أعاد قرار الانسحاب الأمريكي من العراق بعد عقدين من التواجد العسكري إلى الأذهان عمليات انسحاب أمريكية بعضها تم بشكل كارثي على غرار إخلاء فيتنام وأفغانستان بينما تم البعض الآخر دون فوضى لتبقى تلك الانسحابات شاهدة على فشل التدخل الأمريكي العسكري في دول العالم وما يسببه من خسائر للجيش الأمريكي تنتهي بقرار الانسحاب.
وتسرد جريدة الشروق معلومات وردت بصحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست والجارديان حول الانسحابات الأمريكية الأشهر من بلدان تدخل فيها الجيش الأمريكي عسكريا بين حرب فيتنام إلى غزو أفغانستان.
فيتنام حرب الـ10 سنوات ونهاية كارثية للأمريكيين
وقفت الولايات المتحدة الأمريكية موقفا مؤيدا لحكومة فيتنام الجنوبية في حربها مع القسم الشمالي المنحاز للمعسكر الشيوعي في الحرب التي اندلعت مطلع الستينيات وكان التواجد العسكري الأمريكي مقتصرًا على الاستشارات العسكرية لحكومة الجنوب حتى عام 1962 حين بدأ مكتب قيادة المساعدات الأمريكية بزيادة عدد الجنود الأمريكيين بفيتنام من 2000 إلى 12 ألف ثم زيادة العدد ليبلغ عشرات الآلاف مع بدء المشاركة الأمريكية الفعلية بالحرب عبر قصف مدن فيتنام الشمالية بعمليات راح ضحيتها آلاف المدنيين مع شن العمليات الحربية التي رغم نجاحها فإن تراكم حصيلة القتلى الأمريكيين في المعارك تسبب بتكلفة بشرية ألجأت الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس عام 1973 وبموجبها انسحب جميع المقاتلين الأمريكيين خلال شهرين من عقد المعاهدة ليبقى 300 جندي لحماية السفارة و8000 من المواطنين الأمريكيين بفيتنام.
اضطرت القوات الأمريكية لعملية إخلاء فورية نهاية إبريل 1975 لدى تقدم القوات الشمالية نحو العاصمة سايغون لتشتهر عملية الإخلاء بصور المروحيات وهي تقل الأمريكيين بطريقة فوضوية بينما يحاول الفيتناميون الجنوبيون التعلق بالمروحيات أو تسلق جدار السفارة الأمريكية للجوء في مشهد يعبر عن فشل التدخل الأمريكي في فيتنام.
الانسحاب من لبنان على وقع مجزرة المارينز
أرسلت الولايات المتحدة أثناء تحالفها مع إسرائيل قوة لحفظ السلام في لبنان خلال حرب 1982 لتشكل القوات الأمريكية غالبية مهمة حفظ السلام ولكن حادثة وقعت خلال شهر أكتوبر أعاقت التواجد الأمريكي حين أقدم منفذ انتحاري على اقتحام مبنى القيادة الأمريكية في بيروت بسيارة مفخخة فجرها مسببا مقتل 340 شخصًا أغلبهم من قوات المارينز الأمريكية في حصيلة قتلى غير مسبوقة منذ معركة إيواجيما بالحرب العالمية الثانية لتنتقم الولايات المتحدة بحملة قصف مدفعي مكثفة على سهل البقاع اللبناني ثم في فبراير من عام 1984 انسحبت القوات الأمريكية باستثناء حراس السفارة الأمريكية لتلحق بهم القوات الفرنسية التي شاركت بدعم القوات الأمريكية في لبنان.
أفغانستان وفخ الاستنزاف
دفع هجوم 11 من سبتمبر الذي نفذه تنظيم القاعدة المتمركز بأفغانستان ردة فعل عسكرية أمريكية لملاحقة التنظيم واحتلال أفغانستان ورغم بدء الحرب بحملة قصف جوي مدعومة بمقاتلين أفغان مؤيدين للولايات المتحدة ونجاح العملية في إسقاط نظام حركة طالبان إلا أن الولايات المتحدة بدأت عام 2002 بإرسال قوات برية بعشرات الآلاف من الجنود دخلوا أفغانستان دون مقاومة ولم تعترضهم أي عمليات مضادة خلال أشهر من التواجد حتى بدأت حركة طالبان قرابة عام 2004 باستقطاب لاجئي المخيمات في الجنوب الأفغاني لشن حرب تمرد على القوات الأمريكية.
حقق الجيش الأمريكي انتصارات على طالبان في بداية الحرب المضادة ولكن في أعقاب عام 2014 شهدت أفغانستان تنامي نفوذ طالبان في مناطق الريف حتى سيطرت على 70٪ من مساحات الأراضي لتبدأ الولايات المتحدة عام 2018 مفاوضات الدوحة مع الحركة لتنسيق انسحاب أمريكي والذي بدأ نهاية عام 2020 ليتم في أغسطس 2021 بمشاهد فوضوية لاحتشاد الأمريكيين في المطار ومحاولة الأفغان التعلق بالطائرات الأمريكية لتكتمل الكارثة بتفجير انتحاري تابع لتنظيم داعش وسط الحشود موقعًا عشرات الخسائر بين جنود الجيش الأمريكي.
غزو العراق وانسحاب مكلف
شنت الولايات المتحدة الأمريكية في 2003 حربًا شاملة على دولة العراق لإسقاط نظام صدام حسين ورغم حسم الأمريكيين للمعارك البرية خلال أسابيع من بداية الغزو إلا أن حركات المقاومة شنت حرب عصابات تسببت بمقتل 4490 جنديًا أمريكيًا وإصابة 22 ألف آخرين بين عامي 2003 و2011 صاحب تلك الخسائر فضائح إعلامية متتالية لممارسة الجيش الأمريكي قتل المدنيين وتعذيب المعتقلين أدت إلى تشويه صورة الجيش حول العالم لتبدأ خطط الانسحاب الأمريكية في 2007 بسحب تدريجي لـ160 ألف جندي أمريكي على مدار 4 سنوات تمت دون كوارث كسائر عمليات الانسحاب الأمريكية ولكن ما تبع الانسحاب بتوسع تنظيم داعش واندلاع حرب جديدة عام 2014 بعد 3 أعوام من الانسحاب أظهر مدى التأثير السلبي للوجود الأمريكي بالعراق كما تسبب اندلاع الحرب في 2014 لعودة الجنود الأمريكيين ضمن التحالف الدولي ضد الإرهاب ثم تقرر الانسحاب الثاني من العراق الذي بدأ في أكتوبر 2025.