فرض الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول الأحكام العرفية، مشيرًا إلى تهديدات داخلية من المعارضة بالتواطؤ مع كوريا الشمالية وشل الحكومة، بينما رفض البرلمان القرار، واشتعلت شوارع سول بالمظاهرات الرافضة للخطوة التي اعتبرها البعض انتكاسة للديمقراطية التي عرفتها البلاد منذ أربعة عقود، وذلك في تصعيد غير مسبوق للمشهد السياسي بكوريا الجنوبية.
كما فرض الرئيس الكوري يون سوك يول، الذي يوصف بكونه رئيسا ضعيفا، وتم تقليص صلاحيات حكومته مرارا، الأحكام العرفية في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، متعهدا بالقضاء على "القوى المعادية للدولة" في ظل مواجهته معارضة تسيطر على البرلمان، يتهمها بالتعاطف مع كوريا الشمالية، وذلك في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة.
وبقراره الصادم فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية، في خطوة غير مسبوقة منذ أكثر من 4 عقود، تسبّب يون في أعمق اضطرابات تشهدها بلاده في تاريخها الديمقراطي الحديث، وفق ما نقلت "الجزيرة".
وأتى الإعلان المفاجئ عن فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية ليل الثلاثاء-الأربعاء، في خضم أزمة سياسية بين الرئيس والمعارضة تتمحور حول الميزانية العامة.
*إدانات ومظاهرات اعتراضا على القرار
وأدان زعماء المعارضة على الفور هذه الخطوة باعتبارها غير دستورية، حيث دعا زعيم حزب المعارضة الرئيسي في كوريا الجنوبية، لي جاي ميونج، نواب حزبه الديمقراطي إلى التجمع في البرلمان للتصويت ضد الإعلان.
وسارع المتظاهرون إلى مبنى الجمعية الوطنية، حيث تجمهروا وهتفوا: "لا للأحكام العرفية! لا للأحكام العرفية"، واشتبك بعضهم مع عناصر من الشرطة التي تحرس المبنى.
وبعد أقل من ثلاث ساعات، تحرك البرلمان، حيث أعلن رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك، أن الأحكام العرفية "باطلة"، وأكد أن المشرعين "سيحمون الديمقراطية مع الشعب".
*إلغاء قرار الرئيس ورفع الأحكام العرفية
وبعد تصويت الجمعية الوطنية، أعلن الرئيس يون سوك يول، اليوم الأربعاء، بعد 6 ساعات فقط، رفع الأحكام العرفية، حيث وافق مجلس الوزراء على اقتراح برفع الأحكام العرفية في الساعة 4:30 صباحا بالتوقيت المحلي.
وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن القوات، التي تم حشدها لتطبيق الأحكام العرفية، عادت إلى القاعدة في خطوة أعادت الشعور بالوضع الطبيعي.
*الرئيس الكوري يطالب بوقف الأنشطة الفاضحة
وقال الرئيس: "في الساعة 11 مساء من الليلة الماضية، أعلنت الأحكام العرفية الطارئة بنية حازمة لإنقاذ الأمة في مواجهة القوى المناهضة للدولة التي تحاول شل الوظائف الأساسية للأمة والنظام الدستوري للديمقراطية الحرة".
وأشار إلى أنه: "كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع الأحكام العرفية، لذا سحبت القوات التي تم حشدها لتطبيق الأحكام العرفية".
وكرر يون دعواته للجمعية الوطنية بوقف الأنشطة "الفاضحة" التي قال إنها تشل الوظائف الوطنية، بما في ذلك محاولات عزل المسئولين الحكوميين.
*استقالات بالجملة احتجاجا على قرار الرئيس
وتزامنا مع ذلك، قدّم عدد من كبار معاوني الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول "استقالتهم بشكل جماعي" بعد فشل محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد، بحسب ما نقلت "بي بي سي".
ووفق الإعلام الكوري، فقد قدم معاونين مهمّين للوئيس الكوري يتقدّمهم رئيس ديوان الرئاسة جيونج جين-سيوك استقالتهم بشكل جماعي.
*اتهامات للرئيس الكوري ووزرائه بالتمرد
وبعدها، أعلن الحزب الرئيسي المعارض في كوريا الجنوبية أنّه سيرفع دعوى قضائية ضدّ الرئيس يون سوك يول وعدد من كبار معاونيه الأمنيين بتهمة "التمرد"، وذلك بسبب فرضه الأحكام العرفية في البلاد في إجراء أحبطه البرلمان سريعا، وفق ما ذكرت "بي بي سي".
وقال الحزب الديمقراطي الكوري، في بيان: "سنرفع دعوى بتهمة التمرّد" ضدّ كلّ من رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية و"شخصيات رئيسية في الجيش والشرطة متورطة" في إعلان حالة الأحكام العرفية، مشيرا إلى أنّ المعارضة ستسعى كذلك إلى عزل الرئيس عبر محاكمته برلمانيا.
وأكد الحزب أن "إعلانه للأحكام العرفية كان في الأصل باطلا ويعد انتهاكا جسيما للدستور. كان فعلا عمل تمرد خطير ويوفر أساسا قويا لعزله".
*مطالبة بمحاسبة المسئولين
وبدوره قال هان دونج هون، زعيم حزب "قوة الشعب"، في بث تلفزيوني مباشر على الهواء "يجب على الرئيس أن يشرح بصورة مباشرة وشاملة هذا الوضع المأسوي".
وشدد على أن "كل المسئولين عن هذا الأمر يجب أن يحاسبوا بشكل صارم"، وفق ما نقلت شبكة "سكاي نيوز".
*إضراب عام مفتوح للمطالبة باستقالة الرئيس
ودعا أكبر اتحاد للعمّال في كوريا الجنوبية إلى "إضراب عام مفتوح" إلى حين استقالة الرئيس يون سوك يول الذي فرض لساعات الأحكام العرفية في البلاد قبل أن يتراجع عن قراره بعد تدخّل السلطة التشريعية.
وقال "الاتّحاد الكوري لنقابات العمّال" الذي يضمّ 1.2 مليون عضو إنّ رئيس الجمهورية اتّخذ "إجراء غير عقلاني ومناهضا للديمقراطية" وبالتالي "وقّع وثيقة نهاية حكمه".