سهير حواس: خبر «حزين ومأساة».. ومقترح الهدم لم يعرض على اللجنة النوعية التراثية 

تستعد الهيئة القومية لسكك حديد مصر لبدء إخلاء مبنى هندسة السكة الحديد التاريخى بوسط القاهرة، تمهيدا لنقل العاملين إلى مقر جديد جارٍ تشييده بجوار محطة رمسيس، فيما وصف أساتذة العمارة والتصميم وأعضاء بالجهاز القومى للتنسيق الحضارى القرار بـ«الحزين والمأساة».

وقال مصدر بهيئة السكة الحديد، إن المبنى المُنتظر هدمه يضم نائب رئيس الهيئة لقطاع البنية الأساسية ومئات الموظفين، ويتكون من ثلاثة طوابق، بالإضافة إلى الدور الأرضى، ويُعد من المعالم الإدارية البارزة فى تاريخ الهيئة.

وأضاف المصدر لـ«الشروق»، أنه تم رفض مقترح هدمه فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، بعدما تجاوز عمره 100 عام، ما جعله يخضع لضوابط الحفاظ على المبانى التراثية، منوها إلى أنه سيتم هدم المبنى لعمل توسعة بميدان رمسيس ضمن خطة شاملة للميدان، جار تنفيذها خلال الفترة القادمة، ومنها خطة توسعة كوبرى أكتوبر فى الجزء الموجود أعلى ميدان رمسيس، والمطلة على مبنى هندسة السكة الحديد.

وأشار إلى أن الهيئة تقوم حاليًا بتفريغ المبنى تدريجيا من المعدات والمكاتب، على أن تتم عملية النقل على مراحل، تبدأ الشهر المقبل، وتستمر حتى نهاية العام الجارى، وسيتم تخصيص جزء من المبنى الجديد الذى اقتربت الهيئة من الانتهاء منه، وجار تنفيذ التشطيبات النهائية له، ويشمل مولا تجاريا وجراجا متعدد الطوابق، ليكون مقرا للعاملين بقطاع البنية الأساسية.

من جانبها، قالت أستاذة العمارة والتصميم العمرانى بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وعضو اللجنة النوعية للمبانى والمناطق التراثية بالجهاز القومى للتنسيق الحضارى، سهير زكى حواس، إن خبر هدم مبنى هندسة السكة الحديد «حزين ومأساة جديدة تلاحق التراث المصرى».

وأضافت حواس، فى تصريحات لـ«الشروق»، أن مقترح هدم المبنى لم يعرض على اللجنة النوعية للمبانى والمناطق التراثية بالجهاز لإبداء الرأى حول مقترح المشروع فى تلك المنطقة كأحد المناطق التراثية بالقاهرة الخديوية، موضحة أن من بين اختصاصات اللجنة هو العرض عليها أى مشروعات يتم تنفيذها فى المناطق التراثية أو بالمبانى ذات الطابع المعمارى المتميز أو أى مبان تراثية بشكل عام.

وأكدت أن كافة أعضاء اللجنة يتسمون بالتجانس والتوافق فى الرأى حول أى مشروعات تتم فى المناطق التراثية، وتحديدا أن فكر أعضائها تتمحور تحت أسس فنية واحدة، ونادرا ما يحدث اختلاف بين أعضائها حول أى رأى يخص المناطق التراثية، لذا إذ عرض هذا المشروع كان من المؤكد سيتم رفضه من كل أعضاء اللجنة، قائلة: «هل يعقل أن أحد أعضائها سيشارك فى التفريط فى التاريخ».

وأوضحت أن مبنى السكة الحديد ذات طابع معمارى متميز تم تسجيله وفقا للقانون رقم 144 لسنة 2006، وهذا المبنى تم تسجيله فى عام 2008، موضحة أنها كانت رئيسة اللجنة التى قامت بحصر هذا المبنى ضمن قاعدة تسجيل المبانى التراثية وفقا للقانون المشار إليه.

فى سياق متصل، أكد مصدر مسئول بمحافظة القاهرة، أن قرار الإزالة الجارية بمبنى هندسة السكة الحديد، بنطاق حى الأزبكية، ليس من اختصاصات المحافظة ولا نشارك فى أعمال الهدم، سواء بمعدات أو عمال من المحافظة أو الحى.

وأوضح المصدر لـ«الشروق»، أن أعمال الإزالة الجارية لا دخل للأجهزة التنفيذية بحى الأزبكية بها، فهى تخص هيئة السكة الحديد، الجهة التابع لها هذا المبنى، قائلًا: «المحافظة لا تتدخل فى أعمال الهدم الجارية بمبنى هندسة السكة الحديد كونها جهة غير مختصة، وهيئة السكة الحديد هى من تزيل المبنى كونه تابعا لها دون تدخل من الحى أو المحافظة».

الجدير بالذكر، أن مبنى هندسة السكة الحديد يتواجد فى قلب القاهرة، كأحد الشواهد التاريخية البارزة على مسيرة النقل والسكك الحديدية فى مصر، حيث شُيّد المبنى عام 1906 ليكون مقرًا إداريًا وفنيًا لقطاع البنية الأساسية بهيئة السكة الحديد، واحتضن على مدى أكثر من قرن مئات المهندسين والفنيين الذين ساهموا فى تطوير الشبكة الحديدية وربط المدن والقرى المصرية؛ كما يتميز بطراز معمارى كلاسيكى يعكس ملامح العمارة فى مطلع القرن العشرين، مع تفاصيل وزخارف تحكى عن فخامة البناء وأهمية المرفق الذى يخدمه.

على مر السنين، ظل المبنى مركزًا لاتخاذ القرارات الفنية الكبرى؛ حيث يضم مكاتب نائب رئيس هيئة السكة الحديد للبنية الأساسية وإدارات هندسية حيوية، ورغم قِدمه، استمر فى أداء دوره حتى بدأت عملية إخلائه تدريجيًا من المعدات والمكاتب، تمهيدًا لإيقاف استخدامه.