أكد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، أن استدعاء التجارب الفكرية الكبرى من التاريخ الأزهري ضرورة لبناء مستقبل الإصلاح، واستشهد الأزهري بسيرة الشيخ حسن العطار، واصفًا إياه بأنه «رائد التفرد العلمي» الذي مهّد لرؤية رفاعة الطهطاوي الإصلاحية وكذلك رؤية الدكتور عياد طنطاوي، ورسم بذاته الممهدة خريطة الإصلاح، وبناء الجسور بين الحضارات.
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر العلمي الدولي الأول «الأزهر وصناعة المصلحين» الذي تنظمه كلية العلوم الإسلامية والعربية للوافدين، بمركز الأزهر للمؤتمرات، بتوجيهات من الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
واستعرض الأزهري، ملامح من حياة العطار، قائلاً إنه برز في زمن رخاء علمي واقتصادي شهدته مصر، ولم يكن أحد من علماء الأزهر يضطر إلى مغادرته طلبًا للرزق، ومع ذلك، اختار العطار الغربة، فسافر إلى القدس والقدس الشرقي، ثم إلى الأردن، فدمشق، حيث درّس الطب، قبل أن يكمل رحلته إلى الأناضول والديار التركية، حتى وصل إلى بلاد الألمان وتزوج هناك.
وأوضح أن غربة العطار لم تكن مجرد رحلة جغرافية، بل سفرًا في معارج الوعي، فقد أثرت في تكوين عقله ورؤيته للعالم، وكان قبل ذلك ضليعًا في العلوم العربية والشرعية، وله مؤلفات في أصول الفقه، لكنه خرج من عباءة التقليد ليحلق وحده في فضاء التجديد، بهمة لا تدرك إلا لأمثاله.
وذكر أنه كان رائدًا في إدراك العلوم العقلية، وسباقًا لفهم الأصول والمخترعات التي رآها في بلاد أوروبا، وهو ما جعله يعود إلى مصر متفردًا عن جميع علماء عصره، يحمل وعيًا جديدًا بمسارات الحضارة، وفهمًا عميقًا لما يدور في العالم من تحولات كبرى.
وشدد على أن العطار، بهذه التجربة الواسعة، هو الذي هيّأ الطريق لرفاعة الطهطاوي، الذي لم يكن مجرد عالم، بل منفذًا لرؤية العطار، فبينما وضع العطار خرائط الفكر، نفذ الطهطاوي خطوات الإصلاح، ورسم الجسور الحقيقية بين الحضارات، على أساس من الإدراك العميق والانفتاح الواعي.
وفي ختام كلمته، وصف الأزهري الشيخ حسن العطار بأنه شيخ المصلحين وإمام المجددين، مؤكدًا أن مصر والأزهر يحملان رصيدًا تاريخيًا من العقول التي رأت أبعد مما ترى أعين الناس، وأن مواصلة الإصلاح تبدأ من التعمق في هذه النماذج واستلهامها بروح عصرية.