رحلت الفنانة القديرة سميحة أيوب عن عالمنا صباح اليوم، عن عمر ناهز 93 عامًا، داخل شقتها بحي الزمالك، بعد مسيرة فنية طويلة ومثمرة كان للمسرح النصيب الأبرز فيها، ما جعلها تستحق عن جدارة لقب "سيدة المسرح العربي".
أيقونة تتجاوز الخشبة نحو النضال
لم تكن الفنانة الراحلة مجرد نجمة مسرحية أو "سيدة الخشبة" كما وصفها النقاد والمتفرجون، بل امتدت أدوارها إلى ما هو أبعد من النصوص والأداء، إذ سخّرت حضورها الفني لخدمة قضايا عربية كبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي احتلت مكانة مميزة في وجدانها ومسيرتها الإبداعية.
لقاء عرفات وهدية الشال الفلسطيني
في مذكراتها "سميحة أيوب: أسطورة المسرح تحكي"، الصادرة عن دار نهضة مصر، خصصت فصلًا بعنوان "الاعترافات الأخيرة"، تروي فيه تفاصيل علاقتها بشخصيات فلسطينية أثّرت في وعيها الوطني. وتحكي عن لقاء عابر جمعها بالزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في إحدى العواصم العربية، ربما بسوريا أو الجزائر، خلال فعاليات مؤتمر ثقافي، وتقول: "التقيت به في أكثر من جلسة وسهرة، وفي إحداها أهداني شاله الفلسطيني الشهير وألبسني إياه بيديه."
عودة إلى الإخراج من أجل فلسطين
لم تكتفِ سميحة أيوب بالمواقف الرمزية، بل اتخذت موقفًا عمليًا بإعادة تفعيل دور المسرح في النضال. فعادت إلى الإخراج بعد 22 عامًا لتقدّم مسرحية "ليلة الحنّة"، من تأليف المناضلة الفلسطينية فتحية العباسي، والمستلهمة من الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982. تقول: "ليلة الحنة كانت سبب عودتي للإخراج، شعرت أن القضية بحاجة إلى صوت ناعم لكن حقيقي.. الكلمة ممكن تكون مظاهرة." شارك في العمل فنانون مصريون بارزون مثل جيهان فاضل وأحمد عبد العزيز، وأدت سميحة البطولة بنفسها. رغم أنها لم تكن مسرحية تجارية، فإنها لاقت صدى نقديًا وشعبيًا معتبرًا، ووصفتها بأنها "وقفة عزّ وسط موجة الهلس."
تأثر وجداني بالشعراء الفلسطينيين
امتدت علاقة سميحة أيوب بالقضية الفلسطينية إلى مجال الشعر، إذ تحدثت عن تأثرها العميق بمحمود درويش، واصفة أسلوبه بأنه "الشعري السياسي في آن واحد"، وقالت: "كان درويش حالة متفردة، أحببت فيه نبرة الناعم الذي يُحدث الأثر." كما عبّرت عن إعجابها بالشاعر سميح القاسم، الذي التقت به في مؤتمرات ثقافية عدة، واصفة حضوره بـ"الرائع"، ومضيفة: "أيام المؤتمر التي قضيتها معه جعلت لكل لحظة طعماً مختلفاً."
ناجي العلي حاضر في الوجدان
ولم تغفل سميحة أيوب الحديث عن الفنان الفلسطيني ناجي العلي، رغم أنها لم تلتقه شخصيًا، لكنها قالت عنه: "عشقت قلمه وريشته. فلسطين كانت حاضرة دائمًا في وجداني."