لماذا نشعر بالفزع عند الاستماع إلى موسيقى أفلام الرعب؟ - بوابة الشروق
الإثنين 10 نوفمبر 2025 6:28 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من يفوز بالسوبر المصري؟

لماذا نشعر بالفزع عند الاستماع إلى موسيقى أفلام الرعب؟

سان فرانسيسكو - د ب أ
نشر في: الإثنين 10 نوفمبر 2025 - 1:47 م | آخر تحديث: الإثنين 10 نوفمبر 2025 - 1:47 م

يقال إن المخرج الأمريكي الشهير ألفريد هيتشكوك، الذي أخرج فيلم الجريمة الأسطوري "سايكو" صرح بأن "33% من المؤثرات في هذا الفيلم تعود إلى الموسيقى"، وكان من المقرر في البداية أن يجري عرض مشهد القتل الشهير في العمل بدون موسيقى تصويرية، ولكن الموسيقار بيرنارد هيرمان ابتدع المقطوعة الشهيرة التي أطلق عليها اسم "القتل" التي امتزجت فيها صرخات الضحية مع ألحان آلة الكمان، وأحدث حالة من التصاعد الدرامي جمعت بين الترقب والفزع، وتركت لدى المتفرج أثرا لا يندمل حتى بعد عشرات السنين من عرض الفيلم.

وقد أثبتت الدراسات أن موسيقى أفلام الرعب تنشط نظام الاستجابة للخطر في مخ الانسان، ووجد خبراء علم النفس الصوتي أن بعض السمات الصوتية التي تتكرر في أفلام الرعب تبعث على الفزع في حد ذاتها، مثل صوت الصراخ على سبيل المثال سواء إن كان صراخا بشريا أو بواسطة آلة موسيقية واحدة أو أكثر.

وتقول كاثلين تريفور الباحثة في مجال الإدراك الموسيقي بجامعة زيوريخ في سويسرا إنها وجدت بعد دراسة الموسيقى التصويرية للكثير من أفلام الرعب العالمية أن العديد من الإشارات الموسيقية في هذه الأعمال مشتقة في حقيقة الأمر من أصوات الصراخ البشري.

وخلال دراسة أجريت في وقت سابق هذا العام، توصل فريق بحثي إلى أن الأصوات الخشنة تنفذ مباشرة إلى المخ دون حواجز تعطل عملية الإدراك، فالاستماع إلى صوت صراخ، حتى لو كان صادرا من مسافة بعيدة، يحفز استجابة معينة في المخ حتى لو كان الشخص متعمقا في النوم. فصوت الصراخ ينشط اللوزة الدماغية، وهي الجزء المسئول عن التفاعل مع المواقف الخطرة لدى الانسان، مما يؤدي إلى تفعيل سلسلة من الاستجابات التحذيرية لدى الجهاز العصبي في الجسم.

فالاستماع إلى صوت دوي قصير يجعل الشخص في العادة ينتفض، حيث تتخطى الإشارة العصبية مراكز القرار العليا في المخ وتعطي توجيها مباشرا إلى الجسم للتحرك من أجل تفادي الخطر.

وفي تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية، تقول تريفور إن موسيقى أفلام الرعب لا تهدف إلى استثارة الشعور بالفزع بشكل مباشر، بل أن ذروة الحدث في مشهد الرعب عادة ما يسبقها تحضير موسيقى يثير لدى المشاهد شعورا بالتوتر والترقب.

وشاركت تريفور في دراسة عام 2023 للمقارنة بين أنماط الموسيقى المختلفة في أفلام الرعب، ووجدت اختلافا واضحا بين الموسيقى المرعبة والموسيقى التي تبعث على القلق والترقب، وتوضح أن الموسيقى المرعبة عادة ما تكون صاخبة وخشنة ومكثفة، في حين أن الموسيقى التي تثير إحساسا بالترقب عادة ما تكون متنوعة ومتدرجة في إيقاعها حيث تؤثر من الناحية البيولوجية على الجهاز العصبي للمستمع وتجعله جالسا على حافة مقعده من شدة القلق.

وترى سوزان روجرز الباحثة في مجال الإدراك الموسيقى بجامعة بيركلي الامريكية أن "بعض الأصوات الموسيقية (في أفلام الرعب) تتشابه مع أصوات الخطر في العالم الفعلي"، وتوضح أن "مجرد الاستماع إلى صوت قعقعة منخفض يجعلنا نشعر بالفطرة بالتحفز لأنه ربما يكون إشارة إلى عاصفة أو زلزال أو تدافع أو أي حدث آخر ينذر بالخطر".

وأضافت في تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" أن الاستماع إلى الإيقاعات السريعة، لاسيما تلك التي تشبه نبضات القلب، تجعل المشاهد في حالة ترقب، فقد اعتمد المخرج جون كاربنتر في فيلمه الشهير "هالوين" على تيمة موسيقية منخفضة تشبه نبض القلب، ويستمر هذا الإيقاع المتكرر مع التصاعد الموسيقى خلال أحداث العنف في العمل.

وتقول تريفور إن "الإيقاعات الموسيقية التي يمكن التنبؤ بها تعطي شعورا بأن الأحداث تسير في اتجاه متوقع"، ولكن موسيقى أفلام الرعب تضفي شعورا بالترقب لأنه لا يمكن التنبؤ بإيقاعها، وهو ما يجعل المشاهد في حالة قلق مستمر، حيث كثيرا ما ينتفض عندما يستمع إلى إيقاع أو دوي مفاجئ. وتضيف أن المؤلفين الموسيقيين يستخدمون أحيانا نغمات غير متوازنة أو منخفضة حتى لا يعتاد المتفرج على موسيقى الفيلم، وبالتالي يفقد الشعور بالخوف.

وتعتقد روجرز أن مخ الانسان هو جهاز للتنبؤ، وأنه يدخل في حالة من الهدوء إذا ما استمع إلى صوت رتيب أو متكرر، فالانسان بطبيعته يفقد اهتمامه عند الاستماع إلى أصوات متكررة مثل محرك السيارة أو قطرات المطر. وعندما ينصت الإنسان إلى صوت خطوات تصعد درجات السلم على سبيل المثال، فإن المخ يتنبأ بأن الخطوات سوف تستمر في الصعود حتى تصل إلى الطابق العلوي، ولكن إذا توقفت في منتصف الطريق، فإن المخ يتحول تلقائيا إلى حالة من الترقب. وتعرف هذه الظاهرة باسم "أخطاء التنبؤ" وهي التي تقوم بتنشيط اللوزة الدماغية والجزء المسئول عن تكوين الذاكرة في المخ الذي يعرف باسم الحصين.

ويلجأ بعض مخرجي أفلام الرعب إلى تسجيلات قديمة بجودة سيئة قد تبدو غريبة على أذن المتفرج العصري، حيث تترك لديه شعورا يعرف باسم تأثير "الوادي الغريب" Uncanny Valley Effect وهي حالة شعورية يمتزج فيها الشعور بالغضب مع الاشمئزاز عند التعرض لمؤثرات خارجية معينة تخرج عن شكلها المألوف في الذهن. وتقول تريفور إن الفكرة من هذه الموسيقى هي أن يشعر المشاهد أن شيئا ما ليس على ما يرام، وهذا في الحقيقة هو أمر مزعج على مستوى عميق داخل النفس البشرية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك