تهب رياح الخماسين سنويا بين شهري مارس ومايو بسرعة تبلغ 240 كيلومترا/ الساعة، وبحرارة عالية محملة بالغبار والحشرات والأوبئة أيضا.
ورغم صعوبة وتباعيات تلك الرياح إلا أن لها جانب مشرق، حيث إنها قاومت الغزاة على أرض مصر، منذ غزو يوليوس قيصر، ثم الحملة الفرنسية، كما كان جيش الاستعمار البريطاني من آخر ضحايا تلك الرياح العاتية.
وتسرد جريدة الشروق نقلا عن كتب سيزر وحيات الكلوسوس، وعلماء نابليون واكتشاف مصر، وتأثير الرياح على الحياة والأرض، نبذة عن عدة حروب فاصلة شاركت فيها رياح الخماسين، وكبدت الغزاة أضرارا وأخرت زحفهم على الأراضي المصرية.
-رياح الخماسين تحبس جيش الروم
وضع يوليوس قيصر القائد الروماني الشهير نصب عينيه غزو مملكة البطالمة المصرية ضمن حربه الأهلية ليغزو مصر عام 48 قبل الميلاد، مستهدفا هزيمة البطالمة، ولكن رياح الخماسين كانت في الانتظار، حيث أعاقت تقدم يوليوس ليتم حصاره في الإسكندرية، بعد أن تنبه الجيش المصري واتخاذه الاستعدادات للقتال، وظل يوليوس محاصرا لنصف عام تكبد خلالها 10 ملايين دينار من الخسائر، إلى جانب تورطه في معركة فاروس البحرية التي خسر خلالها 800 من جنوده، خلال هجوم بحري مصري، حرم يوليوس من السيطرة على جسر فاروس الاستراتيجي.
-سماء بلون الدم في استقبال نابليون
تحدث نابليون بونابارت عن رياح الخماسين في مذكراته بوصفها من الأشياء الكئيبة، إذ لاحظ أثناء المعارك مع المماليك أنهم يغادرون مواقع الحراسة ويختبئون من شيء لم يعرفه الفرنسيين الذين يتفاجئون بتحول السماء للون الأحمر مع هبوب رياح ساخنة مليئة بالغبار تخنق وتؤذي الجيش الفرنسي غير المعتاد على الأجواء الصحراوية، واستمرت الخماسين في إزعاج جيش نابليون لـ3 أيام.
ولم تكن الخماسين وحدها من أخاف جيش نابليون إذ يظهر من السرد الفرنسي لمعركتي شبرخيت والأهرامات خشية الجنود من فرسان المماليك وهجماتهم الخاطفة، ولكن النتيجة انتهت لتفوق نيران البنادق والمدافع الفرنسية على ضربات الفرسان الممليك التي رغم جراءتها ومناوراتها الكثيرة حول الوحدات الفرنسية لم تتمكن من تشتيت الجيش الفرنسي المسلح بالبنادق.
-الخماسين تعطل تكنولوجيا الحرب العالمية الثانية
واجه جيش ثعلب الصحراء "روميل"، ممثل القوات النازية في المنطقة، جيش الاستعمار البريطاني قرب مدينة العالمين، خلال الحرب العالمية الثانية، في اشتباك مصيري، ليلتحم الجيشان بمعارك دبابات ومدفعية طاحنة تحت غبار الرياح الصحراوية التي عطلت بوصلات الدبابات، وأعمت العديد من الجنود، ما تسبب بعدة جولات استراحة أثناء القتال لتجنب هبات العواصف، ولينجلي القتال عن انتصار جيش الاستعمار البريطاني وبداية النهاية لفيلق إفريقيا الألماني بقيادة روميل.