعض العروض على شروط المشاركة فى المسابقة الرسمية فى المهرجان.
وفى أروقة المهرجان أجرت «الشروق» حوارًا مع الفنان محمد رياض، تحدث فيه عن كواليس الدورة 18 وسلبياتها وإيجابياتها، وأحلامه وأمنياته التى لم يسعفه الوقت لتحقيقها.

● كان حلمك أن تخرج بالمهرجان للمحافظات هل تحقق ذلك كما كنت ترغب؟
ــــ كان حلمى من العام الماضى هو كسر المركزية، وأن أخرج بالمهرجان خارج حدود القاهرة، أعددت لذلك العام الماضى، وما تحقق على أرض الواقع كان أكبر من أحلامى، وحتى يتحقق هذا الحلم كنت أحتاج دعما لوجستيا من مسارح وقصور الثقافة، وبالفعل كان رئيس هيئة قصور الثقافة، اللواء خالد اللبان، خير داعمًا للتجربة فى المحافظات التى كانت متعطشة للمهرجان، ووجدنا ترحابا من أهل كل محافظة ومدينة تواجدنا فيها، وقدمنا مهرجانا متكاملا فى كل محافظة زرناها، وقدمنا عروضا وورشا وندوات واحتفالا وتكريما لعدد من رموز المسرح بكل محافظة أو مدينة زارها المهرجان، وتواجدنا هذا العام فى أسيوط وبورسعيد والإسكندرية وطنطا، وأصبح المهرجان القومى للمسرح متواجدا فى كل مصر، تحقيقا لشعار هذه الدورة «مهرجان المسرح القومى فى كل مصر»
● وما نصيحتك لمن سيتولى مهمة رئاسة المهرجان بعدك؟
ــــ المهمة سوف تصبح صعبة على من سيأتى ولا يعمل بجد لنجاح هذا المهرجان، ولكن من يرغب فى التطوير ستكون المهمة أسهل له، لأننى مهدت الطريق تمامًا لكل شىء فى المهرجان، عملت خلال الثلاث سنوات التى توليت فيها مهمة رئاسة المهرجان، بكل جد وإخلاص، أعطيت كل وقتى وأفكارى وجهدى، واستطعت أن أعبر بالمهرجان من مراحل صعبة، حتى أصبح الآن له مكانة كبيرة، هو من أهم وأكبر المهرجانات المسرحية فى مصر والوطن العربى، وعملنا على مدار ثلاثة أشهر، وبدأنا وانتهينا من الورش الفنية قبل الافتتاح، وكان لدينا 30 ورشة هذا العام ما بين القاهرة والمحافظات، وقدمنا نتاجا لبعض هذه الورش ومنها ورشة التمثيل وعرض «هو وهى» تحت إشراف الدكتورة سماح السعيد، وجاء حفل الافتتاح بعد ما قدمناه من ورش وجزء من الندوات بعد شهرين تقريبًا.
● هل من الممكن أن تتولى مدة جديدة لرئاسة المهرجان القومى للمسرح؟
ـــــ هناك محاولات وإصرار على بقائى ولكن الموضوع مازال لدى فى حيز التفكير، وخاصة أن القيادات والمسرحيين والجمهور يرون أن هذه الدورات الثلاثة، من أنجح دورات المهرجان.
● ما أهم التوصيات التى سيتضمنها تقريرك بعد رئاسة لثلاث دورات من المهرجان؟
ـــــ من وجهة نظرى موعد المهرجان يحتاج لإعادة نظر، وفكرة تغيير الموعد محتاجة دراسة، لأن هذه الفترة صعبة، لأنها تأتى مع نهاية ميزانية وبداية ميزانية جديدة، وكل خطوة نقوم بها داخل المهرجان، يجب أن تكون مدروسة ونعرف كيفية ومدى إمكانية تنفيذها، الأحلام مهمة حتى يتم تحقيقها وتقديم شىء ملموس، ولكن بعد الدراسة من الممكن أن نجد أن هذا الموعد هو أنسب موعد لإقامة المهرجان.
● تصميم بوستر الدورة بالذكاء الاصطناعى أثار اعتراضات واسعة فى الأوساط المسرحية.. فما تعليقك؟
ـــــ وددت صناعة هوية بصرية للمهرجان تستقر فى الأبصار والأذهان، متمثلة فى ألوان البوستر واللوجو وفى شكل اسم المهرجان على أكثر من بوستر، ليكون بمثابة «براند» لهذا النشاط، وحملت الدورة 16 اسم الزعيم عادل إمام، والذى توسط البوستر، ثم كان العام الماضى اسم سيدة المسرح العربى الفنانة الراحلة سميحة أيوب، بمعنى أن التغيير فقط كان فى صورة حامل الدورة ولكن تظل الهوية البصرية للمهرجان ثابتة، وهذا البوستر بهذه المواصفات هو البوستر الذى يتم وضعه فى كل المسارح ويصاحب كل فعاليات المهرجان، ويجدر بى هنا أن أوجه الشكر لمؤسس المهرجان الدكتور أشرف زكى وصاحب الفضل الأكبر عليه، وكذلك كل رؤساء المهرجان من بعده، لأن جميعهم عملوا على تطوير الفعاليات، وبنيت أنا على ما صنعوه ومن تولوا رئاسة المهرجان من قبلى، ولكنى وددت التأكيد على مفهوم هوية المهرجان، فهو اسمه المهرجان القومى للمسرح المصرى، وفكرة القومى أى لكل مصر وليس للقاهرة فقط، ومن هنا جاء الخروج للمحافظات، تحقيقًا لاسم المهرجان وهويته، وهناك ثوابت لم أغيرها عندما جئت لرئاسة المهرجان، ومنها شكل الدرع وحجم الخط المكتوب به اسم المهرجان على البوستر، اتمنى أن لا تتغير هذه الأشياء لأنها تكون الهوية البصرية للمهرجان.
استخدام الذكاء الاصطناعى الآن هو لغة العصر، إن لم نستعن به نكون متأخرين ولا نواكب التطور التكنولوجى، نحن نعترف أن البوستر الخاص بالدورة 18 الذى حدث عليه الجدل مصنوع بالذكاء الاصطناعى، ولم نخف ذلك، وهو بالفعل تصميم الفنان محمد فاضل من خلال استخدامه للذكاء الاصطناعى، وهذا شىء أصبح مشروعًا، أن نستعين بالذكاء الاصطناعى ثم نقوم بالتعديل على الأدوات التى أعطاها لنا، لنقدم فى النهاية منتج العنصر البشرى هو المتحكم فى اختيار ما قدمه لنا الذكاء الاصطناعى، القصة تكمن فى كيفية حُسن استخدامه.
● دائمًا ما يكون هناك جدل على أسماء المكرمين كل دورة.. هل تأخير الإعلان عنهم حل هذه الأزمة؟
ـــــ سبب تأخير الإعلان عن المكرمين بهذه الدورة هو رغبتى بألا يكون هناك أى شىء يلفت الانتباه فى تلك الفترة إلا عمل المهرجان فى المحافظات، وتسليط الضوء على رحلة المهرجان فى الأربع محافظات، لأن التكريمات ـ تحديدًا ـ يحدث عليها جدل طوال الوقت، هناك من لا يكون راضيا عنها، خاصة ممن لم يُكرم بعد، وأنا أؤكد دائمًا على أن أسماء المكرمين هى اختيار اللجنة العليا، وليس اختيار رئيس المهرجان، هناك ما لا يقل عن 400 فنان يستحقون التكريم، ولكننا فى النهاية نحن محدودون بعدد مُعيّن، مع العلم أن تكريم 10 أسماء مسرحية ليس عددًا قليلًا، من أجل أن نعطى فرصة التكريم لأكبر عدد ممكن، ومنذ أن توليت رئاسة المهرجان، قررت أن تكون سياسة التكريم للأحياء، وهذه هى وجهة نظرى التى أؤمن بها كفنان قبل أن أكون رئيسًا للمهرجان، لأن الفنان أكثر ما يسعده هو تكريمه فى حياته، ولكن بعد رحيله لن يشعر بالتكريم، ولكن ستظل أعماله باقية وتكون هى التكريم الحقيقى له، ومن هنا تم الإعلان عن أسماء المكرمين فى التوقيت المناسب فى المؤتمر الصحفى للمهرجان.
● من الذى يضع ضوابط الالتحاق بالورش؟ ولماذا تم الإعلان عنها فى ورشة المخرج عصام السيد بعد الإقبال الشديد عليها؟
ــــــ مدرب الورشة هو من يضع هذه الضوابط، وما حدث فى ورشة المخرج عصام السيد بالعودة للإعلان عن تخصيصها لطلاب وخريجى معهد الفنون المسرحية لم يكن مقصودًا أو بسبب الإقبال الشديد عليها، وكان المفترض أن نؤكد على تلك الضوابط مع الإعلان الأول عن الورشة، وهذا ما سيتبعه المهرجان بعد ذلك مع كل الورش، والشروط التى وضعها المخرج عصام السيد كانت من وجهة نظره أن يكون المتقدم للورشة مشروع مخرج وليس مبتدئا، حتى يستطيع أن يستفيد من خبرته.
● هل أنت راضٍ عن الورش هذا العام؟
ــــ كل الرضا، استحدثنا هذا العام ورشة التذوق الموسيقى للدكتور طارق مهران، وكذلك ورشة التعبير الحركى للمخرج وليد عونى، والتى جاءت بناءً على اقتراحات من المشاركين فى الورش العام الماضى، تقدم لنا هذا العام ما يقرب من 12 ألف متقدم للورش، مع العلم أننا لم نفتح مدة التقديم إلا فترة قليلة جدًا، واختبارات الالتحاق بالورش ربما تكون أكثر من اختبارات الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية نفسها.
● هناك جدل كل عام حول تحايل بعض صُناع العروض المُنتجة لدخول المهرجان باعتبارهم فرقًا مستقلة بإنتاج جديد.. هل من الممكن أن يتم وضع ضوابط تُقنّن ذلك؟
ـــــ سيتم مناقشة ذلك العام المقبل من خلال اللجنة العليا، والعمل على وضع ضوابط أكثر دقة لعدم تحايل الفرق على لائحة المهرجان وشروط التحاق العروض فى المسابقة الرسمية، والجدل الذى حدث على السوشيال ميديا الخاص ببعض العروض، لم يظهر بشكل حقيقى على أرض الواقع، فلم نتلق أى شكوى رسمية ضد هذه العروض، ونحن لا نعمل على ما تُصدّره السوشيال ميديا، الفيصل لدينا تحقيق شروط المسابقة بشكل رسمى وتطابق العروض المقدمة مع ما تقدمه الفرقة من أوراق، نحن لسنا جهة تحقيق بل جهة إبداع، ومع ذلك سنبحث عن آلية جديدة لا تسمح لأحد أن يتحايل عليها، ما نتحقق منه جيدًا هو تصريح الرقابة والذى يجب أن يكون مُرقّبا فى العام المُقدّم فيه العمل للتسابق فى المهرجان، إلى جانب أن العروض التى نتشكك فى أن جهة الإنتاج مختلفة عن المُقدّم لدينا فى أوراق العرض، نعود للجهة المثبتة فى الأوراق أنها منتج العرض ونسألها، وكذلك نتحقق من شرط أن يكون العمل قد عرض بالفعل ليلتين للجمهور.
ونحن نرحب بكل المقترحات المتاح تنفيذها، فمن الممكن أن نضع شروطًا أكثر دقة وربما تكون أكثر تعقيدًا، ويتم عمل مائدة مستديرة يتواجد فيها المتخصصون والمسرحيون والأكاديميون وممثلون عن الفرق لمناقشة الشروط الأفضل لدخول العروض فى المسابقة الرسمية للمهرجان وكيفية مواجهة التحايل عليها.
● وكم بالمائة تحققت أحلامك وطموحاتك فى الثلاث دورات التى ترأست فيها المهرجان؟
ــــ النسبة لا تتعدى 40%، ومازال لدى أحلام كثيرة لم تتحقق بعد، ولا أرغب فى الإعلان عنها الآن، ما تحقق أقل بكثير مما تمنيت.
● وما الرسالة التى تتمنى أن يحققها من سيتولى رئاسة المهرجان بعدك؟
ــــ أتمنى أن يكون مؤمنًا بأن المهرجان القومى للمسرح المصرى هو أكبر مهرجان مسرحى فى مصر والعالم العربى، حتى لو كان هناك مهرجانات أكبر، وإن لم نره كبيرًا لن يراه الناس كذلك.
أيضًا يجب أن يعطيه من وقته ويكون لديه حلم، ولا يجب أن يقدمه بشكل تقليدى، وأتمنى أن لا يهدم الأشياء الجيدة التى صُنعت لصالح المهرجان فى السنوات الأخيرة.
● وماذا عن محمد رياض الفنان ومشاريعه المسرحية؟
ــــ اعتذرت خلال الثلاث سنوات التى ترأست فيها المهرجان عن ما يقرب من 5 عروض مسرحية، ومن أيام جاءنى عرض جديد لنص مسرحى جيد ومخرج كبير وهو كان أستاذى فى المعهد العالى للفنون المسرحية، الدكتور سيد خاطر، ولكن طالما أنا رئيس المهرجان سأظل بعيدا عن التمثيل بالمسرح، فلا يمكن أن يكون رئيس المهرجان بطل عرض ويرغب صناعه فى المشاركة بالمهرجان، وحتى لو أعلنت أننى خارج التقييم، سيظل العمل حوله شُبهة ولو من بعيد أن دخول العرض بالمهرجان مجاملة لرئيسه.