تعد حياة النساء مادة ثرية للدراما، ينهل منها المبدع، ويخرج بمنتج درامي جيد من يستطيع أن يغوص في التفاصيل، ويقترب من مشاكلهن، وقد قدمت كثير من الأعمال التي تعتمد على البطولة النسائية وقصصهن، ومنها ما قدم على شاشة التلفزيون أو السينما أو المسرح، ومن أحدث العروض الشابة التي حاولت الاقتراب من عالم النساء، مسرحية "كوكب زمردة"، للمخرج مايكل تادرس والسيناريست الشاب عمر نبيل.
افتتح العرض المسرحي في 31 يوليو الماضي، تحت رعاية فريق شمعة وملاحة، ويستمر الموسم الأول ثلاث ليالي، وهو من بطولة: ريم سنبل، منة ياسر، فريدة لطفي، مي مجدي، هبة إمام، وديكور رينا ماهرن وستايلست إنجي سامي، وإعداد الموسيقى لـ بسنت الإسلامبولي.
اختار صناع العمل بيت المغتربات مكانا للأحداث، حيث تقع الحكاية حول مجموعة من الفتيات يُقمن مع بعضهن في منزل واحد، وتصطدم اختلافاتهن أحيانا، وتتلاقى لحظات ضعفهن أحيانا أخرى، لكل منهن عالمها الخاص، الذي يتقاطع من الأخرى في الهروب من أمر ما تكرهه في حياتها، سواء قصة حب لم تكتمل، أو علاقة زواج مؤذية أو علاقة أسرية ضارة، وعلى مدار ساعة ونصف تتجمع الفتيات حول فعل الحكي و"الفضفضة"، ونستكشف كمشاهدين من هذا الحكي تعقيدات الحياة ومرحها في آن واحد داخل عقولهن.
قال المؤلف عمر نبيل، لـ الشروق، عقب العرض: "اخترت منزل المغتربات فضاء مكانيا للعرض لأنه بشكل ما هؤلاء الفتيات مادة خصبة، لأنهن يعتمدن على أنفسهن بشكل كبير، منقطعين عن أي سند أو دعم من الأسرة سواء لأسباب خلافات أسرية، أو على الأقل بسبب بعد المسافة، وظروف الحياة جعلتهن يتحملن الكثير، من المفترض يحصل تقدير لهن ولكن يقعن في الاستغلال والأحكام الأخلاقية وكثير من الصعوبات، وذلك يعيقهن عن مسار الحياة التي يريدونها، وكل ذلك مادة ثرية للحكي والدراما، وأنا ككاتب بميل لبطولة الإنسان العادي الذي يواجه الحياة ويحاول النجاة في كل خطوة، لذلك اعتبر البنات المستقلات أبطال بشكل ما، وأيضاً نتيجة احتكاكي في الحياة الواقعية بكثير من المغتربات".
أما عن سبب اختيار النساء مادة درامية للعرض المسرحي، أوضح: "النساء أكثر ثراء، طبعا كل شخص له خصوصيته، ولكن الرجال مشاكلهم تدور في فلك أمر أو أمرين، لكن على الجانب الآخر النساء لديهن الكثير، وبشكل إنساني لدي فضول للمعرفة لما يدور في الجانب الآخر، وأنا عندي قناعة أن النساء حكائين ممتازين بالفطرة، القعدة الستاتي ممكن يدور فيها أحداث وأشياء أكثر من الرجال بكثير".
وأضاف: "كل القصص التي طرحت داخل دراما العرض مستوحاه من قصص بنات أعرفها، لذلك أعتبر هذا العرض عن الأشياء التي لم تُقال، عن المشاكل التي تواجهها النساء ولا تستطيع المواجهة فيها وحسمها، وقررت أن يكون العرض ممر أو جسر لعبور هذه القصص وخروجها".
وفي حديث منفصل مع مخرج العرض، علل مايكل تادرس أسباب حماسه للنص المسرحي: "أنا معنديش مدرسة إخراجية ثابتة في العروض التي قدمتها، أنا كل نص بقدمه بطريقة مناسبة له، والنص شعرت إنه حقيقي ويبتعد عن الكليشيه تماما، والشخصيات حقيقية من لحم ودم، وجعلني أتعامل مع تجربة مسرحية جديدة".
وتابع: "العرض قائم على الحوار، تواجد فتيات في مكان واحد، رؤيتي البصرية كانت الاعتماد على الطبيعية بعيدا عن الافتعال، مفيش حركة مش مبررة، وددت أن يشعر الجمهور إن مفيش مخرج، مفيش حركة مفتعلة، بالعكس عايز الناس تحس إن البنات دي بتحرك بطبيعية، وكأن الجمهور جاءت له الفرصة الجلوس مع مجموعة فتيات داخل الغرفة الشخصية بحميمية شديدة، لذلك ابتعدت عن الإضاءة الكثيرة أو الحركات والاستعراضات التي تخرج المتفرج خارج هذه الحالة، والرؤية ليست أمر بصري فقط، ولكن تظهر في كثير من الأشياء الأخرى على سبيل المثال قصدية جعل جميع أصوات الرجال في العمل بصوت شخص واحد حيث تتوحد التهديدات رغم اختلافها".