أعلنت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS)، في إنجاز طبي غير مسبوق، أول حالة ولادة ناجحة في المملكة المتحدة لطفلة جاءت إلى الحياة بعد خضوع والدتها لعملية زراعة رحم.
ووُلدت الطفلة آيمي إيزابيل في فبراير الماضي، بمستشفى "كوين شارلوت وتشيلسي" التابع لـNHS؛ لتسجّل هذه اللحظة علامة فارقة في تاريخ الطب البريطاني.
بعيون دامعة وطفلتها بين ذراعيها، استرجعت الأم البريطانية جرايس دافيدسون "36 عامًا"، مشوارًا طويلًا من الألم والمعاناة، بدأ منذ مراهقتها حين أُبلغت بأنها وُلدت دون رحم، ما جعل حلم الإنجاب بعيد المنال.
وتقول جرايس: "كل فحص طبي كنت أمر به كان كابوسًا.. اليوم فقط أشعر أنني أستطيع أن أمنح زوجي أعظم معجزة يمكن أن نحلم بها".
وفي تصريحات نقلتها صحيفة "مترو" البريطانية، تحدّثت الأم دافيدسون، عن تجربتها المؤثرة بعد الولادة، قائلة: "الأسبوعان الأولان كانا صعبين؛ لأن الصغيرة كانت تنام كثيرًا، لكنها الآن بخير.. حين أنجبناها، لم نتمالك دموعنا كانت لحظة مفعمة بالفرح.. كنا نأمل بعد الزرع، لكننا لم نصدق فعليًا إلا عندما جاءت إلى الحياة".
وتابعت جريس، بكلمات مؤثرة عن مشاعرها السابقة للعملية: "كنت أتألم في كل مرة أرى فيها أمًا تدفع عربة طفل.. كانت تفاصيل صغيرة لكنها تمزقني من الداخل".
أما شقيقتها المتبرعة، آيمي بيردي، التي تعيش في اسكتلندا، فقد عبرت عن فخرها بهذه التجربة الإنسانية، وقالت: "رؤية جريس وزوجها أنجوس وهما يصبحان والدين كانت لحظة لا تُنسى.. حين طُرحت فكرة التبرع، وافقنا – أنا وأختي الكبرى ووالدتي – دون تردد".
لم تكن المعجزة ممكنة لولا شقيقتها الكبرى إيمي، التي قررت أن تكون الأمل الذي تحتاجه غرايس، وبقلب يغمره التأثر، علّقت إيمي قائلة: "حين علمت أن أختي لن تستطيع الإنجاب، لم أتردد لحظة واحدة.. كنت أعلم أن بإمكاني أن أكون جسرها إلى الأمومة".
واستغرقت عملية التبرع بالرحم 9 ساعات، في واحدة من وأكثر العمليات الجراحية تعقيدًا، لكنها بالنسبة لإيمي كانت كما وصفتها "أسهل قرار في حياتي".
• ولادة تحت الخطر.. ورسالة أمل لكل النساء
تحدث الفريق الطبي المشرف، عن اللحظات الحرجة التي صاحبت ولادة الطفلة "آيمي"، حيث عانى الجنين من ضعف في النبض استمر لمدة 43 دقيقة، ما تطلّب تدخلا عاجلا وتركيزا فائقا.
وقال البروفيسور ريتشارد سميث، أحد كبار الجراحين المشاركين في العملية: "كل ثانية كانت تحسب.. كان علينا أن نظل في أقصى درجات التركيز".
رغم التحديات، أبصرت الطفلة النور بوزن 2.7 كيلوجرام، لتُسجّل كإنجاز طبي جديد يُضاف إلى سجل عمليات زراعة الرحم الناجحة.
رسالة تحفيز وأمل ومعجزات قادمة
وفي لحظة إنسانية مؤثرة، وجهت الأم جرايس، رسالة لكل امرأة تواجه نفس المعاناة التي عاشتها، قائلة: "لا تفقدي الأمل.. المعجزة قد تكون أقرب مما تتصورين".
ومن جهته، قال البروفيسور سميث وهو يهمّ بمغادرة الغرفة: "لدينا 4 حالات أخرى على قائمة الانتظار.. المعجزات لا تحدث وحدها، بل تُصنع بالإرادة والعلم".
وفي زاوية الغرفة، تمايلت زهرة توليب حمراء، رمز جمعية "زراعة الرحم"، برفق تحت نسيم المكيف، وكأنها تحني أوراقها احترامًا لأعظم هدية يمكن أن تقدمها أخت لأختها.. هدية الحياة والأمومة.