يحمل شهر أكتوبر من كل عام نسيم الانتصار الذي تحقق في عام 1973 على يد القوات المسلحة المصرية، بعد سلسلة من المعارك والتجهيزات والخداع الاستراتيجي الذي أدى إلى النصر.
وتعد مذكرات من شاركوا في الحرب وثائق هامة شاهدة على ما حدث، وفي الذكرى الـ52 نسترجع ما دونه القائد محمد عبد الغني الجمسي.
ففي مجلة "أكتوبر" عام 1989، نُشرت مذكرات الجمسي عن أيام الحرب، في هيئة حلقات، ومما ورد فيها أن يوم الاثنين 8 أكتوبر أطلق عليه موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي وقت الحرب، "يوم الفشل العام". فما القصة؟
حاولت إسرائيل بعد يومين من القتال أن تجمع قواتها المدرعة وبقايا طائراتها لتوجيه ضربة مضادة، تحد بها من تقدم القوات المسلحة المصرية داخل سيناء، ولكنها فشلت فشلًا ذريعًا، وفقًا لما ذكره الجمسي في المذكرات.
وحدثت بعض النتائج العسكرية الجيدة يوم 8 أكتوبر، منها تحرير منطقة القنطرة شرق، بعد أن استطاعت قوات الجيش الثاني، والفرقة 18 مشاة بقيادة العميد فؤاد عزيز غالي، من الاشتباك وتحريرها، كما تم الاستيلاء على كمية من أسلحة ومعدات العدو الإسرائيلي، من بينها مجموعة من الدبابات، وأُسر 30 فردًا من جيش الاحتلال، وكان ذلك في التاسعة والنصف صباحًا.
وفي نفس اليوم، استطاعت الفرقة 19 مشاة، بقيادة العميد يوسف عفيفي، الاستحواذ على عيون موسى، كما تمكنت الفرقة نفسها من الاستيلاء على مواقع العدو المحصنة على الضفة الشرقية، والحصول على 6 مدافع كانت تستخدم في قصف مدينة السويس.
يقول الجمسي: "في تقديرنا أن العدو الإسرائيلي لا بد أن يوجه ضربة مضادة قوية بقوات الاحتياط التي وصلت إلى سيناء، بغرض تدمير قواتنا ومحاولة الوصول إلى خط القناة. وكنا على ثقة بأن قوات الجيشين الثاني والثالث على استعداد لمواجهة العدو وهزيمته، وأن يوم 8 أكتوبر سوف يكون يومًا حاسمًا في سير العمليات، وهو ما حدث بالفعل".
وقع في ذلك اليوم أيضًا معركة الفردان، والتي حُسمت لصالح القوات المصرية. فقد أعاد العدو تنظيم قواته، وبقيادة "آدان" حاول الهجوم على فرقة اللواء حسن أبو سعدة في اللواء الثالث، واندفعت الدبابات الإسرائيلية لاختراق المواقع باتجاه كوبري الفردان. ولكن فوجئ آدان وقواته بأن النار فُتحت عليهم من 3 جهات. استمرت المعركة نصف ساعة، دُمّرت خلالها 30 دبابة إسرائيلية من أصل 35، وأُسر قائد إحدى الدبابات مع بعض الجنود.
وفي نهاية يوم القتال، وفقًا للجمسي، كانت فرقة "آدان" قد هُزمت أمام الجيش الثاني، وفرقة "مندلر" قد فشلت أمام الجيش الثالث، وفرقة "شارون" لم تشتبك، وبذلك تكون إسرائيل قد فشلت في تحقيق ضربة مضادة. وقد سجّل موشيه ديان في مذكراته أن يوم 8 أكتوبر يُعد يومًا للفشل العام بالنسبة لهم، نتيجة لما لحق بقواته على أرض المعركة.