يتعرض الكثير من الأشخاص لهجمات التماسيح في إندونيسيا.
وتشير الإحصائيات المدونة بقاعدة البيانات المستقلة المعروفة باسم "هجمات التماسيح"، إلى أن إندونيسيا شهدت 179 هجوما للتماسيح على البشر خلال 2024 وحده، وهو رقم يزيد عما شهدته أية دولة أخرى، كما تشير البيانات إلى وفاة 92 ضحية منها، وغالبا لا يتم العثور على رفات الأفراد.
وبالمقارنة بأستراليا التي توصف أقاليمها المدارية في الغالب بأنها خطيرة للغاية، سجلت الجهات المعنية خلال نفس الفترة سبع هجمات فقط أسفرت ثلاث منها عن وفيات.
ويرى أمير حاميدي وهو خبير في الزواحف بالوكالة الوطنية الإندونيسية للبحوث والابتكار، أن السبب الرئيسي في حدوث هذا الاتجاه الخطير يرجع إلى فقدان مناطق المعيشة الطبيعية الأصلية للتماسيح، في ظل تزايد أعداد السكان في إندونيسيا التي تعد أكبر مجموعة جزر في العالم.
ويقول حاميدي "مع زيادة أعداد التماسيح والبشر، يحدث تنافس على نفس الموارد الطبيعية وتصبح الاحتكاكات بينهما مسألة حتمية".
وتعد إندونيسا موطنا لأنواع متعددة من التماسيح، غير أن معظم الصراعات تحدث مع تمساح المياه المالحة الذي يعد الأكبر حجما والأكثر شراسة.
ويعيش تمساح المياه المالحة في منطقة جنوب شرقي آسيا واستراليا، ويزيد طوله عن ستة أمتار.
وهذه النوعية من التماسيح يمكنها التكيف مع بيئات مختلفة إلى حد كبير، من الأنهار وغابات المانجروف إلى المياه الساحلية.
وتتزايد الهجمات بمعدلات تتجاوز المتوسط، في مناطق شرق كاليمانتان بجزيرة بورنو وبانكا بليتونج بالقرب من سومطرة، ويرجع السبب في ذلك إلى التوسع الزراعي إضافة إلى أنشطة التعدين.
أدى التنقيب عن القصدير الذي يتم في الغالب بشكل غير مشروع، في منطقة بانكا بليتونج إلى ظهور الكثير من المسطحات المائية الاصطناعية التي تعد بيئة طبيعية مثالية لتواجد التماسيح الباحثة عن أماكن جديدة لاصطياد غذائها.
ويأتي ما نسبته 90 % من صادرات القصدير الإندونيسية من هذه المنطقة، ويقول إندي يوسف الناشط المدافع عن حقوق الحيوان، إن العديد من الزواحف التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، استقرت الآن في الحفر المهجورة الناتجة عن عمليات التعدين.
كما أدى شق قنوات لري مزارع نخيل الزيت، إلى جانب التغيرات الأخرى في المجاري المائية، إلى إنشاء بيئات طبيعية جديدة لمعيشة التماسيح، ونتيجة لهذه التطورات تزايد إلى حد كبير وجود التماسيح في الأماكن المأهولة بالسكان، وغالبا ما يواكب ذلك حدوث عواقب مميتة.
ومن ناحية أخرى تعد الأنهار والبحار مصدرا لمعيشة كثير من الإندونيسيين، كما تعد جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
ويقول خبير التماسيح حاميدي "علينا أن نجد سبلا للتعايش بين البشر والتماسيح، وفي نفس الوقت أن نعمل على الحد من المخاطر التي يتعرض لها البشر والتماسيح أيضا".
غير أن الكيفية التي يمكن بها تحقيق ذلك لا تزال غير معروفة.