طه ذهب ينشد قوتا فخطفت إسرائيل بصره: مراكز توزيع المساعدات ساحة حرب.. اضطررت للذهاب لأُطعم أخواتي - بوابة الشروق
الثلاثاء 12 أغسطس 2025 7:45 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

طه ذهب ينشد قوتا فخطفت إسرائيل بصره: مراكز توزيع المساعدات ساحة حرب.. اضطررت للذهاب لأُطعم أخواتي

غزة - الأناضول
نشر في: الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 4:55 م | آخر تحديث: الثلاثاء 12 أغسطس 2025 - 4:55 م

- والدة طه: أملي أن ينظروا إلى طه بعين الرحمة وأن يُعرض على طبيب خارج غزة

لم يعد الفتى الفلسطيني طه المقادمة يرى الألوان الزاهية التي كان يزين بها دفتر رسمه، أو الخطوط التي شكلت ملامح أحلامه بأن يصبح مهندسا بعدما أفقدته رصاصة إسرائيلية بصره.

قرب أحد المراكز المعروفة باسم "مصائد الموت" حيث يجري بدم بارد إعدام الفلسطينيين الذين يرزحون تحت الحصار والتجويع والإبادة، أطلق الجنود الإسرائيليون النار على طه (15 عاما) وهو في طريقه للحصول على مساعدات تسد رمق عائلته.

في لحظة خاطفة، تحولت خطواته نحو طابور المساعدات إلى سقوط مضرج بالدماء، وبقي ينزف نحو ثلاث ساعات قبل أن ينقل إلى "مستشفى العودة" ومنها إلى "مستشفى شهداء الأقصى" وسط قطاع غزة، حيث أكد الأطباء فقدانه البصر.

يأتي ذلك مع سياسة التجويع التي تفرضها تل أبيب ضمن حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع منذ 22 شهرا.

وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات مزعومة، لكنها مرفوضة من قِبل الأمم المتحدة لأنها تعتبر آلية لاستدراج المجوّعين وقتلهم.

ومنذ بدء هذه الآلية، وصل عدد الشهداء إلى ألف و778 فلسطينيا، وأكثر من 12 ألفا و894 مصابا، جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار يوميا على منتظري المساعدات، بحسب معطيات وزارة الصحة بغزة الثلاثاء.

** رصاصة تغتال الحلم

طه نازح من مدينة غزة إلى مخيم البريج (وسط) بعد أن قصف منزله، وكان يحلم بأن يصبح مهندسا ويطور موهبته في الرسم.

لكن أحلام الفتى الفلسطيني بدت وكأنها تتبدد في لحظة، ليبدأ رحلة معاناة جديدة وسط نظام صحي منهار، وظروف معيشية قاسية تحرمه من العلاج وفرصة السفر لإنقاذ ما تبقى من حلمه، بعد إصابته "بمصائد الموت".

يقول طه للأناضول إن لديه أشقاء من ذوي الإعاقة، وإن والده وأحد أشقائه قتلا برصاص الجيش الإسرائيلي، مضيفا أنه أصيب بطلق ناري أثناء توجهه إلى نقطة توزيع المساعدات.

وعن إصابته التي تعرض لها في أغسطس الجاري يشرح: "في البداية كانت هناك خمس دبابات أطلقت النار علينا، ثم انسحبت وسمحت لنا بالدخول عبر البوابات لأخذ المساعدات، لكنهم غدروا بنا وأطلقوا النار مجددا، ما أدى إلى إصابتي في عيني".

ويذكر أنه عقب إصابته بقي على الأرض نحو 3 ساعات ينزف، ثم نقل إلى "مستشفى العودة"، ومن ثم إلى "مستشفى شهداء الأقصى" وسط القطاع للاطلاع على حالته، وتبين فقدانه البصر.

ويشير إلى أن لحظة إصابته وصل عدد كبير من الجرحى والقتلى إلى المستشفيات، سواء قادمين من مراكز توزيع المساعدات وسط القطاع أو من مدينة رفح جنوبا.

ويقول الفتى: "مراكز التوزيع ساحة حرب، اضطررت للذهاب لأُطعم أخواتي، فالبيت في غزة بلا طعام أو شراب، والمياه ملوثة، وكل شيء غال أو غير متوفر".

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023.

** معاناة مركبة وفقدٌ متتابع

ويبين طه المقادمة أن فقدان بصره حرمه من مستقبله، إذ كان يحب الرسم ويتمنى أن يطور موهبته ليصبح مهندسا بعد إكمال دراسته.

ويضيف أنه يتمنى السفر إلى خارج قطاع غزة على أمل أن يستعيد بصره، وذلك بسبب انهيار النظام الصحي الذي دمرته إسرائيل خلال الحرب.

ويؤكد أن أماكن توزيع المساعدات غير آمنة وأنها "ساحة حرب وليست مكانا لتوزيع المساعدات"، داعيا إلى أن تتولى منظمات دولية عملية التوزيع.

ويلفت طه إلى أن حادثة إصابته لم تكن المعاناة الوحيدة التي مر بها، إذ فقد والده وشقيقه قبل نحو عام، بعدما قتلهما الجيش الإسرائيلي خلال توغله في مدينة غزة، وأجبر العائلة على النزوح جنوبا.

** أم بين الفقد والأمل

وعلى مقربة منه، تجلس والدته وهي تحمل حسرة فقدان ابنها بصره، وقبل ذلك فقدان شقيقه ووالده.

تمسك الأم - لم تذكر اسمها - ملعقة طعام بيدها وتقربها إلى فم طه بحذر، كأنها تخشى أن تزيده وجعا، فيما تراقب ملامحه الصغيرة التي غاب عنها الفرح، وعيناها الغارقتان بالدموع تتشبثان بأمل أن يعود بصره يوما ما.

تقول الأم الفلسطينية: "طفلي تلقى طلقا ناريا عندما ذهب للحصول على مساعدات، وعلى إثرها فقد عينيه".

وتضيف: "سمحوا للناس بأخذ المساعدات، لكن فجأة أطلقوا النار عليهم من الدبابات، أصيب طفلي وبقي مضرجا بدمائه ثلاث ساعات قبل أن يتم إسعافه".

وتوضح أن ذهاب طفلها للحصول على المساعدات جاء بسبب افتقادهم للطحين ومقومات العيش، وأن جميع الأطفال يتمنون الحصول على وجبة طعام.

وتلفت إلى أنها فقدت زوجها وابنها، لكن إصابة طه كانت الأشد قسوة لأن الحياة كانت أمامه، وتساءلت بحسرة: "كيف سيكمل طريقه وهو يملك موهبة الرسم؟".

وتقول والأمل يحدوها: "أملي الوحيد أن ينظروا إليه بعين الرحمة ويعرض على طبيب خارج غزة، وأتمنى أن يوفروا لنا حياة كريمة".

وفي 2 أغسطس حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أن أطفال غزة يموتون بمعدلات "غير مسبوقة" جراء الجوع وتدهور الأوضاع جراء الإبادة الإسرائيلية.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة 61 ألفا و430 شهيدا و153 ألفا و213 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك