رحل عن عالمنا اليوم الفريق جلال هريدي، رئيس حزب حماة الوطن، وعضو مجلس الشيوخ، ومؤسس قوات الصاعقة وأول قائد لها، الذي عرف بالأب الروحي لكل رجالها. وقد نعته القيادة العامة للقوات المسلحة، وأقيمت له جنازة عسكرية بمنطقة المراسم العسكرية، بحضور عدد من قادة القوات المسلحة والشخصيات العامة.
ويعد تاريخ الهريدي طويلًا، فقد أسس الفريق فخري الهريدي أول فرقة صاعقة مصرية، وعُيّن قائدًا للقوات المصرية والسورية في محافظة اللاذقية السورية، وشارك في العديد من الحروب. اختفى فترة، ثم عاد ليؤسس حزب حماة الوطن في يونيو 2013، ويُعيَّن عضوًا في مجلس الشيوخ.
إلا أنه حصل على حكم بالإعدام مرتين في حياته. الأولى كانت في سوريا، حينما كان يتولى قيادة القوات في محافظة اللاذقية السورية أثناء فترة الانفصال عن مصر عام 1961، أما الثاني فصدر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1967، بتهمة قلب نظام الحكم مع 70 ضابطًا تحت قيادة المشير عبد الحكيم عامر.
لكن الحكم خُفّف إلى السجن المؤبد، وقضى 7 سنوات وشهرين و5 أيام فقط، من أغسطس 1967 إلى 1974، إلى أن صدر قرار إفراج صحي عنه من الرئيس الراحل أنور السادات.
فماذا قال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن الفريق جلال هريدي؟
تحدث الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن جلال هريدي في محضر اجتماع مجلس الوزراء المصري في 27 أغسطس 1967، خلال حديث مستفيض عرض فيه تفاصيل مؤامرة عبد الحكيم عامر لقلب نظام الحكم.
وقال عبد الناصر في حديثه عن ما قبل محاولة الانقلاب عام 1967: "المشير عبد الحكيم عامر كان معاه واحد كان بالذات بيعتز به اسمه جلال هريدي، وكان قائد قوات الصاعقة".
وأضاف: "أنا رأيي في جلال هريدي كان وحش من أيام سوريا، أظن كلكم تعرفوا قال إيه في سوريا، واتكلم قال إيه في الراديو، اتكلم عليّ واتكلم على عامر أيضًا".
وتابع: "فأنا قلت لهم: لما ييجي جلال هريدي - هو كان في الأردن - يتعيّن ملحقًا عسكريًا. ما رضيتش حتى أرفده علشانه! يسافر، إن شاء الله يروح طوكيو أو يروح أي حتة؛ لأن جلال هريدي بالذات هيكون سبب مشاكل كتير".
وأضاف: "ولكن جلال هريدي رفض، وقال: الجيش من غير المشير عامر أنا ما أشتغلش فيه، وقال: أنا مستقيل. وقلت لهم: يتحال للمعاش.. واتحال للمعاش، وكانت حالته يومها تعبانة جدًا".
وقال عبد الناصر: "بعد كده بدأت بقى تحركات في مجالات متعددة. أول عملية حصلت كانت اجتماعات عامر مع عدد كبير من الضباط اللي خرجوا، وبعد كده جلال هريدي - وكان معاه ناس طبعًا - راحوا قعدوا في بيت عبد الحكيم وأقاموا إقامة دائمة. كان معاه ناس من ضباط الصاعقة، وبعدين زاروهم في البيت عدد من ضباط الصاعقة، واجتمعوا مع جلال هريدي، وأنا عرفت بهذا الموضوع، فكان العمل إن أنا طلعتهم للمعاش واعتقلتهم".
وحكى عبد الناصر قصة عن جلال هريدي، وعن سحب الحرس من عبد الحكيم عامر وعودته، فقال: "رجعت الحرس لحكيم بمناسبة حادثة حصلت، وهي إن جلال هريدي - وجلال هريدي رجل أخلاقه سيئة جدًا وعامر يثق فيه جدًا - اتصل بمدير المخابرات الحربية وشتمه، وبقى يتصل بيه ويشتمه، شغل عيال يعني".
وأضاف: "ولما مدير المخابرات اشتكى، أنا قلت: إن ده مدير مخابرات عاجز! إذا كان بيشتكي. مدير المخابرات إذا كان حد بيشتمه، بيمسكه. فيظهر مدير المخابرات تحمّس وحاول يمسك جلال هريدي، وعرف إنه هيقابل واحدة أو هيقابل مراته؛ فطلع عربيتين ورا مراته علشان يوصل إلى المكان اللي هيكون فيه جلال هريدي، فطلعت مراته راحت الجيزة".
وتابع: "وفيه جنب بيت عبد الحكيم اللي في الجيزة مشتل، فلاقوا جلال هريدي واقف هناك، ونزلوا يمسكوا جلال هريدي. وجلال هريدي نده على الحرس، وطلعوا ناس بالمدافع الرشاشة، وتبادلوا إطلاق النار عند البيت مع عربيتين الحرس، وأصيب واحد من اللي كانوا في العربيتين برصاصة في كتفه، وأصيب واحد من الناس اللي كانوا في البيت برصاصة في رجله، وبعدين دول مشيوا واتفضت العملية".
وأضاف: "وأنا عرفت الموضوع، فطلبته بالتليفون، قلت له: يعني مافيش داعي للعملية دي طالما أنت محتفظ بضباط وبسلاح، وجايب ناس صعايدة، وعامل قلعة وخنادق ودشم، وبالليل بتقفلوا الشارع وبتعملوا الكلام اللي عاملينه.. لازم هيحصل عملية بهذا الشكل".
وأردف عبد الناصر: "قلت له: مشي الصعايدة وأنا ببعت لك حرس، مشي الضباط اللي عندك، وإن أنا هدي أوامر ما يعتدوش على حد منهم. وهو وافق على هذا، وقال لي: خلاص، وأنا همشيهم وكذا".